أفكار رئيسية للتعامل مع البعد الاجتماعي.
- القدرة على قراءة حاجات الآخرين الاجتماعية يمكن أن تخلق بيئة تسودها الثقة والتقارب.
- رغبة صديق مقرّب أو عضو من العائلة أو زوجك/تك في الحفاظ على بُعد معيّن يمكن أن تتسبب بألمٍ كبير.
- السماح لبعضنا البعض بالشعور بمشاعرنا في العلاقات يمكن أن ينقذ العلاقة.
«الصديق هو شخص يعرف كل شيء عنك ويحبّك على الرغم من ذلك». - إلبرت هابارد
اتصلت بزوجتي في أحد الصباحات منذ 5 سنوات تقريباً. كانت تزور عائلتها في المكسيك مع طفلينا، وكانت هناك طيلة الأسبوعين الماضيين. أثناء المكالمة، قالت زوجتي لابننا «أليكس» -الذي كان يبلغ من العمر 3 أعوام حينها- أنني سآتي إلى المكسيك في اليوم التالي لأراهم.
كجواب، امسك أليكس الهاتف وقال: «لا، لا تأت».
جرح ذلك مشاعري كثيراً لفترة من الزمن.
البعد الاجتماعي هو هدف متحرّك
لم يكن لدي خيار سوى نسيان الموضوع ومحاولة تفهّم أليكس. لعب أليكس دور رجل المنزل لأسبوعين، ومن المرجّح أنه شعر أني سآتي لأحل محلّه وانتزع أمه منه.
ما يدعو للسخرية هو أنه بعد ساعة تقريباً، وبينما كنت لا أزال أكتب هذه المقالة، اتصلت زوجتي بي وقالت أن أليكس كان يبكي ويريد التحدّث معي.
قال أليكس وهو يبكي: «أريدك أن تأتي».
تحتوي علاقتي مع ابني نفس التفاصيل التي اختبرها في صداقاتي: البعد الاجتماعي الذي لا يتوقّف عن التقلّب. ربما أنك تختبر هذا الأمر أيضاً في بعض علاقاتك الأساسية.
كما كتب «ويليام آرثر وارد» مرّة: «المتشائم يشكو من الريح، والمتفائل يتوقع أن تتغير، بينما الواقعي يعدّل الشراع». يتحتّم علينا جميعاً أن نصبح واقعيين اجتماعياً في نهاية المطاف، أي نكون قادرين على تعديل «الشراع» وفقاً لاتجاه الرياح التي تهب في وجهنا نتيجة علاقاتنا مع الأشخاص الذين يهمّنا أمرهم.
هل هذه الرياح هي رياح القرب أو العاطفة؟ التعاطف أو الحنان؟ أم هي رياح الحماس؟
أم هي رياح الأسى، أو العزلة؟ الارتياب أم الضغينة؟
تذكّر أنه إذا منحك أحد ما هدية ولم تقبلها، فهذه الهدية تبقى ملكه.
فقدان السيطرة
التخلّي عن هذه الآمال المرتبطة بعلاقة ما يمكن أن يكون أمراً صعباً، وخصوصاً عندما نشعر بالألم والخيبة عندما لا يبادلنا شخص ما نهتمّ لأمره نفس المشاعر. بغض النظر عن مدى ثقتنا بأنفسنا، يمكن أن تتسبب رغبة صديق مقرّب أو عضو من العائلة أو زوجك/تك في الحفاظ على بعد معين بألم كبير.
كلما زادت قدرتنا على فصل أنفسنا عن البعد الاجتماعي المتقلّب دائماً في كل علاقتنا مع الآخرين، وتقبّل ديناميكية البعد الاجتماعي في العلاقات؛ سنصبح قادرين على أن نصبح أقرب إلى ما يصفه المحلل النفسي البريطاني «ويلفرد بايون» بالـ «الوعاء» لمشاعر الآخرين.
كأوعية تستوعب مشاعر الآخرين، نحن نخلق بيئة مصغّرة، وهي مساحة آمنة حيث نسمح للآخرين بتجربة المشاعر الصعبة والمربكة والتعبير عنها، مثل الرعب والقلق و التخوّف، والتي لا ننتبه لها عادةً، مما يجعلنا لا نفهمها بشكلٍ كامل. إذا استطعنا أن نخلق هذه البيئة، سنسمح للآخرين بتجربة مشاعرهم مجدداً بشكلٍ معدّل أقل خطورة يجعلهم قادرين على تقييم مشاعرهم الحقيقية بشكلٍ أفضل.
مجدداً، عندما كان أليكس يبلغ 3 أعوام، كان يتكلّم معي بطريقة قاسية أحياناً قائلاً أنه لا يردني معه، وأنه يريد أن يقضي الوقت مع والدته فقط. حاولت ألّا أتفاعل مع هذه التصرفات.
حافظ على هدوئك واسمح للآخرين بالابتعاد
لماذا؟ عرفت أن أليكس كان يحتاج لأن يختبر شعور البهجة والقلق الناجم عن استقلاليته دون أن يمزج هذه المشاعر مع مشاعر أخرى ناتجة عن تفاعلي القاسي مع ما يقول.
عندما استطعت أن أتصرف كوعاء يستوعب تركيبة المشاعر المتضاربة التي كان يشعر بها، أصبح أليكس قادراً على تجربة مشاعر أخرى تتمثّل بالحب والاهتمام، وهي مشاعر عبّر لي عنها أيضاً لحسن حظي.
نفس الأمر ينطبق على أصدقائنا وأفراد عائلاتنا أو أزواجنا: كلما كنا أكثر قدرة على التصرف وفقاً لما ينصح به المحلل النفسي البريطاني «دونالد وينيكوت»، وهو أن «نتحمّل» مشاعر الآخرين التي تشير إلى رغبتهم بالبعد عنا، سنصبح أكثر قدرة على الشعور بالمشاعر التي يحتاجون هم أن يختبروها حتى ينضجوا كبشر.
عندما يحصل الآخرين على هذه الخبرة، فمن المرجح أن يرمموا البعد معنا، ويرغبوا بالتقرّب إلينا مجدداً.
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.