يستخدم العديد منا عبوات المياه البلاستيكية لشرب الماء، وقد تبدو هذه الظاهرة طبيعية، لأننا نشبِّه الأمور السهلة في الحياة كأنها "شرب للماء"، لكن لا نعلم أحياناً أن الاستخدام المتكرر لنفس العبوات البلاستيكية قد يراكم فيها البكتيريا بكثرة على مر الوقت، وهناك عدة مخاطر أخرى لهذه العبوات البلاستيكية يمكنكم التعرف عليها في هذا المقال.
اقرأ أيضاً: ما كمية المياه التي نحتاجها لنحافظ على صحتنا؟
أين تكمن الخطورة في استخدام البلاستيك لحفظ المياه؟
توجد عدة مخاطر لشرب المياه من العبوات البلاستيكية، لكن تعد الخطورة الكيميائية الأكثر شيوعاً، وتكون بحسب المقالة التي نشرتها العالمة هيلينا سوزا وزملاؤها في منصة فرونتيير البحثية في عام 2021 أكثر ضرراً عندما تحتوي العبوات على المواد التالية:
- مادة بيزفينول أ (BPA - Bisphenol A): وهي مادة تستخدم في تصنيع المنتجات ذات الأساس البلاستيكي مثل العبوات والألعاب والحاويات والمنتجات الطبية ومواد أطباء الأسنان، وتشبه هذه المادة في تركيبها هرمون الأستروجين، ما يسبب مشكلات في الجهاز التناسلي عند الإناث خصوصاً.
- الفثالات: عبارة عن مادة تستخدم في العديد من المنتجات البلاستيكية تساعد على جعل البلاستيك مرناً، وترتبط هذه المادة بالسرطانات وتشوهات الجهاز التناسلي، وقلة النطاف لدى الذكور.
وتتسرب هذه المواد الكيميائية من بلاستيك العبوة إلى المياه، وبشكل خاص عندما تتعرض للحرارة والبرودة الشديدة ولفترات طويلة، وتسبب هذه الملوثات اضطراباً في نظام الغدد الصماء في الجسم وبشكل خاص هرمونات الجهاز التناسلي وكذلك مشكلات البدانة والبلوغ المبكر وفرط النشاط، وهذا ما أثبتته التجارب على فئران الاختبار.
يذكر أن هذه المواد الكيميائية موجودة فقط بتراكيز منخفضة في المياه المعبأة بالبلاستيك، فاستمرار الشرب منها لفترات طويلة يزيد من تركيزها ما، يؤثر على الجسم سلباً، وفي إحدى الدراسات التي أجريت من قبل باحثين في جامعة أريزونا الأميركية عام 2008، وجدوا أن الأنتيمون الذي يدخل في صناعة البلاستيك، ويحدث تسمماً عند التعرض لجرعات عالية منه، يتسرب من البلاستيك للمياه ببطء، وبعد 38 يوماً من الحفظ تجاوزت مستويات الأنتيمون الحد الأدنى للسلامة في الاستهلاك البشري.
اقرأ أيضاً: 9 فوائد صحية توضح لماذا يجب أن نشرب الماء بشكل دائم
ما المواد البلاستيكية التي تُصنع منها عبوات المياه؟
توجد عدة أنواع للبلاستيك، وربما تلاحظ عند شراء عبوة بلاستيكية سواء للمياه أو غيرها، بأنها تحتوي على رقم ضمن رمز إعادة التدوير، ويدلنا هذا الرقم على نوع البلاستيك من أجل فرزه أثناء إعادة التدوير، ومن أهم هذه الأنواع ما يلي:
- البولي إيثيلين تيريفتالات (PET): يرمز له بالرقم 1، ويشمل عبوات المياه والصودا البلاستيكية الشفافة، ويعتبر بشكل عام مناسباً للاستخدام، ولكنه صعب التنظيف وتعلق به الروائح والبكتيريا، ولا يفضل إعادة استخدامه في تطبيقات الاستهلاك البشري.
- البولي إيثيلين عالي الكثافة (HDPE): يرمز له بالرقم 2، ويشمل أباريق الحليب غير الشفافة وعبوات المنظفات وعبوات العصير، ويفضل عدم استخدامه مرة ثانية، وعادةً ما يتم إعادة تدويره لمنتجات كعبوات الشامبو وغيرها.
- البولي فينيل كلوريد (PVC): يرمز له بالرقم 3 ويشمل أغلفة الطعام وعبوات زيت الطهي وأنابيب السباكة، وينصح بالابتعاد عنه لأنه يحتوي على مادة الفثالات، ويعد بولي فينيل كلوريد بوليميراً لكلوريد الفينيل المرتبط مع حدوث عدة أنماط لسرطان الكبد مثل سرطان الخلايا الكبدية (HCC) والساركوما الوعائية الكبدية (LAS).
- مادة البولي بروبيلين (PP): يرمز لها بالرقم 5، تشمل معظم أكواب الزبادي وعبوات المياه ذات اللون الغامق وعبوات الكاتشب والشراب وقشة الشرب.
- جميع المواد البلاستيكية الأخرى: أي غير المدرجة في الفئات السابقة يرمز لها بالرقم 7، وغالباً ما تحتوي على المواد الضارة مثل بيزفينول أ والفثالات، لذا من المفضل تجنبها.
هل يمكن تسخين عبوات المياه البلاستيكية في الميكرويف؟
الجواب المختصر لا، فأحياناً يكون من المغري استخدام الميكرويف لتسخين عبوة المياه الباردة، ومن الممكن أن يقول الشخص لنفسه إنها فقط بضع ثوانٍ من الحرارة ولن يحدث شيء خطير، لكن الأمر قد يكون سيئاً. فعلى الرغم من وجود عبوات بلاستيكية تصنف على أنها قابلة للاستخدام في الميكرويف، فإن هناك العديد من الأنواع التي يسبب تسخينها السرطان.
وتكون آلية حدوث هذا الأمر عن طريق إطلاق مواد كيميائية تدعى الديوكسينات، وهي مواد لا يمكننا تماماً القول إنها توجد في البلاستيك في حالته الطبيعية، بل تطلقها المواد البلاستيكية وغيرها عندما تحترق أو تذوب أو تتعرض لحرارة الشمس، لذا من الأفضل تجنب هذه العملية بالأساس ووضع المياه أو المواد التي نرغب في تسخينها ضمن وعاء أو عبوة زجاجية لتفادي المخاطر قدر الإمكان.
اقرأ أيضاً: أعراض مرضية مختلفة قد تصيبك بعد تناول النبيذ الأحمر
ما عوامل الخطورة الأكبر لدى شرب المياه من العبوات البلاستيكية؟
تنفي عدة جهات صحية وجود أضرار لشرب المياه المعبأة في عبوات بلاستيكية، وتصرح بأنه لا توجد دراسات كافية تدعم وجود مواد ضارة في تلك العبوات، وأنه لا يوجد ديوكسينات ضمن البلاستيك، وهذا صحيح تقنياً لكن يمكن أن تنشأ الديوكسينات عند تعرض العبوات لحرارة شديدة، وعلى الرغم من أن الكميات الموجودة من المواد الضارة تكون قليلة ولا تؤثر بشكلٍ ملحوظ، لكن تراكم هذه المواد على المدى الطويل يحدث أضراراً وخيمة، فهذه المواد لا تغادر نظام الجسم بسرعة.
هناك أيضاً البلاستيك الدقيق (microplastic) الموجود بكميات قليلة في عبوات المياه البلاستيكية، وتبلغ كميته في المتوسط نحو 325 جزيئاً لكل لتر مياه معبأة، وتتفق عدة مصادر على أن هذه الكمية لا تؤثر على صحة الإنسان أو لا يُعرف لها تأثير ضار، لكن من جهة أخرى توجد عدة أبحاث تؤكد سمية تراكم الكميات الكبيرة من البلاستيك الدقيق في الجسم، فمن الممكن أن تحدث إجهاداً تأكسدياً وتلفاً للحمض النووي والالتهابات، ومشكلات صحية أخرى.
حقائق مهمة عن عبوات المياه البلاستيكية
إليك بعض الحقائق التي قد لا تعرفها عن عبوات المياه البلاستيكية:
- يتم شراء نحو مليون عبوة مياه بلاستيكية في الدقيقة حول العالم، ويستهلك البشر 500 مليار منها سنوياً.
- تستغرق عبوة المياه البلاستيكية نحو 450 عاماً لكي تتحلل.
- كل عبوة بلاستيكية بسعة لتر تستهلك نحو 4 ملايين جول من الطاقة لإنتاجها.
- تحتوي عبوة ماء بلاستيكية سعتها 500 ملليلتر على [tooltip content="هي الكمية الإجمالية لانبعاثات غازات الدفيئة مثل ثاني أوكسيد الكربون والميثان، التي ينتجها شخص أو شركة أو حدث صناعي أو طبيعي أو منتج، وتساهم في الاحتباس الحراري العالمي والتغيّر المناخي." url="https://popsciarabia.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%b5%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%b1%d8%a8%d9%88%d9%86%d9%8a%d8%a9/" ]بصمة كربونية[/tooltip] إجمالية تبلغ نحو 85.0486 غرام من ثاني أوكسيد الكربون.
- قد يكون مصدر المياه المعبأة في العبوات البلاستيكية مياه الصنبور العادية التي تمت معالجتها، أو لم تتم معالجتها.
- تكلف المياه المعبأة أكثر بـ1000 مرة من مياه الصنبور العادية.
اقرأ أيضاً: هل تعد إضافة الأملاح إلى مياه الشرب ممارسة جيدة للصحة
قد لا نشهد الضرر الحقيقي لعبوات المياه البلاستيكية في جيلنا، لكن تراكم هذه المواد في أجسامنا وبشكل خاص لدى سكان الدول التي تستهلك هذه العبوات فقط دون مياه الفلاتر والصنبور، قد تكون له تأثيرات سلبية على المستوى الصحي والبيئي عالمياً، لكن لم يفت الأوان بعد، فهناك وعي متزايد بهذا الخصوص حول العالم.