صيام شهر رمضان واجبٌ على كل بالغٍ صحيحٍ قادر، إذ يُعفى كل من كبار السن والحوامل والمُرضعات والعليلين والمسافرين والأطفال من أداء فرض الصيام، إلّا أنه وعلى الرغم من ذلك، يرغب العديد من الأطفال بالصيام في شهر رمضان ومشاركة البالغين أجوائه.
لا تستطيع أجسام الأطفال تحمل مشقة الصيام كما البالغين، إذ لا تدعمهم مخازنهم التي ما زالت تُبنى وتنمو، فالطعام هو الوقود الذي يعزز عملية نموهم ويدعمها بالشكل الأمثل، ولقطع التزود بهذا الوقود آثار سلبية تتجلى بإعاقة عملية التطور والنمو الجسدي للطفل. لكن إن كان لديك طفل يرغب بمشاركتك صيامك في رمضان وكنت قلقاً حول مضاعفات ذلك على نموه؛ فهذا ما يجب معرفته.
ما هو العمر الذي يبدأ فيه الأطفال بصوم رمضان؟
العمر الذي يبدأ فيه الأطفال بالصوم هو العمر الذي يكتسب فيه الطفل الرشد وقوة تحمل مشقة الصيام، إذ لا يوجد عمر موحد بل يتحدد هذا العمر بفترة اكتساب القوة والقدرة البدنية، وهذا متباين بين صفوف الأطفال. بعض الأطفال ضعفاء بشكل طبيعي وآخرون أقوياء بشكل استثنائي؛ بعضهم يمتلكون من العمر 15 عاماً ولكنهم يبدون وكأنهم لم يبلغوا سوى السابعة أو الثامنة من العمر. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يملك الطفل قدرة بدنية تُعادل الـ 18 عاماً وهو لا يتجاوز الـ 15 عاماً فقط.
علمياً، تم الاتفاق على أن سن الـ 18 هو العمر الذي يكتسب فيه معظم الأطفال القدرة البدنية للصيام دون وجود أي تأثيرات سلبية تطال عملية نموهم. ومع ذلك لا يُنصح الأطفال بالصيام خلال أيام المدرسة إذ يكون لقلة الغذاء وخاصة غياب السوائل تأثير سلبي على الأداء الدراسي، الأمر الذي يقلل من تركيزهم ويزيد من احتمال حدوث الصداع والآلام المعدية لديهم خلال النهار.
كيف تبدأ تعويد الطفل على صيام رمضان؟
من الجيد البدء بتوعية الأطفال والتحدث معهم حول ماهية الصيام ومدى فائدته للصحة بين سن 7 إلى 12 سنة، كما من المهم تشجيعهم على البدء بالصيام ولعدة ساعات فقط بمجرد بلوغهم 14 عاماً، وبعد ذلك تتم زيادة عدد هذه الساعات بشكل تدريجي مع التقدم بالعمر. كما يمكن مساعدتهم على الصيام ليوم كامل في أيام عطلة نهاية الأسبوع، وذلك حتى يبلغوا سن الـ 18 وهم جاهزين للصيام من الفجر وحتّى المغرب.
تسمح هذه الطريقة التدريجية بتعويد أجسامهم على الـتأقلم مع عوز الأغذية، إذ يصبح الطفل جاهزاً نفسياً وجسدياً بين 15 و18 عاماً للصيام ومستعداً للمباشرة به بمجرد بلوغه سن الـ 18 عاماً.
لا يُحبذ البدء المفاجئ للصيام دون "إحماء الجسم وتعويده" عليه عدة مرات مسبقاً، فقد يتسبب البدء بالصيام لنهار كامل ببعض المضاعفات مثل حدوث نوبة نقص سكر الدم أو صداع مؤلم أو تعب شديد في الأيام الأولى، إذ أن انتقال الجسم من حالة "الحصول على كل متطلباته الغذائية" إلى "الانقطاع التام عنها" يفرض على أجهزة الجسم الدخول في حالة تأهب نظراً لقحط مصادر الطاقة. ولذلك يبقى الصيام التدريجي الطريق الأكثر سلاسة لتعويد الجسم دون العبث بتوازن بيئته الداخلية.
اقرأ أيضاً: دليلك الأمثل حتى لا تشعر بالجوع في رمضان
صيام الأطفال في رمضان لا يقتصر على الطعام والشراب
لا يزال بإمكان الأطفال المشاركة في صيام شهر رمضان حتّى إن كانوا غير قادرين على الامتناع عن الطعام والشراب، ولا وقت أفضل من هذا الشهر الخيّر لاستغلاله في تهذيب بعض من الجوانب السلوكية عند أطفالنا.
اقرأ أيضاً: إليك النظام الغذائي الذي سيقيك من العطش في رمضان
يمكننا البدء بأن نوضّح للأطفال وجود أشكال أخرى من الصيام كالامتناع عن استخدام اللغة البذيئة أو التعبير بطريقة غير مهذبة عن مشاعر الغضب، والاتفاق على الامتناع عن القيام بهذه الأفعال طوال فترة الصيام، بالطبع هذا ما نحاول تعليمه لأطفالنا بغض النظر عن الوقت من العام ولكن يعتبر تنوير الأطفال للتركيز بشكل أكبر على الانضباط الذاتي خلال شهر رمضان هو وسيلة جيدة لتعريفهم بهذا الشهر الخيّر.