الجائحة الصامتة: كيف نقلل من انتشار ظاهرة مقاومة الصادات الحيوية؟

الجائحة الصامتة: كيف نقلل من انتشار ظاهرة مقاومة الصادات الحيوية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Jarun Ontakrai
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

صنّفت منظمة الصحة العالمية مقاومة الصادات الحيوية كواحدة من أبرز 10 تهديدات للصحة نظراً لزيادة انتشارها بشكل ملحوظ، حيث تعتبر المسؤولة عن 1.27 مليون وفاة حول العالم سنوياً، وتوجد كل عام ما لا يقل عن 2.8 مليون حالة من مقاومة الصادات الحيوية.

وبينما نوجّه معظم انتباهنا نحو الحاضر أو تجارب الماضي، يتوجب علينا التفكير بالمستقبل والتنبؤ بما سيكون عليه إذا استمرينا بالعمل على هذه الوتيرة، لهذا السبب هناك حاجة ماسة إلى إيجاد حلول جديدة لمعالجة مقاومة العوامل الممرضة. ففي الوقت الذي يشكل به العلاج بالصادات الحيوية علاجاً يعيد الراحة إلى حياتنا، لكنه كالسيف ذي الحدين والذي قد يشكل الخطر الأكبر على البشرية في حال لم يُستخدم بالشكل الصحيح.

ما هي مقاومة الصادات الحيوية؟

مقاومة الصادات الحيوية بتعريفها البسيط هي فشل أصناف من الصادات الحيوية بالقضاء على إنتان كانت قد نجحت في القضاء عليه سابقاً، حيث تطور العوامل الممرضة القدرة على حماية نفسها من هذه الصادات ما يجعلها تستمر في النمو والتفشي داخل الجسم.

تؤثر مقاومة المضادات الحيوية على أي شخص مهما كان عمره وأينما وجد، والأمر الذي يقوّي التوجه نحو زيادة انتشارها هو أن علاج بعض الإنتانات مثل الالتهاب الرئوي والسل والسيلان البني وداء السالمونيلا بات أكثر صعوبة اليوم، والسبب هو أن الصادات الحيوية المستخدمة أصبحت أقل فعالية في السيطرة على الإنتان.

 ولا يجب أن تكون البكتيريا والفطريات مقاومة لكل الصادات حتى تكون خطيرة، إذ إن مقاومة صاد واحد فقط تشكل خطراً جسيماً، فما السبب وراء تطوير العوامل الممرضة دفاعاتها ضد الصادات الحيوية؟

اقرأ أيضاً: ليست كل الفيروسات سيئة: كيف يعمل بعضها من أجل صحتنا؟

أسباب حدوث مقاومة الصادات الحيوية

يهدد ظهور آليات مقاومة جديدة على مستوى العالم قدرتنا على علاج الأمراض المعدية البسيطة، فإضافة إلى أن تدبير الإنتانات الخطيرة مثل الإنتان الدموي والسل والالتهاب الرئوي وإنتانات السبيل الهضمي أصبح صعباً أو مستحيلاً إن صح التعبير لدى بعض الحالات النادرة، كذلك قد يستعصي على الأطباء علاج بعض الإنتانات الشائعة مثل التهاب الأمعاء أو التهاب الحلق البسيط مستقبلاً مع انتشار مقاومة الصادات، الأمر الذي يعتبر مشكلة تهدد الصحة العامة.

السبب الرئيسي لانتشار مقاومة الصادات الحيوية هو استخدام الصادات بشكل عشوائي وغير مسؤول، ويتضمن ذلك تناولها دون استشارة الطبيب أو التوقف عن تناول الكورس العلاجي الموصى به بمجرد الشعور بتحسن، فالشعور بالتحسن دليل على أن العلاج فعّال ولا يشير إلى أن الإنتان قد تم القضاء عليه بشكل كامل، وبذلك تتحسس العوامل الممرضة هذا الصاد وتطور أساليب دفاعية تجعلها مقاومة له عند التعرض له مرة ثانية، ولذلك يضطر المريض إلى تناول صاد حيوي أقوى في المرة المقبلة التي يحتاج فيها إلى صاد حيوي.

من جهة أخرى، يعتبر سوء تدبير الإنتانات عند المضعفين مناعياً سبباً آخر لحدوث مقاومة الصادات الحيوية، إذ تعتبر البيئة المناعية الضعيفة مثالية لتحور وتحول البكتيريا والفيروسات إلى سلالات أقوى معندة الاستجابة للعلاج.

وبدون اتخاذ إجراءات عاجلة، نحن نتجه نحو عصر “ما بعد الصادات الحيوية” والذي فيه تقتل الإنتانات البسيطة والشائعة مرة أخرى البشر، فما هم التدابير التي تكبح انتشار مقاومة الصادات الحيوية؟

اقرأ أيضاً: ما أعراض الجذام وكيف يتم علاجه؟

تدابير منظمة الصحة العالمية للحد من انتشار ظاهرة مقاومة الصادات الحيوية

يعتبر التصدي لمقاومة الصادات الحيوية أولوية قصوى بالنسبة لمنظمة الصحة العالمية، حيث تمت المصادقة على خطة عمل عالمية بشأن ذلك منذ عام 2015، والتي تهدف إلى تعزيز الوقاية من الأمراض المعدية وعلاجها بشكل آمن وفعّال واستخدام الصادات بإدارة، وأهم النصائح والتدابير التي  طرحتها منظمة الصحة العالمية للحد من انتشار مقاومة الصادات الحيوية نذكر: 

  • تجنب الاستخدام العشوائي للصادات واستخدمها فقط تحت إشراف أخصائي صحي معتمد.
  • اتباع توجيهات مقدم الرعاية الصحية الخاص بك عند استخدام الصادات الحيوية وتجنب تدبير الرشح الشائع بالصادات، فهو عدوى فيروسية والصادات الحيوية مصممة لمحاربة الجراثيم وليس الفيروسات.
  • عدم مشاركة الكورس العلاجي للصادات الحيوية مع أحد وبدء علاجك بصادات حيوية متبقية في صيدلية منزلك.
  • غسيل اليدين بانتظام بعد العودة من الخارج وقبل تناول الطعام.
  • تجنب الاتصال الوثيق مع المصابين بالأمراض الالتهابية وخاصة في حال وجود حالة ضعف مناعي.
  • ممارسة العلاقة الزوجية بشكل آمن.
  • إعداد الطعام بطريقة صحية باتباع المفاتيح الخمسة وهي الحفاظ على نظافة الطعام وفصل الطعام النيئ عن المطبوخ وطهي الطعام جيداً وحفظ الطعام في درجات حرارة آمنة، وأخيراً استخدام الماء النظيف الصالح للشرب عند الطبخ.
  • الابتعاد عن تناول الأطعمة التي أُضيفت إليها الصادات الحيوية، والتركيز على الأطعمة العضوية.

ومن أهم التدابير التي تقع على عاتق مقدمي الرعاية الصحية هي إبلاغ فرق المراقبة الصحية عن أي حالات مقاومة للصادات الحيوية، والاستمرار في البحث والتطوير ودراسة أصناف الصادات الحيوية الجديدة واللقاحات وفعاليتها.

كأحد جهود الحد من انتشار مقاومة الصادات: ابتكار رذاذ يقتل البكتيريا في ثوانٍ

كجزء من الجهود المبذولة لإبطاء انتشار وتطوير مقاومة الصادات الحيوية، يقوم الباحثون في جامعة تشالمرز السويدية بتطوير رذاذ يحتوي على مواد مضادة للبكتيريا يمكن استخدامها في الرعاية الصحية. 

تتكون هذه المواد المضادة للبكتيريا من جزيئات هيدروجيل دقيقة مجهزة بنوع من الببتيدات التي ترتبط مع البكتيريا بشكل وثيق وتقضي عليها خلال أقل من دقيقة.

وقال مارتن أندرسون (Martin Andersson) رئيس أبحاث ابتكار هذا الرذاذ وأستاذ في الهندسة الكيميائية في تشالمرز بهذا الخصوص: “يمكن أن يكون لابتكارنا تأثير مزدوج في مكافحة مقاومة الصادات الحيوية، فقد ثبت أن المادة فعّالة ضد العديد من أنواع البكتيريا المختلفة بما في ذلك المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين، كما أن لديه القدرة أيضاً على منع الإنتان، وبالتالي تقليل الحاجة إلى الصادات الحيوية”.

اقرأ أيضاً: ما أعراض الإصابة بداء الرشاشيات وكيف تحمي نفسك منه؟

ومن أهم استخدامات هذا الرذاذ سيكون أثناء تركيب القثاطر البولية والوريدية والتي تعد إنتاناتها أحد المصادر الرئيسية للعدوى المكتسبة من المستشفيات، لهذا يمكن لهذا الرذاذ الذي ابتكره باحثو تشالمرز أن يكون الآن أداة جديدة فعّالة تقلل من خطر الإنتانات المكتسبة وتعزز الوقاية.