قد تحتوي مستحضرات التجميل على مواد كيميائية سامة «أبدية»

3 دقائق
مستحضرات التجميل
shutterstock.com/nadianb

يبدو أن مركّبات «بير فلورو ألكيل» و«بولي فلورو ألكيل»، أو «بي إف إيه إس» اختصاراً، أصبحت شائعة مؤخراً. تُعرف هذه المركّبات أيضاً باسم «المواد الكيميائية الأبدية»؛ وهي لا تتحلل بل تتراكم مع الزمن. وسواء سقطت مع مياه الأمطار أو ظهرت في أغلفة الأطعمة، أو في مستحضرات التجميل، فإن هذه المواد الكيميائية الغامضة تجد طريقها إلى أجسامنا وبيئتنا، وأحياناً بمستويات مقلقة.

وفقاً لوكالة حماية البيئة الأميركية؛ هذه المواد خطيرة لأن التعرّض المتكرر لها يرتبط بانخفاض معدّلات الولادات، واضطراب هرمون الغدة الدرقية، وحتى السرطان، كما ربطت بعض الأبحاث أيضاً التعرض المرتفع لها بنتائج أسوأ للإصابة بمرض كوفيد-19. لطالما كانت هذه المواد متخفيّة، وهي توجد في المنتجات اليومية؛ مثل مياه الشرب، والآن؛ وفي وسط الدعوات المتزايدة لجعل مواد التجميل أكثر رفقاً بالبيئة وأكثر أماناً، فقد وجد العلماء هذه المواد أيضاً في مستحضرات التجميل.

وجدت دراسة جديدة نُشرت في دورية «ذا إنفايرومنتال ساينس آند تكنولوجي ليترز» أن بعض الأشخاص الذين يستخدمون مستحضرات التجميل يتعرّضون -وحتى يتناولون- مستويات قد تكون سامّة من هذه المركّبات.

يقول «توم بروتن»؛ مؤلّف الدراسة وكبير العلماء في معهد «جرين ساينس بوليسي»، لصحيفة الجارديان: «هذه هي أول دراسة تنظر في الكمية الكليّة للفلور أو مركّبات «بي إف إيه إس» في مستحضرات التجميل، لذلك؛ لم نكن نعلم ما كنا سنجد»، ويضيف: «هذه مواد ينشرها البشر على جلودهم يومياً، لذلك هناك إمكانية حقيقية للتعرّض لها بشكلٍ كبير».

درس الباحثون 231 نوعاً من مستحضرات التجميل الشائعة؛ ومن ضمنها أحمر الشفاه وكريمات الأساس والمَسْكرة. يمكن إيجاد معظم هذه المنتجات في المتاجر الكبيرة، وقد اتضّح أن أكثر من 50% من هذه المستحضرات تحتوي على المركبات السامة (بي إف إيه إس)، كما كانت ملصقات 8% فقط من كل المستحضرات المدروسة توضّح وجود هذه المواد؛ هذا الأمر لا يسمح للمستهلكين بالتأكّد ما إذا كانت المنتجات التي يستخدمونها آمنةً أم لا، ومن المحتمل أن يكون مستخدمو مستحضرات التجميل يعرّضون أنفسهم لهذه المواد عن طريق عدد من المنتجات التي يستهلكونها بشكلٍ منتظم.

المستحضرات السائلة

المسكرة المقاومة للماء، وأحمر الشفاه السائل، وكريمات الأساس، كانت المنتجات الأكثر خطورةً التي تحتوي على تلك المركّبات غير المصرّح بها، كما تم إيجاد هذه المواد في مستحضرات تجميل مخصصة للاستخدام طويل الأمد، ولم يكن مصرّحاً بها في ملصقات المنتجات.

يقول «غراهام بيزلي»؛ مؤلف رئيسي للدراسة الجديدة وأستاذ الفيزياء في جامعة نوتردام لصحيفة «واشنطن بوست»: «من المستحيل أن يقرأ المستهلك العادي ملصقات المنتجات ويفهم على ماذا يحتوى المنتج الذي اشتراه»، ويضيف: «لا يمكن الوثوق بالملصقات؛ وهذا أمر يمكن حلّه». نظراً لأن مستحضرات التجميل تُستخدم في نقاط قريبة من العيون وحول الفم والشفاه، فهذا يزيد من فرص دخول تلك المركّبات السامة إلى الجسم.

shutterstock.com/Evdokimov Maxim

قال بيزلي في بيان صحافي: «مستخدمو أقلام الحمرة قد يتناولون بضعة كيلوغرامات من أحمر الشفاه خلال حياتهم»، وأضاف: «لكن على عكس الطعام، فالمواد الكيميائية الموجودة في أحمر الشفاه ومستحضرات التجميل والعناية الشخصية الأخرى غير منظّمة قانونياً كلياً في الولايات المتّحدة وكندا، لذلك؛ يتعرّض الملايين للمركبات (بي إف إيه إس) والمواد الكيميائية المضرّة الأخرى بشكلٍ يومي».

وجد الباحثون أيضاً أنه عندما يغسل المستهلكون وجوههم لإزالة هذه المستحضرات، فهذا يساهم في وجود نسبة مركبات (بي إف إيه إس) في المياه، وهذا -كما يشير الباحثون- «قد يؤدّي إلى تعرّض المزيد من البشر لهذه المواد».

تقول «آرلين بلم»؛ مؤلفّة مشاركة في الدراسة الجديدة، ومديرة تنفيذية لمعهد «غرين ساينس بوليسي»، في بيانٍ صحفي: «هذه المواد ليست ضروريةً في تركيب مستحضرات التجميل، ونظراً لخطورتها الكبيرة المحتملة؛ أعتقد أنه لا يجب استخدامها في منتجات الرعاية الشخصية»، وأضافت: «حان الوقت لإيقاف استعمال هذه المواد في مستحضرات التجميل، وإبقائها خارج أجسامنا».

بهدف محاربة استخدام المواد الكيميائية السامة في مستحضرات التجميل وفي الموارد المائية؛ قدّم عضوي مجلس الشيوخ الأميركي «سوزان كولينز» و«ريتشارد بلومينثال» مؤخراً، مشروع قانون باسم «لا لاستخدام «بي إف إيه إس» في مستحضرات التجميل»؛ هذا المشروع يهدف لمنع استخدام هذه المواد في مستحضرات التجميل والمرطّبات وفي العطور أيضاً. يأمل الموقّعون وداعمو هذا المشروع بمنع استخدام المواد الكيميائية الأبدية في كل منتجات الرعاية الشخصية بشكلٍ كامل.

أخذت بعض الولايات؛ مثل كاليفورنيا، بعض الخطوات لإزالة المواد الكيميائية السامة من منتجات الرعاية الشخصية، وقدّمت شركة مستحضرات التجميل العملاقة «لوريال» وعوداً لإزالة مركّبات (بي إف إيه إس) من منتجاتها في 2018. بعض شركات التجارة بالتجزئة؛ مثل «تارجت» و«أمازون»، تبحث عن المنتجات السامة بحذر أكثر. مع ذلك، فالولايات المتحدة متأخرة بشكلٍ محزن عن الاتحاد الأوروبي واليابان؛ وهي بلدان قطعت أشواطاً في حماية المستهلكين من المواد السامة الموجودة في مستحضرات التجميل؛ والتي تؤثّر في أغلب الأحيان على الأشخاص الملونين بشكلٍ أكبر.

اقرأ أيضاً: الجمال والوحشية: كابوس اختبار مستحضرات التجميل على الحيوانات

قالت «ويتني بووي»؛ أستاذ مساعد سريري في طب الجلد في كلية «آيكان» للطب في مركز «ماونت سيناي الطبي»، وغير مشاركة في الدراسة الجديدة، لشبكة «سي إن إن»: «على الرغم أنه من المرغوب امتلاك مستحضرات تجميل مثل مَسْكرة أو أحمر شفاه، أو كريم أساس يدوم لفترة أطول؛ إلا أني أعتقد أن معظم المستهلكين سيفضّلون المنتجات الآمنة التي قد لا تدوم لنفس المدة»، وأضافت: «هذه المواد السامة تمثّل مصدر قلق عام حقيقي».

هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً

المحتوى محمي