مع قدوم فصل الصيف، نتطلع للنزهات والرحلات والاستمتاع بشمس البحر ورياضة الصباح المنعشة. هذه بعض الجوانب الجميلة للصيف، إلا أن هناك وجهاً آخر له، فعندما تقترب درجات الحرارة من 30 درجة مئوية أو تتجاوزها، تبدأ أجسامنا بالتعرق بسرعة. وعلى الرغم من أنها عملية طبيعية وحيوية، إلا أن الكثير من الناس يجدها مزعجة جداً. فما هي فوائد التعرق؟ وكيف نخفف التعرق المفرط المزعج في الصيف؟
ما هو التعرق؟
التعرق هو نظام تكييف طبيعي في الجسم، واستجابة حيوية من الجسم لارتفاع درجة حرارته إلى أكثر من 37 درجة مئوية، كما يحدث لدى النشاط البدني المكثف، وفي حرارة الصيف. يحاول الدماغ تنظيم درجة حرارة الجسم في الجزء المسمى بالوطاء، إذ يرسل تعليماته إلى الغدد العرقية المتوزعة في الجسم لتبدأ بالتعرق.
العرق هو السائل الذي تفرزه الغدد العرقية إلى سطح الجلد عبر المسام، ويتكون في معظمه من الماء، مع نسبة ضئيلة لا تتجاوز 1% من مواد كيميائية كالأمونيا واليوريا وبعض الأملاح والدهون. عندما تلامس قطرات العرق الهواء فإنها تتبخر، فتُسحب الحرارة اللازمة للتبخير من حرارة الجسم فيبرد.
أكثر مناطق الجسم تعرقاً هي:
- الإبطان.
- الوجه.
- راحتا اليدين.
- أخمص القدمين.
اقرأ أيضاً: ما هو المنشأ الحقيقي لروائح التعرق الكريهة؟
أسباب التعرق ؟
يحدث تعرق الجسم بشكل يومي وبكميات طبيعية، وينتج عن مجموعة من الأسباب، من ضمنها:
- ارتفاع درجات الحرارة، كما يحدث في فصل الصيف.
- الضغط العاطفي، كمشاعر الغضب والخوف والخجل والقلق.
- بعض أنواع الأغذية التي تحفز إفراز العرق كالأطعمة الحارة، والمشروبات المحتوية على الكافيين (القهوة والشاي والمشروبات الغازية).
- أسباب مرضية كالحمى والسرطان والعدوى وانخفاض مستوى السكر في الدم.
- تقلبات هرمونية كما يحدث في سن اليأس عند النساء.
اقرأ أيضاً: 8 نصائح تساعدك في التغلب على حرارة الصيف
فوائد التعرق
بالإضافة إلى عملية التكييف والتبريد الطبيعي التي تؤديها عملية التعرق، فإن لها أيضاً فوائد أخرى، من أهمها:
1. التعرق للتخلص من السموم
تباينت الآراء حول دور التعرق في تخليص الجسم من السموم، إلا أن الدراسة الصينية التي نُشرت في دورية "أبحاث علوم البيئة وبحوث التلوث" (Environmental Science and Pollution Research)، أشارت إلى انخفاض نسبة المعادن الثقيلة عند الأشخاص الذين يتمرنون بانتظام ويتعرقون. كما ارتفعت نسبة المعادن الثقيلة في العرق مقارنة بالبول. كذلك الأمر بالنسبة لبعض المواد الكيميائية الصناعية التي تدخل الجسم مثل:
- مادة "بيسفينول أ" BPA، التي تنتج عن صناعة البلاستيك وبعض المواد الراتنجية، والتي قد تتسبب بمشكلات صحية خطيرة على الدماغ.
- مركبات ثنائي فينيل عديدة الكلور الصناعية ذات التأثيرات الصحية الخطرة.
اقرأ أيضاً: هل أنت مذعور من المعادن الثقيلة الموجودة في طعامك؟
2. الشعور بالسعادة وتقليل التعب من فوائد التعرق
يترافق مع التمرينات الرياضية تعرق الجسم الشديد، حيث أشارت الدراسة التي نُشرت في دورية "بيولوجي ليترز" (Biology Letters)، إلى أنه يمكن للتمارين الرياضية الجماعية أن تزيد من إفراز هرمون الأندروفين؛ ما يمنح الشعور بالسعادة، ويقلل من الشعور بالتعب ويساعد على أداء التمارين الرياضية.
3. يقلل التعرق من حصوات الكلى
يخلص التعرق الجسم من نسبة من الأملاح، ويساعد على تقليل كمية الكالسيوم والأملاح المترسبة في الكلى، والتي تسبب تشكل الحصوات فيها.
4. من فوائد التعرق دعم صحة القلب
في الدراسة الفنلندية التي نُشرت في دورية "جاما انتيرنل ميديسن" (Jama Internal Medicine)، تبين أن التعرق المنتظم يخفض معدل الموت القلبي المفاجئ، وأمراض القلب التاجية القاتلة والأوعية الدموية.
اقرأ أيضاً: كيف تعزز الرياضة من صحة العضلة القلبية؟ وما خصوصية ممارستها عند مرضى القلب؟
5. يحمي التعرق من الإصابة بالأمراض
يحمي التعرق من الإصابة بالسل وبعض الأمراض الخطيرة، هذا ما أفادت به أخصائية الأمراض الجلدية الطبيبة "ديان دي فيوري" (Diane De Fiori)، حيث أشارت الطبيبة الجلدية في عيادة روسيكا العلاجية في ميلبورن إلى أن العرق يحتوي على ببتيدات مضادة للميكروبات، حيث تجذب الببتيدات ذات الشحنة الموجبة البكتيريا السالبة الشحنة، وتخترق أغشيتها وتفككها.
6. فوائد التعرق للبشرة
يساهم التعرق الطبيعي في تفتيح المسام وتحرير ما يتراكم فيها من مواد وأوساخ قد تسبب ظهور البثور وحب الشباب، إلا أن حالات التعرق المفرط تعرض صاحبها للإصابة بالثآليل.
فرط التعرق
بينما تعد ظاهرة التعرق عملية طبيعية وحيوية في جسم الإنسان، إلا أن زيادة إفراز العرق عن الحد الطبيعي قد يكون مزعجاً ويسبب مشكلات صحية، علاوة على المشكلات النفسية والإحراج الملازم للمصاب به، وتُعرف هذه الحالة بفرط التعرق (Hyperhidrosis). ينتج فرط التعرق عن عدة أسباب، وبناءً عليه هناك نوعان لفرط التعرق:
- فرط التعرق البؤري: هو اضطراب وراثي ينتج عن طفرة جينية، ويصيب منطقة الإبطين والقدمين والرأس فقط. غالباً ما يبدأ بعمر مبكر قبل سن الـ 25.
- فرط التعرق العام: يحدث كنتيجة لبعض الحالات المرضية مثل مرض باركنسون، واضطراب الغدة الدرقية والالتهابات. كما قد يحدث بتحفيز من بعض الأدوية مثل النابروكسين ومكملات الزنك. وغالباً ما يصيب البالغين.
علاج فرط التعرق
هناك العديد من الخيارات المطروحة لعلاج حالة فرط التعرق ومن بينها:
- مضادات التعرق المحتوية على الألمنيوم، والتي تعمل على سد الغدد العرقية. ولا تحتاج إلى وصفة طبية، إلا أنها قد تسبب تهيج الجلد.
- تناول الأدوية الفموية المعيقة للتعرق مثل مضادات الكولين (غليكوبيرولات وأوكسي بوتينين)، أو حاصرات بيتا، أو الأدوية المضادة للاكتئاب.
- مناديل طبية قماشية مخصصة للاستخدام اليومي تحتوي على الغليكوبيرونيوم توزيلات، يمكنها أن تقلل من التعرق.
- الرحلان الشاردي: وهو مغطس مائي موصول بجهاز خاص يصدر تياراً كهربائياً منخفضاً، بحيث يمر التيار عبر القدمين واليدين بما يسمح بسد الغدد العرقية بتكرار العلاج. تستمر الجلسة الواحدة ما بين 10-20 دقيقة.
- حقن البوتوكس: يساعد حقن سم البوتيولينيوم (البوتوكس) في العصب المحفز لإفراز العرق في شلله لعدة أشهر.
- العلاج بالموجات الدقيقة: وهو جهاز يدعى (MiraDry)، يوصل بالمنطقة المصابة بفرط التعرق ويبث طاقة حرارية تدمر الغدد العرقية بشكل نهائي.
- الجراحة للحالات المتقدمة والحرجة: حيث تتضمن إزالة الغدد العرقية أو قطع العصب الذي ينقل الرسائل للغدد العرقية.
- تغييرات نمط الحياة: كالاستحمام أو الغسيل والتنظيف المتكرر للمنطقة المصابة بفرط التعرق، وبارتداء الملابس الفضفاضة التي تسمح للعرق بالتبخر.
اقرأ أيضاً: هل تؤدي مزيلات رائحة العرق إلى الإصابة بالسرطان؟
رائحة العرق المزعجة
يحتوي الجسم على نحو 3 ملايين غدة عرقية، تفرز جميعها العرق بشكل طبيعي، وتقُسم إلى نوعين رئيسيين، هما:
- الغدد العرقية الناتحة: تنتشر في جميع أنحاء الجسم وتفرز عرقاً عديم الرائحة.
- الغدد العرقية المفترزة: توجد في بصيلات الشعر في كل من فروة الرأس والإبطين والفخذ، وتُفرز عرقاً يحتوي على الدهون.
عادة ما يكون العرق عديم الرائحة، إلا أنه يمكن لبكتيريا الجلد الطبيعية أن تفكك الدهون في العرق إلى مواد ذات رائحة ينتج عنها الرائحة الكريهة للعرق. للتخلص منها يكفي الاستحمام اليومي للمحافظة على نظافة المنطقة من الدهون، أو استخدام مضادات التعرق لمنع التعرق الزائد، وتجنب الأغذية الحارة والغنية بالتوابل التي تزيد من محتوى الدهون في العرق.
اقرأ أيضاً: هكذا تمنع رائحة العرق من الانتشار إن كنت تتمرن في المنزل
إذاً، قد لا يكون التعرق محبباً إلا أنه لا يستوجب القلق أو الانزعاج. ولكن على الرغم من فوائده الصحية، يعاني المصابون بفرط التعرق من المواقف المحرجة التي تسبب مشكلات نفسية أكثر إزعاجاً من رائحة العرق الكريهة، لذا لا بد لهم استشارة الطبيب المختص لوضع حد لمعاناتهم.