وفقاً لبحث قُدّم في المؤتمر الدولي لجمعية ألزهايمر في هولندا في 19 يوليو/ تموز؛ يمكن أن يكون الإمساك المزمن مرتبطاً بتراجع القدرات الإدراكية. يعاني نحو %16 من سكان العالم الإصابة بالإمساك، مع تعرض كبار السن بصورة خاصة لاضطرابات في حركة الأمعاء.
الإمساك المزمن والتدهور الإدراكي
وفقاً لهذه الدراسة التي لا تزال مستمرة؛ يُعرّف الإمساك المزمن بأنه عدم حدوث التغوط سوى مرة واحدة كل 3 أيام أو أكثر. ويرتبط الإمساك المزمن بزيادة خطر الإصابة بالتدهور الإدراكي الشخصي بنسبة 73% ويترافق مع تغيرات في ميكروبيوم الأمعاء. الوظائف الإدراكية هي مصطلح شامل لقدرة الفرد العقلية على التفكير والتحليل والتعلم واتخاذ القرار وحل المشكلات والانتباه والتذكر.
وعلى الرغم من أن الإمساك المزمن يرتبط بالشعور بالقلق والاكتئاب ووجود التهابات، تشير جمعية ألزهايمر إلى وجود العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات حول العلاقة بين صحة الجهاز الهضمي وسلامة الوظائف الإدراكية.
درس فريق البحث في هذه الدراسة الجديدة أكثر من 112,000 بالغاً ممن شاركوا في دراسة صحة الممرضات (Nurses’ Health Study)، ودراسة صحة الممرضات 2 (Nurses’ Health Study II)، ودراسة متابعة المهنيين الصحيين (Health Professionals Follow-Up Study). أُنجزت دراستا الممرضات الأولى والثانية بالكامل، وتركزت كلتا الدراستين على دراسة عوامل الخطر المرتبطة بالأمراض المزمنة الرئيسية لدى النساء في أميركا الشمالية. أما الدراسة الثالثة، فلا تزال مستمرة وتدرس الموضوع نفسه عند الرجال.
اقرأ أيضاً: كيف يتم علاج الإمساك لدى الحوامل؟
استخدمت هذه الدراسة الأخيرة حول الإمساك البيانات المتعلقة بمعدل تكرار حركة الأمعاء لدى المشاركين في الدراسة من عام 2012 إلى عام 2013، وتقييماتهم الذاتية للوظائف الإدراكية بين عامَيّ 2014 و2017، بالإضافة إلى قياس الوظائف الإدراكية بصورة موضوعية لبعض المشاركين في الفترة بين عامَيّ 2014 و2018.
وجد الباحثون أن المشاركين المصابين بالإمساك لديهم وظائف إدراكية أسوأ بكثير مقارنة مع أولئك الذين يتغوطون مرة واحدة في اليوم. تعادل هذه الاضطرابات في الوظائف الإدراكية 3 سنوات أو أكثر من الشيخوخة الإدراكية المزمنة التي يمكن أن يتعرض لها الشخص بصورة طبيعية مع تقدمه في السن. وجد المؤلفون أيضاً خطراً متزايداً بين أولئك الذين يتغوطون أكثر من مرتين يومياً، وعلى الرغم من ذلك، فإن فرص الإصابة بتدهور الوظائف الإدراكية لدى هؤلاء الأشخاص كانت ضئيلة مقارنة بالمصابين بالإمساك.
صحة الأمعاء لدى المرضى الأكبر سنّاً
يقول كبير الباحثين في كلية الطب بجامعة هارفارد (Harvard Medical School)، ومستشفى بريغهام آند ويمنز (Brigham and Women’s Hospital)، وكلية هارفارد تي آتش تشان للصحة العامة (Harvard T.H. Chan School of Public Health)، دونغ وانغ (Dong Wang)، في بيان صحفي: "تؤكد هذه النتائج أهمية مناقشة الأطباء لصحة الأمعاء، وخاصة الإمساك، لدى المرضى الأكبر سناً، وتشمل التدخلات للوقاية من الإمساك وتحسين صحة الأمعاء اتباع نظام غذائي صحي يحتوي على أطعمة غنية بالألياف ومادة البوليفينول (polyphenol)؛ مثل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة، بالإضافة إلى تناول مكملات الألياف وشرب كميات كافية من الماء يومياً وممارسة النشاط البدني بانتظام".
وجدت دراسة أخرى منفصلة عن الدراسة السابقة، نُشرت في شهر فبراير/ شباط في مجلة "علم الأعصاب" (Neurology)أن الأشخاص الذين يستخدمون الأدوية المليّنة بانتظام ربما يكونون أكثر عرضة للإصابة بالخرف مقارنة بأولئك الذين لا يستخدمونها.
الأدوية الملينة والإصابة بالخرف
يقول المؤلف المشارك من معهد شينجن للتكنولوجيا المتقدمة (Shenzhen Institute of Advanced Technology) في الأكاديمية الصينية للعلوم، فنغ شا (Feng Sha)، في بيان صحفي في شهر فبراير/ شباط: "إن إيجاد طرائق لتقليل خطر الإصابة بالخرف من خلال تحديد عوامل الخطر التي يمكن التحكم بها وتعديلها، يُعد أمراً بالغ الأهمية؛ لذلك نحتاج إلى إجراء مزيد من الأبحاث لدراسة العلاقة التي اكتشفها بحثنا بين استخدام الأدوية المليّنة والإصابة بالخرف.
إذا تأكدت النتائج التي توصلنا إليها، يمكن للخبراء الطبيين تشجيع الأشخاص على علاج الإمساك عن طريق إجراء تغيرات في نمط الحياة؛ مثل شرب كميات كافية من الماء، وإضافة الأطعمة الغنية بالألياف إلى نظامهم الغذائي وممارسة النشاط البدني بانتظام".
اقرأ أيضاً: إليك أكثر النصائح فاعلية للتخلص من الانتفاخ المزعج
يمكن أن يسهم تناول كميات كافية من الأطعمة التي تحتوي على الألياف؛ مثل الخضار والفواكه والحبوب الكاملة والمكسرات، في منع حدوث الإمساك. توصي إدارة الغذاء والدواء الأميركية بتناول كمية لا تقل عن 25 غراماً من الألياف يومياً. ويمكن أن يساعد الترطيب الجيد للجسم وممارسة الرياضة عدة مرات أسبوعياً على تسهيل حركة الأمعاء.
يجب أيضاً فهم الاختلافات الفردية في طبيعة الجهاز الهضمي، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه دراسة البكتيريا الموجودة في الأمعاء والميكروبيوم بصورة عامة.
وتقول طبيبة أمراض الجهاز الهضمي، من كلية الطب بجامعة ساوث كارولاينا في غرينفيل (University of South Carolina Greenville Medical School)، مونيا فيرلانغ (Monia Werlang)، لشبكة إن بي سي نيوز: "يبدو أن كل شخص يمتلك ميكروبيوماً فريداً مثل بصمات الأصابع تقريباً. لا يزال العلماء يحاولون التحكم بالميكروبيوم واستخدامه لتحسين الصحة وتطوير علاجات جديدة للأمراض المرتبطة بالجهاز الهضمي؛ لذلك يُعد استهداف الميكروبيوم أمراً واعداً لكن ثمة أمور ما تزال مجهولة، لا سيّما فيما يتعلق باختلاف تركيب الميكروبيوم في الجهاز الهضمي من شخص لآخر".