ها قد عاد الربيع، وعادت معه الأرض بوشاحها الأخضر المزهر، وأصبحت الأيام أطول، والشمس أكثر دفئاً. ولكن، وعلى الرغم من أن الكثير من الناس يتطلعون إلى المزيد من أشعة الشمس ودرجات الحرارة الأكثر دفئاٌ، فإن أولئك الذين يعانون من الحساسية الموسمية قد يكون الربيع هو العدو الأول لهم، فها هو الشعور بالحكة يعود مرة أخرى، ترافقه العيون الحمراء والأنف المتهيج. ولكن، يمكن التخفيف من أعراض حساسية الربيع باتباع بعض النصائح، وإليك أهمها.
ما هي الحساسية الموسمية؟
في الربيع تزهر الأشجار والنباتات العشبية وتنتج حبوب اللقاح بغرض التكاثر. يمكن لحبوب اللقاح أن تنتشر عبر الحشرات أو الرياح، فتعبق الأجواء بها، لذا تزداد أعراض الحساسية الموسمية لحبوب اللقاح أو التي تعرف بحمى القش خلال الربيع.
في حالة الحساسية، تؤدي حبوب اللقاح إلى استجابة مناعية مفرطة في الجسم، فإذا وصلت إلى العيون أو الغشاء المخاطي للأنف لمن يعانون الحساسية، يشكل الجسم العديد من الأجسام المضادة في الدم لمحاربة الأعداء المفترضين. نتيجة لذلك، يطلق الجسم المزيد من مادة الهيستامين، المسؤولة عن أعراض الحساسية النموذجية. يسبب الهيستامين تورماً في الأنف والعينين في محاولة لمنع دخول المواد المسببة للحساسية إلى الجسم، والعطاس لإزالة مسببات الحساسية من الأنف.
اقرأ أيضاً: كيف تميز بين أعراض الحساسية والإصابة بكورونا؟ 5 أسئلة تجيبك
نصائح لمنع أعراض حساسية الربيع من الظهور
مع ازدياد كميات حبوب اللقاح في الجو، هناك بعض الأساليب الفعالة التي يمكنك استخدامها لتقليل تفاعلات الحساسية لمن يعاني من حساسية الربيع، ومنها:
1. الحد من التعرض لحبوب اللقاح
خط الدفاع الأول ضد ظهور أعراض حساسية الربيع هو تجنب التعرض لمسببات الحساسية قدر الإمكان، وذلك من خلال اتباع النصائح التالية:
- تجنب فترات الجفاف والمترافقة بحركة رياح شديدة، ومحاولة الخروج بعد هطول الأمطار لأنها تساعد على تنقية الجو من حبوب الطلع.
- تجنب التماس المباشر مع النباتات، كما في أعمال جز الأعشاب والبستنة.
- ارتداء قناع عند الاضطرار للخروج من المنزل، لمنع حبوب اللقاح من دخول الأنف والفم.
اقرأ أيضاً: حقيقة وليس تكهنات: موسم الحساسية يبدأ مبكراً بسبب المناخ
2. التخفيف من حمولة حبوب اللقاح في المنزل
عندما تزداد كميات حبوب اللقاح في الجو، يمكن اتخاذ بعض الخطوات والتدابير للتخفيف من وصول حمولة حبوب اللقاح إلى المنزل قدر الإمكان، ومنها:
- استخدام أجهزة التكييف في المنزل والسيارة لفلترة الهواء.
- تنظيف الأرضيات وأسطح العمل والمناطق التي يصعب الوصول إليها، مثل مراوح السقف والرفوف العالية، بشكل منتظم.
- المحافظة على النوافذ والأبواب مغلقة خلال فترات الذروة التي تتزايد فيها كميات حبوب اللقاح، كما في الصباح والمساء، لمنع حبوب اللقاح من دخول المنزل.
- استخدام المكانس الكهربائية أو الفلاتر التي تعمل بمرشح الجسيمات عالي الكفاءة (HEPA).
- تشغيل مزيل الرطوبة في المنزل، للحفاظ على الهواء جافاً حتى لا تنمو المواد المسببة للحساسية والعفن.
- تجنب التدخين أو التواجد بالقرب من المدخنين، إذ يمكن للدخان أن يهيج الرئتين ويزيد من أعراض الحساسية.
- الابتعاد عن القطط والكلاب وفروها.
3. الحفاظ على النظافة الشخصية
تميل حبوب اللقاح إلى الالتصاق بالأشياء المادية، مثل الملابس والشعر، لذا قد يكون من المساعد اتباع النصائح التالية:
- الاستحمام قبل النوم لإزالة أي حبوب لقاح قد تكون قد تجمعت على بشرتك أو شعرك أثناء النهار.
- التخلص من أكبر قدر من الملابس قبل الدخول إلى المنزل.
- استبدال عملية تجفيف الملابس بالهواء الطلق، تجنباً لأية حبوب لقاح قد تعلق في أنسجة القماش.
- ارتداء القبعة والنظارات الشمسية عند الخروج، لتقليل كمية حبوب اللقاح التي قد تدخل العينين، أو تسقط على الشعر.
4. تناول أدوية الحساسية
تناول أدوية الحساسية لدى وجود توقعات بارتفاع كميات حبوب اللقاح، ومن هذه الأدوية:
- مضادات الهيستامين: للتخفيف من حدة أعراض التحسس مثل الحكة وسيلان الأنف والعطس. تتوافر في شكل حبوب أو رذاذ أو شراب، ومنها: فيكسوفينادين ولوراتادين (كلاريتين وألفيرت).
- الكورتيكوستيرويدات الأنفية (Nasal corticosteroids): هي أكثر أنواع الأدوية الفعالة لحساسية الأنف، وتكون على شكل رذاذ أنفي. ومنها، فلوتيكازون بروبيونات (Flonase Allergy Relief)
- مزيلات الاحتقان: تعمل عن طريق تقليص الأوعية الدموية في بطانة الممرات الأنفية وتقليل الاحتقان. تأتي في شكل حبوب، أو شراب أو قطرة أو بخاخ أنفي.
- مستقبلات الليكوترين (Leukotriene receptor): تثبط هذه الأقراص عمل بعض المواد الكيميائية المتضمنة في تفاعلات الحساسية.
- القطرات العينية: تستخدم كعلاج مؤقت لحساسية العين من الحكة والاحمرار والتورم.
- رذاذ الأنف كرومولين الصوديوم: يساعد على إيقاف إفراز الهيستامين قبل أن يؤدي إلى ظهور أعراض الحساسية.
5. العلاج المناعي
العلاج المناعي هو الحل الطويل الأمد للتخلص من أعراض حساسية الربيع نهائياً، وهو مفيد بشكل خاص لمن لم يستفيدوا من العلاج الدوائي بما يكفي للتخلص من الأعراض، أو الذين يعانون من آثار جانبية للأدوية. يقوم العلاج المناعي على تعريض الجسم لجرعات صغيرة من حبوب اللقاح التي يعاني منها، حتى يتمكن الجسم من بناء مقاومة لمسببات الحساسية. هناك طريقتان للعلاج المناعي:
- حقن لمسببات الحساسية لمدة 3-5 سنوات.
- أقراص تحت اللسان بشكل يومي ولمدة 3 سنوات.
اقرأ أيضاً: هل أخذ أدوية الحساسية يؤدي إلى تفاقمها؟
6. العلاج المنزلي
يمكن لبعض العلاجات المنزلية أن تخفف من أعراض حساسية الربيع، ومنها:
- استنشاق البخار: لفتح الممرات الأنفية، ويتم بوضع الرأس فوق وعاء به ماء مغلي، مع تغطية الرأس والوجه مع الوعاء. ولكن يجب الانتباه من حروق الجلد.
- شطف الأنف بمحلول ملحي: يساعد على تخفيف الاحتقان، بتقليل المخاط الزائد من الممرات الأنفية، وإزالة المواد المسببة للحساسية من الجيوب الأنفية.
7. تغيير النظام الغذائي
يمكن لبعض المكونات الغذائية أن تخفف من أعراض حساسية الربيع، ومنها:
- الباتربور أو حشيشة السعال (Coltsfoots): وفقاً لدراسة نُشرت في دورية "أدفانسس إن ثيربي" (Advances in Therapy) تحتوي عشبة الباتربور على مستخلص يسمى زي 339 ، يمكنه تخفيف أعراض الحساسية مثل بعض مضادات الهيستامين.
- مركب الكيرسيتين: في التفاح والبصل والشاي الأسود، حيث أثبتت الدراسة المنشورة في دورية الجزيئات (Molecules) أنه يمكن للكيرسيتين منع إفراز الهيستامين.
- نبات القراص اللاذع: أشارت الدراسة المنشورة في دورية بحوث العلاج بالنباتات (Phytotherapy Research)، أنه يمكن لأوراق نبات القراص اللاذع المجففة بالتجميد، أن تخفف أعراض حساسية الربيع. ولكن تبقى هناك حاجة لمزيد من الأبحاث حولها.
إذاً، ليس من الضروري أن تدمر الحساسية الموسمية فصل الربيع بالنسبة لك، إذ يمكنك باتباع هذه النصائح، بعد استشارة الطبيب المختص أو مقدم الرعاية الصحية، التخفيف من أعراض حساسية الربيع والاستمتاع بجمال هذا الفصل.