ملخص: يُعدّ صداع الرأس تجربة مؤلمة قد تحدث نتيجة عدة أسباب تتضمن التوتر، وقلة النوم أو النوم المفرط، والجفاف، وبعض الأطعمة، أو قد يشير إلى بعض الأمراض الكامنة. يُصنَّف الصداع إلى نوعين: أولي مثل الصداع النصفي والصداع التوتري، وثانوي مثل صداع الجيوب الأنفية. لكن توجد بعض الحلول المنزلية لتخفيف الصداع تشمل الراحة في مكان هادئ، وشرب الماء، ووضع كمادات، وتجنب مضغ العلكة، وتناول الزنجبيل، وممارسة تمارين الاسترخاء، وتناول بعض المكملات الغذائية. لكن يجب زيارة الطبيب إذا لم تنجح الحلول المنزلية، أو صاحَب الصداع أعراض أخرى مثل الحمى، وتيبس الرقبة، والغثيان، وصعوبة النطق، أو ازدواج الرؤية، أو كان الصداع شديداً ومفاجئاً أو متكرراً.
هل تساءلت يوماً عن سبب ذلك الألم المفاجئ الذي يُصيب رأسك؟ يُعدّ ألم الرأس أو الصداع تجربة مؤلمة ومنهكة يعانيها الكثيرون، إذ قد يشعر المرء بعدم الراحة، وقد تزداد شدة الألم إلى درجة لا يستطيع معها الشخص الحركة. وقد تستمر نوبة الصداع من دقائق معدودة إلى أيام متواصلة. وعلى الرغم من أن الصداع يمكن أن يُعدّ استجابة طبيعية لضغوط الحياة اليومية، فقد يشير إلى وجود مشكلة صحية كامنة تستدعي الرعاية الطبية.
في هذا المقال، نستكشف الأسباب المحتملة وراء هذه النوبات المؤلمة، وأشهر أنواع الصداع، بدءاً من الصداع النصفي المنهك، وصولاً إلى صداع التوتر الشائع، ونقترح مجموعة من الحلول الفعّالة لتخفيف وطأة الصداع، بدءاً من العلاجات المنزلية البسيطة، مروراً بالاستراتيجيات الوقائية، ونتعرف إلى الأعراض المنذرة التي تستلزم التدخل الطبي.
اقرأ أيضاً: التهاب عضلات الرقبة: السبب الخفي وراء الصداع الشائع فماذا تعرف عنه؟
ما هو ألم الرأس المفاجئ؟ وما هي أسبابه؟
يُعدّ ألم الرأس المفاجئ أو الصداع (Cephalalgia) تجربة مزعجة قد تعوق رفاهية الفرد الصحية والنفسية، إذ يمكن أن يستمر الصداع مدة 30 دقيقة أو بضع ساعات أو عدة أيام في بعض الأحيان. تتعدد أسباب الصداع؛ إذ قد ترجع إلى مرور الشخص بضغوطات نفسية وحياتية، سواء في العمل، أو العلاقات، أو مشكلات مالية مثلاً. وقد تزيد عوامل البيئة المحيطة احتمالية الإصابة بالصداع وتتضمن الأضواء الساطعة، والروائح القوية، والدخان، والتغيرات في الطقس. كذلك قد تتسبب أي تغييرات في نمط الحياة مثل مشكلات النوم، أو تخطي الوجبات، وكذلك تقلبات الهرمونات، في الشعور بالصداع.
قد يشير الصداع إلى مجموعة متنوعة من المشكلات الكامنة، التي تختلف بحسب شدتها ومستوى خطورتها. يساعد التعرّف إلى نوع الصداع والأعراض المصاحبة له على إدارة أعراضه والتدخل الطبي في الوقت المناسب. بصفة عامة، تُصنّف نوبات الصداع المفاجئة إلى قسمين:
- أنواع أولية: مثل الصداع النصفي والصداع التوتري والصداع العنقودي. يُعدّ الصداع النصفي، الذي يتميز بألم شديد نابض، من بين أكثر أنواع الصداع الأولية شيوعاً، والذي قد يصبح منهكاً، وغالبا يصاحبه شعور بالغثيان وحساسية تجاه الضوء. بينما يكون الصداع التوتري أخف حدة عادة، ويوصف بأنه حزام ضيق حول الرأس، ويرتبط بالإجهاد والتعب. ويُعرف الصداع العنقودي، على الرغم من ندرته، بألمه الشديد الذي يحدث دورياً، ما يؤثّر في الحياة اليومية على نحو كبير.
- أنواع ثانوية: إذ قد ترجع أسباب الصداع إلى وجود مشكلات صحية كامنة، بما في ذلك التهابات الجيوب الأنفية، أو حالات أكثر خطورة مثل التهاب السحايا أو تمدد الأوعية الدموية الدماغية، وهي حالات تتطلب عناية طبية فورية إذا تفاقمت الأعراض.
اقرأ أيضاً: التهاب عضلات الرقبة: السبب الخفي وراء الصداع الشائع فماذا تعرف عنه؟
ما الذي يمكنك فعله إذا داهمك صداع مفاجئ؟
على الرغم من أن الصداع من أكثر الشكاوى الصحية شيوعاً، لكن لحسن الحظ يوجد العديد من العلاجات البسيطة والفعّالة التي يمكنك تجربتها قبل اللجوء إلى الأدوية:
- استرح في مكان هادئ ومظلم: حاول الحصول على قيلولة قصيرة مدة 20-30 دقيقة في مكان هادئ ومُظلم؛ حيث يمكن للأضواء الساطعة أو الوامضة، بما في ذلك ضوء شاشة الحاسوب والتلفاز، أن تجهد العينين خاصة عند التعرض إليها فترة طويلة، ما قد يؤدي إلى تفاقم الصداع، خاصةً الصداع النصفي. لكن قد يسهم تقليل المدخلات الحسية مثل الضوء الساطع والضجيج في تخفيف أعراض الصداع. إذا تعذر الحصول على قيلولة، عتِّم الغرفة أو ارتدِ نظارات شمسية في الداخل.
- اشرب الماء وتناول وجبة خفيفة: يُعدّ الجفاف من الأسباب الشائعة للصداع، لذا اشرب كمية كافية من الماء والسوائل الأخرى على مدار اليوم، خاصةً إذا كنت تمارس الرياضة أو تعيش في بيئة حارة. كذلك، يمكن أن يؤدي انخفاض نسبة السكر في الدم بسبب الجوع إلى حدوث الصداع. لذلك، احرص على تناول وجبات منتظمة وصحية، واحتفظ بوجبات خفيفة صحية في متناول يدك.
- ضع كمادات: تساعد الكمادات الباردة على تضييق الأوعية الدموية، ما يخفف التهاب الأعصاب ويقلل الألم، خاصة إذا كنت تشك في إصابتك بالصداع النصفي. يمكنك وضع كيس من الخضروات المجمدة أو مكعبات الثلج الملفوفة بمنشفة على جبهتك أو صدغيك مدة 15 دقيقة. على الجانب الآخر، قد يكون استخدام كمادة دافئة على رقبتك أو الجزء الخلفي من رأسك أكثر فاعلية؛ إذ تساعد الحرارة على استرخاء العضلات المتوترة التي تسهم في حدوث الصداع، خاصة الصداع التوتري. لذا، استخدم وسادة التدفئة أو ضع زجاجة الماء الدافئ على رقبتك وكتفيك مدة 15-20 دقيقة.
- خفف الضغط: يمكن أن يؤدي جذب الشعر إلى الوراء بقوة في شكل ذيل حصان أو ضفائر إلى حدوث "صداع الضغط الخارجي" (External Compression Headache). فك شعرك، ولاحظ إذا كان ذلك يُخفف الألم. وتأكد من أن القبعات، وعصابات الرأس، ونظارات السباحة ليست ضيقة على نحو زائد، لأنها قد تسبب ضغطاً حول الرأس.
- تجنّب المضغ: يمكن لحركة الفك المستمرة في أثناء مضغ العلكة أو قضم الأظافر أن تُجهد عضلات الفك، ما يسهم في حدوث الصداع التوتري. لذا تجنّب مضغ العلكة، وقضم أظافرك، أو قضم أشياء أخرى مثل الأقلام.
- تناول الكافيين والزنجبيل: يمكن للكافيين أن يخفف بعض أنواع الصداع، خاصة الصداع النصفي والصداع الناتج عن انسحاب الكافيين، وذلك عن طريق تضييق الأوعية الدموية. لذا تناول كوباً من القهوة أو الشاي عند الشعور ببدء نوبة الصداع، لكن تذكر أن الإفراط في تناول الكافيين يمكن أن يفاقم الصداع. على الجانب الآخر، يحتوي الزنجبيل على خصائص مضادة للالتهابات ومسكنة للألم. لذا جرّب إضافة الزنجبيل الطازج إلى طعامك أو مشروباتك، أو تناول مكملات الزنجبيل.
- تمدد أو قم بالتدليك: مارِس تمارين تمدد بسيطة للرقبة والكتفين والظهر، ويمكن أن يساعدك تدليك جبهتك وصدغيك وفروة رأسك ورقبتك وكتفيك بلطف على تخفيف توتر العضلات وتقليل الألم، أو جرّب الحصول على جلسة تدليك احترافية من معالج تدليك مؤهل.
- تنفس بعمق ومارِس تمارين التأمل والاسترخاء: يمكن أن تساعدك ممارسة التأمل والتخيل الموجه وتمارين التنفس العميق على تعزيز استرخاء الجسم وتحسين التركيز وتقليل التوتر. لذا أغمض عينيك، وحاول التنفس بعمق وببطء. ومن ثَمَّ تخيل مكاناً هادئاً ومريحاً، وحافظ على التركيز على أنفاسك وأفكارك. وأرخِ عضلاتك تدريجياً ابتداءً من أعلى الجسم إلى أسفله، عن طريق شد مجموعة العضلات المختلفة في منطقة معينة بجسمك ثم إرخائها لتقليل التوتر.
- تناول المكملات الغذائية: قد تساعد بعض المكملات الغذائية مثل المغنيزيوم على استرخاء العضلات ومنع تضييق الأوعية الدموية. ويمكن أن يقلل الريبوفلافين (فيتامين ب 2) وتيرة الصداع النصفي وشدته، كذلك قد يسهم الإنزيم المساعد Q10 (CoQ10) على تحسين وظيفة الميتوكوندريا، المسؤولة عن إنتاج الطاقة بالجسم، ما قد يُقلل الصداع النصفي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يحسّن الميلاتونين جودة النوم، ويقلل الالتهاب، ويعزز وظيفة المواد الكيميائية في الدماغ التي تمنع إشارات الألم، ما يقلل تواتر الصداع النصفي.
- استخدم الزيوت الطبيعية: يمكن لرائحة زيت اللافندر أن تساعدك على الاسترخاء وتقلل القلق. جرّب وضع بضع قطرات من زيت اللافندر على منديل واستنشقه، أو أضف بضع قطرات إلى حوض الاستحمام الدافئ. كذلك، يحتوي زيت الكافور أو الأوكاليبتوس Eucalyptus على خصائص مضادة للالتهابات ومزيلة للاحتقان. لذا، ضع بضع قطرات من زيت الكافور على منديل واستنشقه، أو أضف بضع قطرات إلى وعاء ماء ساخن لاستنشاق البخار، ما يخفف صداع الجيوب الأنفية. علاوة على ذلك، يمكن أن تساعد الأوراق المجففة لنبتة الأقحوان (Feverfew) أو مستخلصاتها على تقليل وتيرة الصداع النصفي وشدته.
- تناول المسكنات المتاحة دون وصفة طبية: يمكنك تناول مسكنات الألم المتاحة دون وصفة طبية، مثل الإيبوبروفين أو الباراسيتامول.
اقرأ أيضاً: نصائح للتغلب على نوبات الصداع في المنزل
ما الذي يمكن القيام به لتجنب الصداع المفاجئ؟
يمكن للتغييرات في نمط الحياة، وتجنب محفزات الصداع أن يخفف وتيرة الصداع، أو يمنعه عن طريق الاستراتيجيات التالية:
- تناول غذاء صحي ومتوازن وبانتظام: تناول وجبات صحية ومتوازنة وعلى فترات منتظمة. إذ يمكن أن يؤدي تخطي وجبات الطعام إلى الصداع. وتجنب المشروبات المُحلّاة صناعياً والأطعمة التي قد تزيد الصداع وتشمل الشوكولاتة، والجبن المعتقة، والأطعمة المُصنّعة، أو التي تحتوي على الغلوتامات أحادية الصوديوم (Monosodium glutamate)، أو ما يُعرف بـ "الملح الصيني" وهي مادة معززة للنكهة. وإذا كنت تتناول أدوية مثبطات الأوكسيداز الأحادي الأمين (MAOIs)، لتخفيف أعراض الاكتئاب، فتجنّب تناول الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على مادة التيرامين مثل النبيذ الأحمر، والأفوكادو؛ حيث ينظّم التيرامين ضغط الدم، ويتخلص إنزيم الأوكسيداز الأحادي الأمين من التيرامين الزائد في الجسم. وعند حجب المثبطات هذا الإنزيم، قد ترتفع مستويات التيرامين في الجسم، وقد تصل إلى معدلات خطيرة، ما يسبب ارتفاع ضغط الدم عند بعض الأشخاص.
- مارِس الرياضة بانتظام: تخفف ممارسة التمارين الرياضية بانتظام التوتر وتحسّن الدورة الدموية، ما يمكن أن يقلل احتمالية حدوث الصداع.
- حافظ على جدول نوم منتظم: قد يؤدي عدد ساعات النوم القليلة أو الزائدة إلى الإصابة بالصداع. لذا، احرص على الحصول على قدر كافٍ من النوم نحو 7 إلى 8 ساعات، مع مراعاة النوم والاستيقاظ في مواعيد منتظمة.
- تحديد محفزات الصداع: يمكن أن تساعدك معرفة محفزات الصداع على تجنبها. لذا حدد مسببات الصداع المحتملة مثل التوتر، ووضعية الجسم غير الصحيحة. على سبيل المثال، قد يسبب الجلوس بطريقة خاطئة فترة طويلة إجهاد عضلات الرقبة، ما قد يؤدي إلى الصداع. ومن ثَمَّ، احتفظ بسجل خاص أو مفكرة يومية لتدوين أوقات حدوث الصداع، وتسجيل الأطعمة والمشروبات والأنشطة والضغوطات والعوامل البيئية التي قد تسهم في حدوثه. من جانبه، ينصح استشاري جراحة المخ والأعصاب، أحمد الغيطي، المدخنين بالإقلاع عن التدخين من أجل الحفاظ على مستوى الكوليسترول، لتقليل خطر الإصابة بالمشكلات المتعلقة بانسداد الأوعية، أو تعرضها إلى التمزق.
اقرأ أيضاً: 5 أطعمة على المصابين بالصداع النصفي الحذر منها
ماذا تفعل إذا لم يتحسن الألم على الرغم من الطرق السابقة؟
إذا لم يتحسن الصداع مع العلاجات المنزلية، أو استمر على الرغم من تناول مسكنات الألم، أو إذا تكرر فترات طويلة، فاستشر مقدم الرعاية الطبية لتقييم الحالة الصحية.
وإذا كان الصداع مصحوباً بأعراض إضافية مثل الحمى والغثيان والقيء وتيبس الرقبة والطفح الجلدي والارتباك والنوبات أو صعوبة في النطق أو ازدواج الرؤية، أو حساسية تجاه الأصوات والضوء، أو التنميل أو بعد إصابة في الرأس، أو إذا كنت تعاني صداعاً شديداً ومفاجئاً، أو قبل الدورة الشهرية أو في أثنائها، فاطلب العناية الطبية الفورية؛ إذ قد يكون ذلك علامة على حالة أكثر خطورة تتطلب رعاية عاجلة.
واتصل بمقدم الرعاية الطبية الطارئة، إذا كان طفلك أقل من 12 عاماً ويعاني صداعاً يوقظه في أثناء الليل، أو يشعر بالصداع عند الاستيقاظ في الصباح، أو يزداد الصداع سوءاً تدريجياً، أو يحدث أو يتفاقم بسبب السعال أو العطس أو الانحناء، أو الصداع المصحوب بقيء أو حَوَل في العينين أو عدم القدرة على النظر إلى الأعلى.