لماذا تؤلمنا الإصابات السابقة عند الشعور بالبرد؟ وكيف يمكن التعامل معها؟

3 دقيقة
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: عبدالله بليد.

يشكو كثير من الناس من الآلام في أماكن الإصابات القديمة عند انخفاض درجات الحرارة وبدء طقس الشتاء، فهل هذا مجرد وهم لدى فئة من الأشخاص أم أنه شعور حقيقي له سبب طبي؟

اقرأ أيضاً: البرد سبب كل علّة: ما صحة هذه المقولة من الناحية الطبية؟

 لماذا تؤلمنا الإصابات السابقة عند الشعور بالبرد؟

كان أبقراط اليوناني أول من لاحظ هذه الأحاسيس الغريبة التي تربط البرد مع الألم منذ أكثر من 2400 عام، ولا تزال هذه الظاهرة محل اختلاف علمي، وتشير الأدلة العلمية لحدوث هذه الظاهرة إلى انخفاض ​​الضغط في الغلاف الجوي، حيث يسبب هذا الانخفاض في الشتاء شعور الجسم بوجود تغيير بالضغط خارجه وتتمدد الغازات والسوائل الموجودة داخل الجسم، وعلى الرغم من أن التغيرات بهذا التمدد تعد قليلة، لكنها كافية لتهييج النهايات العصبية، ما يسبب عدم الراحة وتنبيهاً عصبياً يفسره الدماغ على أنه ألم.

عند التعرض لإصابة مثل الكسور أو الرضوض أو تمزق الأربطة، لا تلتئم الأعصاب على نحو صحيح، ويبقى بها تلف لا يمكن الكشف عنه باستخدام التصوير، ويكون مجهرياً، وعندما تتغير مستويات السوائل وتتمدد الغازات في المفاصل، فإنها تشكل ضغطاً إضافياً على المنطقة التي تعرضت للإصابة سابقاً، ما ينبه النهايات العصبية المتضررة وترسل إشارة للدماغ، وقد تكون هذه الإشارة العصبية قوية أو ضعيفة، وتبعاً لشدة الإشارة يشعر الشخص بالألم.

تشمل التفسيرات العلمية الأخرى لهذه الظاهرة ما يلي:

  • تضيق الأوعية الدموية: بسبب انخفاض الحرارة بالقرب من سطح الجلد للحفاظ على الحرارة الداخلية للجسم، وقد تؤدي هذه الظاهرة إلى شد العضلات وتيبسها، ما يؤثر في مرونة المفاصل والراحة الجسدية عموماً، وهذا يسبب تلقي العضلات كمية أقل من الأوكسجين والمغذيات، ما يؤدي إلى زيادة التعب وزيادة قابلية الشعور بالألم.
  • تصلب الأنسجة الندبية: وهي الأنسجة التي تتشكل في مكان التئام الجروح، وتصبح هذه الأنسجة أقل مرونة في البرد، وبالتالي زيادة شد الجلد حول المنطقة المصابة سابقاً، والشعور بالألم عموماً.
  • زيادة شدة الالتهابات: يسبب انقباض الأوعية الدموية احتجاز المواد المسببة للالتهاب في المنطقة المصابة التي تكون الأوعية الدموية المرممة بها أقل كفاءة في نقل الدم بسلاسة، ويسبب ذلك زيادة الشعور بالألم نتيجة تجمع هذه المواد الالتهابية وتنبيهها الأعصاب الموجودة في المنطقة المصابة.
  • قلة الحركة: قد يسبب الجلوس على الأريكة ساعات لمشاهدة الأفلام تفادياً من برد الشتاء خارج البيت، تيبساً في المفاصل وزيادة في ألم الإصابات السابقة.

اقرأ أيضاً: ما الأمور التي يمكن أن تساعدك على جبر الكسور بسرعة؟

طرق تقليل تأثير البرد في الإصابات القديمة

تشمل أبرز طرق تخفيف أثر البرد في الإصابات القديمة ما يلي:

  • ارتداء ملابس سميكة: يساعد ارتداء طبقات من الملابس المصنوعة من الصوف، وخاصة فوق المناطق التي تعرضت إلى إصابات سابقة، على تقليل خطر الإصابة بالألم المرتبط بالبرد.
  • ممارسة التمارين الرياضية والإحماء: يسهم الالتزام بالتمارين الرياضية الخفيفة والتمدد في الحفاظ على مرونة العضلات والمفاصل، ويعمل النشاط البدني على تحفيز إفراز الإندورفين من الدماغ، وهي مادة تعمل على تقليل الألم، وتحسين ضغط الدم والشعور بالسعادة والرفاهية، وتقليل التوتر.
  • العلاج بالحرارة: يمكن أن تساعد تدفئة مناطق الإصابات السابقة باستخدام الكمادات الساخنة إلى تحسين الدورة الدموية وتقليل التصلب وتخفيف الألم. 
  • التعديلات الغذائية: يدعم تناول الأطعمة المضادة للالتهابات، مثل الأسماك الدهنية والتوت والخضروات، صحة المفاصل ويسهم في تخفيف الالتهاب.
  • أخذ قسط كافٍ من الراحة: يعد النوم الجيد مهماً في مساعدة الجسم على إدارة الألم والالتهاب بصورة أكثر فاعلية، ويؤدي دوراً رئيسياً في التعافي من الإصابات القديمة.
  • التدليك: يعمل تدليك مناطق الإصابات القديمة على تحريك الدم عبر الأوعية الدموية، إضافة إلى أنه يوسعها لزيادة تدفق الدم والتخفيف من الألم.

حالات صحية تزداد سوءاً في الشتاء

تتمثل أبرز الحالات الصحية التي قد تزداد شدتها في الشتاء فيما يلي:

  • التهاب المفاصل العظمي: هو نوع شائع من التهاب المفاصل، ويحدث بسبب تآكل الغضاريف المبطنة للمفصل مع التقدم في السن، ما يؤدي إلى احتكاك العظام ببعضها والشعور بألم شديد.
  • التهاب المفاصل الروماتيزمي: هو من أمراض المناعة الذاتية التي يهاجم بها الجهاز المناعي الخلايا المبطنة للمفاصل، ما يجعل المفاصل منتفخة وملتهبة ومؤلمة. 
  • آلام الظهر والرقبة: سببها غالباً هو العضلات أو الأربطة أو المفاصل الموجودة في الظهر أو الرقبة، حيث تكون الأعصاب محاصرة ومضغوطة من قبل العضلات المحيطة بها، ومن الممكن أن تنتج عن الجلوس أو النوم بوضعية سيئة.
  • متلازمة رينود: هو مرض يؤثر في الدورة الدموية، حيث تصبح الأوعية الدموية في اليدين والقدمين حساسة للبرد، فتتشنج وينقص تدفق الدم إليها. وهذا يسبب الألم وتغيُّر لون اليدين والقدمين إلى لون شاحب.
  • الصداع النصفي: قد يؤدي الطقس البارد إلى الإصابة بنوبة من الصداع النصفي نتيجة حدوث خلل في توازن المواد الكيميائية في الدماغ. 

اقرأ أيضاً: هل يتسبب الجو البارد في الإصابة بنزلة برد؟

يشارك الأستاذ في الأمراض الروماتيزمية بكلية الطب بجامعة القاهرة في مصر، واستشاري الأمراض الروماتيزمية بالمملكة العربية السعودية، الدكتور حاتم العيشي، في فيديو عبر قناته على اليوتيوب، مجموعة من النصائح للحفاظ على صحة المفاصل في برد الشتاء.

المحتوى محمي