تُعتبر مراكز التبرع بالدم من الخطوط الأمامية الرئيسية التي تؤدي دوراً حيوياً في إنقاذ الأرواح في أعقاب الحوادث التي تخلف عدداً كبيراً من الإصابات، مثل الكوارث وحوادث إطلاق النار. يقوم الموظفون المدربون في هذه المرافق بجمع الدم من المتبرعين على مدار العام وتنظيفه ومعالجته، ثم توزيعه على المستشفيات الإقليمية وعلى المستجيبين الأوائل عند طلبه. وقد يساهم هؤلاء الموظفون، بعد العواصف وحالات الطوارئ الأخرى، بتوزيع الإمدادات في جميع أنحاء البلاد لمساعدة المراكز التي استنفدت مخزونها على مواكبة الطلب، لذلك تحتاج هذه المرافق إلى وجود احتياطي من التبرعات قبل حدوث الكوارث بالإضافة إلى استمرار التبرع لتجديد الإمدادات.
لبنوك الدم أهمية خاصة في حالات الصدمات. يقول طبيب الطوارئ في مركز العلوم الصحية بجامعة تكساس في سان أنطونيو ونائب المدير الطبي لقسم الإطفاء في سان أنطونيو سي جي وينكلر: «في معظم المناطق الحضرية، يستغرق نقل المصاب إلى المستشفى من وقت تلقي مكالمة الإسعاف نحو 30 دقيقة. خلال هذا الوقت، يمكن أن يفقد المريض بضع لترات من الدم (يحتوي جسم البالغ في المتوسط من 5.5 إلى 7.5 لتر من الدم). وإذا انخفض إمداد الأكسجين لديه كثيراً، يمكن أن يصاب بصدمة نزفية».
اقرأ أيضاً: إليك أبرز الحقائق التي يجب معرفتها عن التبرع بالدم
لدى العاملين في خدمات الطوارئ الطبية عدة طرق للمحافظة على المؤشرات الحيوية للمصاب، ولكن في النهاية، سيحتاج المريض إلى المزيد من الدم. يقول وينكلر: «إذا أصيب المريض بنزيف، يجب أن يتم نقل الدم إليه بأقصى سرعة». إذا كانت سيارة الإسعاف تحتوي بالفعل على مبردٍ للدم المُتبرع به، يمكن للمسعفين بدء نقل الدم على الفور. بمجرد وصول الشخص إلى غرفة الطوارئ أو جناح الصدمات، قد يحتاج المريض إلى عشرات الوحدات الإضافية من الدم، اعتماداً على حجم الإصابة ونطاقها.
التبرع المنتظم بالدم كخطوة استباقية
باختصار، عندما تحدث أزمة ما، تحتاج المستشفيات والمستجيبون الأوائل إلى الوصول الفوري إلى كميات كبيرة من الدم. والطريقة الأفضل لضمان جاهزيتهم هي التبرع بالدم بشكلٍ منتظم، وفقاً لأدريان ميندوزا، مديرة العمليات في مركز جنوب تكساس للدم والأنسجة. عندما قتل مسلح 21 مدرساً وطالباً في مدرسة روب الابتدائية وأصاب العشرات من الآخرين في 24 مايو/أيار، كان لدى فريق ميندوزا 15 وحدة من الدم الكامل-بدلاً من وحدات الدم المفككة إلى بلازما وصفائح وكريات دم حمراء- جاهزة لنقلها بالطائرة إلى مكان الحادثة. تشرح قائلةً: «تلقينا مكالمة حوالي ظهر يوم الثلاثاء تفيد بوقوع حادثٍ ما في أوفالدي. وقد قدمت وحدات إسعاف جوية لأخذ الوحدات. بعدها أرسلنا 10 وحدات كريات دم من الزمرة أو سلبي للأطفال المرضى في مستشفى أوفالدي ميموريال.
كانت هذه الموارد متاحة على الفور بفضل المتبرعين المنتظمين في المنطقة. (لدى المركز الذي تعمل به ميندوزا برنامج يُسمى أخوة السلاح (Brothers in Arms) يشجع الناس في تكساس على التبرع بالدم من زمرة "أو إيجابي" لتخزينه في سيارات الإسعاف وعربات الإطفاء والمروحيات وغرف الطوارئ). ولكن حالما استنفدت وحدات الدم هذه، كان على العاملين في بنك الدم والأنسجة في جنوب تكساس اللجوء إلى الشبكات المحلية والوطنية.
تقول ميندوزا: «لقد جمعنا عدداً قياسياً من التبرعات هذا الأسبوع. كان يأتينا في الأيام الجيدة خلال الجائحة نحو 400 متبرع. بينما اصطف أمام فروع المركز الثمانية المنتشرة في سان أنطونيو 1100 متبرع في 25 مايو/أيار.
اقرأ أيضاً: تعرف إلى شروط التبرع بالدم وفوائده الصحية
فريق ميندوزا هو أيضاً جزءٌ من فيلق الاستعداد لحالات طوارئ الدم، وهي مجموعة تأسست في أواخر عام 2021 استجابة لنقص المتبرعين في الولايات المتحدة، وتصاعد العنف المسلح في البلاد أيضاً. يضم الفيلق مراكز للتبرع بالدم في 37 ولاية ويسمح بتحويل إمدادات الدم بسرعة إلى مناطق الأزمات. بعد حادث إطلاق النار في أوفالدي، قامت المنظمات في فلوريدا وأوكلاهوما وعبر الساحل الغربي بنقل وحدات الدم من زمرة "أو سلبي" إلى المكتب المركزي لبنك الدم والأنسجة في جنوب تكساس. ومن هناك، تم توزيعها على الأطفال الذين يخضعون لعملية جراحية في مركزين لعلاج الصدمات في المنطقة.
من الأسباب التي سمحت لشبكة التبرع بالدم بالاستجابة السريعة هو مرورها بتجربة سابقة مشابهة. ففي عام 2017، قتل مسلح 26 شخصاً وأصاب 22 من رواد الكنيسة في ساذرلاند سبرينغز في تكساس، شمال شرق سان أنطونيو. يقول وينكلر، مشيراً إلى الترابط الوثيق بين المستجيبين الأوائل والمستشفيات ومراكز الدم والمتبرعين في جنوب تكساس: «كنا نستعد لحادث آخر كبير، ولسوء الحظ، فقد حدث».
دعوة عامة
في حين أن الطلب على المتبرعين بالدم سيظل مرتفعاً في جميع أنحاء أوفالدي، ينبغي على الناس في جميع أنحاء البلاد إدراك أنه يمكنهم المساعدة أيضاً. فحتى لو لم يستفد الناجون من حادث إطلاق النار من دماء المتبرعين، فمن المؤكد أنه سيُستخدم لمعالجة مرضى آخرين، مثل الأطفال الخدج ومرضى فقر الدم المنجلي. تقول ميندوزا: «سيكون هناك متلقٍ دائماً للدماء التي يتم التبرع بها. تستهلك حالات الصدمات الكثير من وحدات الدم ويمكن أن تُستنفد الإمدادات المحلية بسرعة، لكنها لا تمثل سوى 3% من الحاجة الكلية. ففي كل يوم، هناك حاجة للدم لدى الكثيرين. وهو يؤدي دوراً فارقاً في إنقاذ الحياة وحالات الطوارئ بالنسبة لهم»
اقرأ أيضاً: هل يضر التبرع بالدم جهازك المناعي؟
تقول ميندوزا إنه إذا تبرع كل أميركي مؤهل بالدم أربع مرات في السنة، لن تعاني البلاد من النقص مطلقاً. في الوقت الحالي، لا يتبرع سوى 3% فقط من السكان في بنك الدم أو الوحدات المتنقلة أو في حملات تبرع الدم.
تقدم سوزان فوربس، نائبة الرئيس الأولى في منظمة دم واحد (OneBlood) غير الربحية، والتي تدير شبكةً من مراكز التبرع بالدم عبر فلوريد نصائح مماثلة. تقول فوربس: «من المهم جداً أن يكون الناس سبّاقين للتبرع بالدم. لقد شهدنا حادثي إطلاق نار مأساويين في السنوات الست الماضية هنا في "بالس" و"باركلاند". وقد ساعد مخزون الدماء لدينا في إنقاذ الضحايا. يجب ألا ننتظر حتى تقع مأساة. المتبرع الذي يتبرع بدمه اليوم سينقذ ضحية غداً».