قيل لنا كثيراً إن سر النوم الجيد هو الحصول على 8 ساعات من النوم كل ليلة، وإن هذا الرقم السحري هو كل ما تحتاجه لتكون بصحة جيدة. ولكن ما صحة ذلك؟ وهل حدث معك من قبل واستيقظت وأنت تشعر بأن جسمك لم ينل القسط الكافي من الراحة حتّى بعد نوم أكثر من 8 ساعات؟
يحدث هذا بشكل متكرر مع الكثير منّا، والسبب هو أن الكمية ليست العامل الوحيد الذي يجب أخذه بعين الاعتبار عندما نتحدث عن جودة النوم، يتعلق ذلك بنوعية النوم التي نحصل عليها.
ولأن الحصول على النوع الصحيح من النوم بات موضوعاً معقداً، سنتعرف معاً على "نوم الراحة" وعن أهميته وكيف نتأكد من أننا نحصل عليه.
مراحل النوم: ما هو نوم الراحة؟
نوم الراحة لا يعني التنويم المغناطيسي أو الدخول في حالة سبات، فهو لا يتطلب سوى معرفة متى علينا أن نستيقظ بحيث لا نقطع سلسلة مراحل نومنا، أي الاستيقاظ عندما يكون الجسم قد أنهى دورة نوم كاملة وليس في منتصفها.
تنطوي دورة النوم الواحدة على 4 مراحل، حيث تشكل المراحل من 1 حتّى 3 ما يُسمى بـ(النوم غير الريمي)، وتُسمى المرحلة الرابعة بـ(نوم الريم) أو نوم حركة العين السريعة.
اقرأ أيضاً: كيف تحصل على نوم عميق وصحي؟
تتباين كل مرحلة من مراحل النوم غير الريمي في مدتها، حيث تستمر المرحلة 1 بين 5-10 دقائق. وعلى الرغم من أن العينين تكونان مغلقتين، فإن إيقاظ الفرد يكون سهلاً خلال هذه المرحلة. وتستمر المرحلة 2 لمدة 10-25 دقيقة، يتباطأ خلالها القلب والتنفس وتنخفض درجة حرارة الجسم، ويتهيأ الجسم للدخول في النوم العميق.
أهم مرحلة من النوم هي الأخيرة من النوم غير الريمي والتي تمثل 13-23% من نومنا، وهي "النوم العميق" أو ما يُعرف بـ"نوم الموجة البطيئة"، والذي نقضي معظم نومنا ونحن مستمتعون فيه خلال النصف الأول من الليل. يكون من الصعب إيقاظ الفرد في هذه المرحلة، وإذا تم إيقاظه فسيكون مرتبكاً ومشوشاً لفترة من الوقت.
لهذه المرحلة دور أساسي في تعزيز التعافي والنمو الجسدي والتجديدي في الجسم وبناء الأنسجة والعضلات والعظام وتقوية الجهاز المناعي. كما أن تعطيل هذه المرحلة، حتّى عند الحصول على 8 ساعات من النوم، يؤثر على قدرتك على العمل بشكل واضح. فخلال هذه المرحلة، يتباطأ القلب والتنفس وتخفت الأصوات التنفسية، كما تسترخي العضلات وتصبح موجات الدماغ بطيئة.
وأخيراً، يحدث نوم الريم أو نوم حركة العين السريعة بعد 90 دقيقة من بدء النوم، ويتسارع معدل ضربات القلب والتنفس في هذه المرحلة وتكثر فيها الأحلام.
اقرأ أيضاً: كيف يستيقظ الدماغ من النوم
كيف تستدل على أنك بحاجة إلى تحسين جودة نومك؟
من الصعب أن نحدد نوعية النوم الذي نحصل عليه بأنفسنا، إلا أن هناك بعض العلامات السلوكية التي تدل على عدم الحصول على نوم مريح، نذكر العلامات الأكثر شيوعاً منها:
- الاستيقاظ مع الشعور بالإرهاق: الطريقة الأشيع للاستدلال على وجود مشكلة بالنوم، وفي حال لم تحصل على قسط كافٍ من النوم العميق فسوف تستمر بالشعور بالإرهاق حتماً بغض النظر عن الحصول على ساعات نوم طوال.
- سرعة الغضب: من الطبيعي أن نشعر بالإحباط أو الانزعاج بين حين وآخر، إلا أنه عندما نكون محرومين من النوم، فإننا نجد الأشياء التي لا تزعجنا عادةً غير محمولة بشكل غير اعتيادي.
- صعوبة التركيز: تضعف القدرة على التركيز وتتباطأ المنعكسات وردود الأفعال ويصبح الفرد في حالة تأهب ضعيفة لما حوله.
- النسيان المتكرر: يؤثر عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم العميق على أدائنا الذهني وخاصةً الذاكرة قصيرة الأمد والتي تتعامل مع المعلومات المؤقتة التي نحتفظ بها في أذهاننا ونستخدمها لتنفيذ المهام المعرفية.
- الميل لأخذ قيلولة خلال النهار: ونقصد بذلك إما القيلولة المخططة أو تلك التي تغرقك وأنت تشاهد التلفاز، وتعتبر هذه العلامة السلوكية من العلامات التي تنبه إلى ضرورة تعديل نمط النوم لأنها تؤثر على الحياة وتجعل من بعض المهام اليومية مثل قيادة السيارة خطرة نوعاً ما.
كيف تتبع نومك بدقة؟
أصبح الآن تتبع النوم ممكناً بفضل الذكاء الاصطناعي وما قدمه من أدوات تخدم هذه الغاية. يُنصح بتتبع النوم وبشكل خاص عند الشك في أنك لا تحصل على قسط كافٍ من النوم المناسب في الليل.
تعطي أدوات تتبع النوم فكرة واضحة عن مقدار النوم الذي حصلت عليه ونوعه والوقت الذي قضيته مستيقظاً. حتى إنها تتبع معدل ضربات القلب والتنفس، الأمر الذي يمنح القدرة على تقييم عادات نومك وتحديد أنماطه.
اقرأ أيضاً: كيف يعزز النوم الجيد من صحة القلب
هناك الكثير من الخيارات لمن يرغب في تتبع نومه، وأكثرها شيوعاً الساعات بالإضافة إلى خواتم تتبع النوم وتطبيقاته وحتّى فرش النوم، والتي بدورها تتحسس دخولنا في كل مرحلة من مراحل النوم وتُوقظنا في الوقت المناسب، أي في نهاية دورة النوم دون أن نقتطعها.