كيف يؤثر الضجيج على السمع وكيف يمكنك الوقاية من أضراره؟

كيف يؤثر الضجيج على السمع وكيف يمكنك الوقاية من أضراره؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ SvetaZi

هل سبق لك أن ذهبت إلى السينما أو حفل لموسيقى صاخبة وشعرت بالارتفاع الهائل لمستوى الصوت؟ قد لا تدرك ذلك في أثناء حدوثه، لكن التعرّض المستمر للأصوات العالية في هذه الأماكن يمكن أن يضر بسمعك.

آذان البشر حساسة جداً للضوضاء العالية. حتى التعرّض للأصوات العالية الشدّة (أي شدّة تتجاوز 132 ديسيبل) لفترة قصيرة جداً يمكن أن يتسبب بالفقدان الدائم للسمع لدى البعض. ويصحّ ذلك حتى لو ارتفع الصوت بسرعة لفترة قصيرة؛ إذ يمكن أن يتسبب صوت انفجار طلقة نارية واحدة أو الألعاب النارية بالضرر المباشر للأذن.

حتى الأصوات ذات الشدّة الأدنى، نحو 85 ديسيبل، يمكن أن تؤذي الأذن إذا سُمعت لفترات طويلة من الزمن. على سبيل المثال، الاستماع إلى جزّازة العشب لـ 8 ساعات يومياً يمكن أن يعرّض لخطر فقدان السمع.

ببساطة، كلما ارتفعت شدّة الصوت، أصبحت فترات التعرّض الآمن أقصر. وسواء كان الصوت صادراً عن الأفلام أو الحفلات الموسيقية أو الألعاب النارية أو جزازات العشب، يعاني نحو 40 مليون أميركي مشكلات في السمع نتيجة التعرّض للضوضاء العالية. المؤسف هو أنه كان بالإمكان الوقاية من هذه المشكلات.

اقرأ أيضاً: هل يؤثر صوت التشجيع والضوضاء في الملعب على الأذن وكيف تحمي نفسك منه؟

كيف يحدث التلف في السمع؟

بصفتي اختصاصياً في السمع وعالماً يدرس فقدان السمع، أقضي الكثير من الوقت في التحدّث مع مرضاي وعوام الناس حول كيفية الحفاظ على حاسة السمع لديهم مدى الحياة.

ما لا يعرفه الكثيرون هو أن التعرّض للأصوات العالية يمكن أن يؤدي إلى تلف الخلايا الشعرية الصغيرة في الأذن الداخلية بمرور الوقت. تتحسّس هذه الخلايا الصوت وتحوّله إلى نبضات عصبية تنتقل إلى مراكز السمع في الدماغ.

يمكن أن تتسبب إصابات الأذن الناجمة عن التعرّض للصوت العالي بالصعوبة في السمع وانخفاض القدرة على تحمّل الأصوات العالية (حالة معروفة أيضاً باسم احتداد السمع) وطنين الأذن (وهو سماع صوت رنين مستمر في الأذنين).

أعتقد أن التعرّض للضوضاء بهدف الترفيه هو مصدر خطر مقلق بصورة خاصة. على الرغم من أننا نفكّر عادةً في الأضرار المحتملة الناجمة عن الضوضاء العالية في المصانع أو مواقع البناء أو أماكن العمل الصاخبة الأخرى، تقدّر مراكز السيطرة على الأمراض ومنع انتشارها أن 53% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و69 عاماً الذين يعانون فقدان السمع بسبب الضوضاء العالية يبلّغون عن أنهم لم يتعرّضوا للضوضاء في أماكن العمل.

يعني ذلك أن هؤلاء الأشخاص يختارون ممارسة الهوايات أو الأنشطة الترفيهية الصاخبة دون أن يدركوا مخاطرها. لا يقتصر الأمر على الأفلام والحفلات الموسيقية والأحداث الرياضية فحسب؛ إذ تمثّل الأدوات الكهربائية والدراجات النارية وسيارات الطرق الوعرة والأسلحة الناريّة خطراً على الأذن أيضاً.

اقرأ أيضاً: ما أسباب طنين الأذن عند النوم أو الاستلقاء؟

الحفلات الموسيقية والأفلام

تتجاوز شدّة الصوت في الحفلات الموسيقية 105 ديسيبل عادة، وتمتد فترة التعرّض الآمن للصوت فيها إلى نحو 4 دقائق فقط. يمكن أن يكون بعض الحفلات أكثر صخباً أيضاً. وتستمر هذه الأصوات ذات الشدّات المرتفعة عادة فترات طويلة من الزمن قد تصل إلى ساعتين أو 3 ساعات. من الواضح أن ذلك يعرّض المستمعين إلى خطر فقدان السمع. وينطبق الأمر نفسه على الأحداث الأخرى القائمة على الموسيقى، مثل حفلات النوادي الليلية.

يمكن أن تتجاوز شدّة الصوت في دور السينما 100 ديسيبل، على الرغم من أن هذه الشدّة لا تدوم فترات طويلة من الزمن. عموماً، لا يتعرّض معظم الأشخاص إلى الخطر بسبب مشاهدة الأفلام في السينما، على الرغم من أن العديد من رواد السينما قد يشعرون أن بعض الأصوات الأعلى مزعج، مثل الموسيقى أو المؤثرات الصوتية المبالغ فيها، فضلاً عن أصوات الانفجارات وطلقات الرصاص. يمكن أن تؤدي مشاهدة الأفلام لفترة مطوّلة، مثل مشاهدة فيلمين واحداً تلو الآخر، إلى زيادة الخطر الذي يتعرّض له المشاهد.

طرق الوقاية

يمكنك استخدام أحد تطبيقات مقاييس الصوت لتقدير شدّة الصوت في الوسط المحيط، ما سيساعدك على أن تقرر إن كنت بحاجة إلى حماية سمعك.

بالنسبة لأجهزة آيفون، يمكنك تحميل تطبيق نايوش إس إل إم (NIOSH SLM) الذي يعد فعالاً، ويعد تطبيق ديسيبل إكس (Decibel X) المخصص لنظام التشغيل أندرويد مناسباً. تحتوي أجهزة آبل واتش على تطبيق مخصص للضوضاء مثبّت مسبّقاً يحمل اسم نويز (Noise).

إليك بعض النصائح الأخرى التي يمكنك اتباعها لحماية أذنيك:

أولاً، إذا كنت قادراً على التحكم في مستوى الصوت، فاحرص على خفضه. عند استخدام سماعات الرأس، استخدم قاعدة الـ 80-90، التي تنص على أنه يمكنك الاستماع إلى الأصوات بمستوى 80% من الحد الأقصى مدة 90 دقيقة يومياً. يتيح لك خفض المستوى الاستماع فترة أطول، في المقابل يقصّر رفعه هذه الفترة.

اقرأ أيضاً: 8 طرق يؤثّر فيها التلوث الضوضائي في التركيز والسمع

إذا لم تكن قادراً على التحكم في مستوى الصوت، فابتعد عن مصدره. على سبيل المثال، يزيد غالباً مستوى الضوضاء الذي تتعرّض له عند الوقوف بجوار مكبّرات الصوت الكبيرة في حفل موسيقي مقارنة بالوقوف في وسط الجمهور. تخصيص فترات للاستراحة من الاستماع مفيد أيضاً، وكذلك الأمر بالنسبة لاستخدام واقيات الأذن. على الرغم من أن سدّادات الأذن المصنوعة من الرغوة أو المطاط فعالة، فإنها تحجب الترددات العالية، ما يؤدي إلى كتم الصوت أحياناً. لكن سدادات الأذن المتخصصة مصممة لخفض مستوى الموسيقى الصاخبة دون كتم الصوت. مع ذلك، واقيات الأذن هي الخيار الأسهل والأكثر أماناً بالنسبة للأطفال عادة.

تؤدي الإصابات الناجمة عن الصوت العالي إلى شيخوخة الأذن المبكرة. قد تتمتّع أذنا شخص يبلغ من العمر 30 عاماً تعرضتا للتلف بسبب الصوت العالي بقدرة على السمع تساوي تلك التي تتمتّع بها أذنا شخص يبلغ من العمر 50 عاماً. تذكّر، فقدان السمع قابل للوقاية إلى حد كبير. ويمكن أن يساعدك اتخاذ الإجراءات الآن على حماية سمعك والحفاظ عليه مدى الحياة.

المحتوى محمي