يمكن أن يتعطل جدول النوم الطبيعي بسبب التجمعات والأنشطة الاجتماعية التي تستمر حتى وقتٍ متأخرٍ من الليل في شهر رمضان المبارك، ما يغيّر عادات النوم والأكل ويؤدي إلى الأرق، ويمكنه إحداث اضطراب في إيقاعات الساعة البيولوجية والصحة العامة بعدة طرق يمكن التغلب عليها من خلال اتباع النصائح الموجودة في هذا المقال.
هل سبّب نمط الحياة المعاصر ظهور الأرق ومشكلات النوم في شهر رمضان؟
أظهرت دراسة من جامعة الملك عبدالعزيز في المملكة العربية السعودية منشورة عام 2017، أن الممارسات الرمضانية الحديثة في السعودية والتي تُحدِث تغييراً كبير في تنظيم النوم، غالباً ما تكون ضارة بالصحة، إذ يحاكي بعض السعوديين الصائمين خلال شهر رمضان نظام عمال المناوبات في النوم، حيث يسهرون ليلاً وينامون معظم النهار ما يشكّل خطراً صحياً، ويزيد من احتمال الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري من النمط الثاني.
وجد الباحثون الذين أجروا الدراسة أن مستويات العديد من عوامل الخطر القلبية الوعائية تحسنت خلال شهر رمضان بسبب الصيام، لكن تفاقمت عوامل أخرى بسبب اضطرابات أنماط النوم التي تؤدي إلى آثار صحية ضارة، وأشار الباحثون إلى أن تغيرات أنماط النوم خلال شهر رمضان تعود إلى الثمانينيات، حيث أصبحت مراكز التسوق والمطاعم أكثر شيوعاً في البلاد، وبدأ الشباب السعودي الصائم بالبحث عن الترفيه طوال الليل بدل النوم والراحة.
وتوصي الباحثة المشاركة في الدراسة سهاد باحجري، الأستاذة في قسم الكيمياء الحيوية السريرية والتغذية السريرية في كلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز، بالعودة إلى الطريقة التقليدية في الطعام والنوم خلال شهر رمضان، وذلك من خلال تناول وجبة إفطار خفيفة وبعدها وجبة خفيفة قبل الذهاب إلى السرير في منتصف الليل تقريباً، والاستيقاظ قبل الفجر لتناول وجبة خفيفة والصلاة والحصول على مزيدٍ من النوم.
اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع ألم الأسنان ورائحة الفم خلال صيام رمضان؟
أعراض اضطراب إيقاعات الساعة البيولوجية في رمضان
يمكن أن يسبب اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية وقلة النوم في رمضان الأعراض التالية:
- الصداع وتقلب المزاج: مثل سرعة الغضب والإصابة بالصداع والصداع النصفي.
- التأثير في الوظيفة الإدراكية: حيث يصبح من الصعب التركيز بشكلٍ عام، وتتباطأ أوقات القيام برد الفعل وتتراجع المقدرة على حل المشكلات.
- زيادة الوزن: يؤدي الحرمان من النوم إلى تغييرات في الهرمونات التي تتحكم في الشهية والجوع، ما يؤدي إلى تناول الوجبات السريعة الدهنية والسكرية، ويزيد من احتمالية زيادة الوزن.
- الأرق: وتضم أعراضه الأكثر شيوعاً ما يلي:
- الصعوبة في النوم على الرغم من التعب.
- الاستيقاظ بشكلٍ متكرر في أثناء الليل.
- صعوبة العودة إلى النوم عند الاستيقاظ.
- الاعتماد على الحبوب المنومة للخلود إلى النوم.
- الاستيقاظ مبكراً بشكلٍ مبالغ فيه في الصباح.
- النعاس في أثناء النهار.
- صعوبة التركيز خلال النهار.
اقرأ أيضاً: ما أسباب الصداع في رمضان وكيف يمكن تجنبه؟
5 نصائح للتغلب على مشكلات النوم والأرق في رمضان
تضم أبرز النصائح للتغلب على مشكلات النوم والأرق في رمضان ما يلي:
1. حاول إطالة فترات نومك ولا تجعلها متقطعة
يُعدُّ النوم فترات طويلة أكثر فائدة من أخذ قيلولة قصيرة للحصول على قسط كافٍ من الراحة، لذا يمكنك محاولة النوم مدة 4 ساعات على الأقل ليلاً بعد الإفطار قبل الاستيقاظ للسحور والفجر، ثم عُد إلى النوم مجدداً عدة ساعات قبل الاستيقاظ صباحاً.
2. حاول تنظيم فترات نومك
يحتاج الجسم إلى التأقلم من خلال تحديد ساعات معينة للنوم والاستيقاظ في شهر رمضان وإن كانت مختلفة عن توقيت النوم الاعتيادي، إذ يساعد هذا التنظيم الجسم على توفير إيقاع نوم واستيقاظ أكثر راحة.
3. احصل على وقتٍ للقيلولة
يعتبر أخذ قيلولة 20-30 دقيقة في فترة ما بعد الظهر جيداً لرفع مستويات الطاقة والتركيز الضعيفة الناتجة عن قلة النوم، لكن من المهم أن تضبط المنبه لأن الإفراط في النوم يمكنه أن يجعلك تشعر بالنعاس أكثر من قبل أخذ القيلولة.
أوصت دراسة من جامعة صفاقس في تونس عام 2019 بأخذ مكملات التريبتوفان بجرعة غرام واحد يومياً أو مكملات الميلاتونين بجرعة 5-8 مليغرامات يومياً لتحسين خصائص النوم بالإضافة إلى أخذ القيلولة.
ووفقاً لبحث آخر من جامعة الطائف عام 2022، يُعدُّ أخذ قيلولة مدتها 45 دقيقة في أثناء النهار أفضل من فترات القيلولة الأقصر، إذ لاحظ الباحثون في هذه الدراسة تحسن أداء الرياضيين الخاضعين للدراسة في الجري السريع بعد أخذهم قيلولة لهذه المدة.
لذا يمكن الاستنتاج بأن أخذ القيلولة مهم للحفاظ على التركيز والأداء وتخفيف أعراض مشكلات النوم في رمضان، فإذا استطعت أخذ قيلولة مدة 20 دقيقة فهذا جيد، لكن القيلولة مدة 45 دقيقة تُعدُّ أفضل إذا سمح لك وقتك بذلك.
اقرأ أيضاً: 6 نصائح لإعادة ضبط ساعتك البيولوجية بعد رمضان
4. اختر الأطعمة المناسبة
من الأفضل تجنب تناول الأطعمة الدسمة والغنية بالسكر عند الإفطار لأنها قد تُحدِث اضطراباً بالنوم، حيث يعمل الجسم وقتاً إضافياً لهضم الوجبات الثقيلة، وتُعدُّ الأطعمة الغنية بالتوابل خياراً سيئاً يمنع الحصول على نومٍ مريحٍ في رمضان، إذ يمكن أن تسبب الغازات وحرقة المعدة، كما من الجيد عدم تناول القهوة والمنبهات التي تحتوي على الكافيين عدة ساعات قبل النوم للحصول على النوم المريح.
5. حاول توفير بيئة نوم صحية
ويتضمن ذلك توفير بيئة مناسبة للنوم فيها ظلام وهدوء، بالإضافة لتجنب استخدام الأجهزة الإلكترونية مثل الهاتف المحمول واللابتوب والتلفزيون قبل النوم بوقتٍ قصير.