تستوطن العدوى بداء الأميبا أو ما يُعرف بـ"الزحار الأميبي" في المناطق الاستوائية، وهذه الإصابة ناجمة عن طفيلي يُسمى "المتحولة الحالة للنسج" (Entamoeba histolytica)، يدخل الجسم عن طريق الطعام والشراب الملوثين به ليلتصق فيما بعد على جدار الأمعاء ويسبب أعراضاً مشابهة لحالات التسمم الغذائي، وفي حالات نادرة يمكن أن ينتقل طفيلي [tooltip content="يدعى أيضاً المتحول الزحاري، هو حيوان وحيد الخلية يلتقط الطعام ويتحرك من خلال امتدادات بروتوبلازمية عديمة اللون تشبه الأصابع، وقد تعيش حرة في البيئات الرطبة أو طفيلية في جسم مضيف." url="https://popsciarabia.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%aa%d8%ad%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d8%ad%d8%a7%d8%b1%d9%8a/" ]الأميبا[/tooltip] من الأمعاء إلى مجرى الدم ليصيب باقي الأعضاء.
إلى جانب الإصابة بهذا الطفيلي عن طريق المحيط الملوث به، يمكن أن ينتقل بين الأفراد عن طريق الاتصال الوثيق بين الأفراد ومشاركة الأدوات الشخصية مثل المناشف والملابس أو مشاركة المراحيض أو الاتصال الجنسي.
اقرأ أيضاً: بعد ظهور الكوليرا في بعض الدول العربية: كيف تحمي نفسك من هذا المرض الخطير؟
أعراض الإصابة بالأميبا
بعض حالات الإصابة غير عرضية، إذ يمكن لطفيلي الأميبا أن يعيش في الأمعاء أياماً وحتى شهوراً دون أن يسبب أعراضاً، وبالمقابل يتظاهر معظم المرضى بمجموعة من الأعراض التي تشبه إلى حد كبير أعراض التسمم الغذائي، والتي يفرق بينها بوجود قصة سفر إلى إحدى مناطق استيطان الطفيلي أو عن طريق إجراء بعض الفحوص التشخيصية. وعلى رأس هذه الأعراض نذكر:
- إسهال شديد، وقد يكون هذه الإسهال مخاطياً أو مُدمى.
- آلام بطنية شديدة وحدوث تقلصات بطنية مستمرة.
- الحُمى وارتفاع درجة حرارة الجسم.
- التعب والإرهاق غير المُفسر.
- ضعف في الشهية.
- الغثيان والقيء.
تدبير الأميبا الدوائي
يصف مقدمو الرعاية الصحية الصادات الحيوية التي تحارب الطفيليات ضمن البروتوكولات الدوائية العلاجية للأميبا، وأهم دواء ضمنها هو "ميترونيدازول" المعروف بـ"فلاجيل"، الذي يحارب طفيلي الأميبا بشكل فعّال ويقلل من التصاقه بالأمعاء، وبذلك يقلل هذا الصاد الحيوي تدريجياً من الإسهال المرافق للإصابة.
يحتاج المصاب إلى سوائل لتعويض ما تم فقده نتيجة الإسهال والقيء، إذ يمكن أن يستمر الإسهال من 14 يوماً وحتى 4 أسابيع، لذلك يعتبر تعويض السوائل حجراً أساسيّاً في التدبير أيضاً، عادةً ما يتم تعويض السوائل فموياً، إلا أنه قد يتوجب تعويضها وريدياً في الحالات الشديدة.
من جهة أخرى، يُفضّل أن يتجنب المصاب تتناول الأسبرين أو مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية مثل الإيبوبروفين دون مراجعة مقدم الرعاية الصحية الخاص به أولاً، وذلك لأنها قد تسبب نزيفاً في المعدة وخاصةً في ظل الإصابة، إذ يكون السبيل الهضمي حساساً للغاية.
اقرأ أيضاً: لماذا يضاف الكلور إلى مياه الشرب؟ وكيف يضاف بشكل آمن؟
ما التعديلات الغذائية للمرضى المصابين بالأميبا؟ وما الأطعمة غير المُفضّلة لهم؟
مثل العديد من الأمراض، يكمن شيء من العلاج بتعديل النظام الغذائي عن طريق تعزيز تناول الأغذية الغنية بمضادات الأكسدة التي تكافح الالتهاب والابتعاد عن الأطعمة التي يُشك بأنها قد تسيء إلى الإصابة لكونها تحتمل خطراً أن تكون ملوثة. تعتبر الكلاب من أكثر مضيفات الطفيليات شيوعاً، والسبب هو أنها تمتلك معدة ذات وسط حمضي قوي، لذلك يجب على المصاب عكس ذلك عن طريق الغذاء حتّى يكون مضيفاً سيئاً ما يساعده في التخلص من الطفيلي.
من المهم للغاية إراحة المعدة والأمعاء عن طريق تجنب تناول الأطعمة الثقيلة والحرص على تناول الأطعمة سهلة الهضم مثل الأرز الكامل والحبوب المطبوخة والتفاح والموز والبطاطا المهروسة والابتعاد عن إضافة الزيت أو الزبدة بكثرة للوجبات. نصيحة مهمة أخرى تنص على أهمية تناول الطعام ببطء ومضغه جيداً، الأمر الذي يخفف عبء الهضم على المعدة ويقلل من حدوث عسر الهضم، الذي يكون مزعجاً للغاية في ظل وجود إنتان في السبيل الهضمي.
يُفضّل تجنب الأطعمة التي يصعب هضمها أو التي قد تهيج المعدة، وعلى رأسها الأطعمة ذات الطعم الحامض مثل الطماطم أو البرتقال، بالإضافة إلى الأطعمة الحارة أو الدهنية، كما يُفضّل تجنب تناول الخضروات النيئة غير المطهية أو غير المغسولة بشكل جيد، ويُنصح بتقشير الفاكهة والخضار والابتعاد عن الفاكهة والخضار التي لا تُقشر مثل العنب والتوت، أو تناولها بعد نقعها بالماء المالح لعدة ساعات ومن ثم شطفها جيداً، حيث يقضي ذلك على العوامل الممرضة الموجودة على سطحها.
أما بالنسبة للحوم، فهي ليست أفضل الأغذية لمرضى الأميبا لأنها تستهلك طاقة لهضمها، ومن المهم الحرص على طهي اللحوم الحمراء والبيضاء مثل لحوم الدواجن والأسماك جيداً بدرجة حرارة لا تقل عن 77 درجة مئوية للقضاء على أي عوامل ممرضة قد تكون هذه اللحوم ملوثة بها.
بالنسبة لخيارات السوائل والمشروبات، يعتبر الماء والشاي الخفيف والمشروبات الخالية من الكافيين أفضلها، ومن الجيد الابتعاد عن السوائل الحمضية مثل الصودا وعصير البرتقال، وفي حال رغب المصاب بتناول أحد أنواع العصائر الحمضية، يجب مزج نصف كأس من الماء مع نصف كأس من العصير لتخفيف الحموضة. كما يُنصح بالابتعاد عن المشروبات الغنية بالكافيين مثل القهوة، وحتّى قد يسيء الحليب للإسهال ومن الأفضل الابتعاد عنه إلى حين الشفاء. من جهة أخرى، تتداخل المشروبات الكحولية مع الصاد الحيوي المستخدم في علاج الأميبا "ميترونيدازول"، إذ يسبب تناولهما معاً حدوث تهيج في الجسم.
اقرأ أيضاً: كيف تحارب وباءً ينتقل عبر الماء؟
يُنصح بإضافة القليل من الثوم إلى الوجبات نظراً لأنه يحتوي على "الأليسين" الذي يحارب الالتهاب، كما أن لتناول القليل من بذور البابايا على معدة فارغة دوراً في القضاء على الطفيليات. ويؤدي كلٌّ من زيت جوز الهند وزيت الزعتر دوراً في القضاء على الطفيليات والفيروسات والجراثيم والفطريات لما تحويه من مستويات عالية من مضادات الأكسدة والجذور الحرة.
ختاماً وتحقيقاً لعملية شفاء سريعة وخالية من المضاعفات، ينصح مقدمو الرعاية الصحية المصابين بالالتزام بالدواء، إضافة إلى اتباع نظام غذائي متنوع عالي الطاقة لتعويض جميع العناصر الغذائية التي فقدها الجسم، ولإعادة القوة للبدن من أجل تقوية خطوط الدفاع المناعية ومحاربة الإنتان.