بهذه الطرق يمكنك تحقيق أقصى استفادة من التأمُّل

4 دقائق
تأمل, يوغا
shutterstock.com/ Evgeny Atamanenko

لا شك أن عام 2020 أخلّ بروتين حياتنا إلى حدٍ كبير، مع ذلك، لم يكن هناك وقت أفضل من هذا الوقت للاسترخاء والتأمل. تُظهر الدراسات أن اليقظة التامة والتأمل يمكنهما أن يقللا ضغط الدم وأعراض القلق والاكتئاب والتوتر بشكلٍ عام، ولكن مع وجود أكثر من 1300 تطبيق للتأمل يمكنك تحميلها -ناهيك عن عدد لا يحصى من الكتب حول هذه الممارسة- فقد يبدو من الصعب فهم كيفية التعمّق في هذه الممارسات، أو حتى تحديد ما يناسبك منها. إليك كيفية التنقل في هذا المشهد المزدحم اعتماداً على الحقائق العلمية:

ما هي اليقظة التامة والتأمل الواعي، وكيف يمكنهما تحسين صحتي العقلية؟

هناك عدة أنواع مختلفة من التأمل، ولكن ربما كان التأمل اليقظ أو «اليقظة التامة» هي الأكثر شيوعاً هذه الأيام؛ حيث تتخذ أشكالاً عديدة، ولكنها في جوهرها تتعلق بالتركيز على التخلي عن الماضي، وعدم القلق بشأن المستقبل، والتركيز أكثر على تواجدك في الحاضر. الوعي بنفسك في اللحظة الراهنة، بالإضافة إلى إدراكك وقبولك أية أفكار ومشاعر تتوارد إليك أثناء ذلك، هو ما يدعوه علماء النفس اليقظة، أو الوعي التام.

يمكن أن يكون لممارسة اليقظة آثار كبيرة على الدماغ وصحة الجسم عموماً. لقد أظهرت هذه الممارسة نتائج مشجعة في مساعدة مَن يعانون من الألم المزمن والإدمان، ومتلازمة القولون العصبي، بل وحتى معالجة طنين الأذن.

في الواقع، لا نعرف بالضبط كيف يمكن لليقظة أن تحسن هذه الحالات، لكن الباحثين على درايةٍ بأنه يمكن لهذه الممارسة التأثير على الدماغ. على سبيل المثال، أظهر التصوير بالرنين المغناطيسي لمجموعة من المشاركين؛ في دراسةٍ تنطوي على انتظامهم في فصلٍ لممارسة اليقظة لمدة 8 أسابيع، تقلّص اللوزة الدماغية. تُعرف اللوزة بمركز «القتال أو الهروب» في الدماغ، وهي تشارك بشكلٍ كبير في تفاعلات الإجهاد، وبالتالي فإن تقلصها يسهم ربما بتهدئة المشاعر وسكينة النفس، كما توصلت الدراسة نفسها إلى أن قشرة الفص الجبهي؛ المسؤولة عن أشياء مثل التركيز واتخاذ القرار، أصبحت أكثر سمكاً.

بالرغم من عدم فهمنا تماماً للآلية الكامنة وراء دور التأمل في تحسين عقولنا وأجسادنا، إلا أن هناك أدلة مؤكدة على أثرها الإيجابي. إذا لم تمارس التأمل بانتظامٍ حتى الآن، فإن الأمر جدير بالتجربة.

كيف أمارس التأمل؟

ممارسة التأمل اليقظ بسيطة للغاية. ابدأ بالبحث عن مكانٍ هادئ -أو قم بتشغيل بعض موسيقى الضوضاء البيضاء إذا احتجت إلى ذلك- واجلس على الأرض أو على حافة سريرك، وأغلق عينيك.

اقرأ أيضاً: كيف تساعدنا الضوضاء البيضاء على الاسترخاء والنوم؟

أفضل طريقةٍ للتأمل هي التركيز على تنفسك. استرخِ وصفِّ عقلك، لا تتجاهل كل أفكارك أو تحاول التخلص منها، بل تقبلها، وجرب أن تتركها تتلاشى لوحدها بدلاً من التركيز عليها. سيكون ما تشعر به في هذه الأوقات والشعور بوجودك مفتاح كونك «يقظاً».

يمكنك أيضاً تجربة تقنية متقدمة أكثر من التأمل اليقظ تُدعى «التخيل». على سبيل المثال، إذا كنت تريد أن ترى نفسك تحقق ما تطمح إليه؛ كأن تجري ميلاً أسرع، أو التواصل مع صديقٍ بشكلٍ أفضل، أو حتّى التجول في متجر البقالة في ظروف ما قبل الجائحة، فيمكنك الجلوس في مكانٍ هادئ وإغماض عينيك والبدء بتخيل الحدث بكل تفاصيله والتلاعب به والنجاح في ذلك. في الواقع، يستفيد الكثير من الرياضيين المحترفين من هذه التقنية لأداء التمارين تحت الضغط ، وقد وجدت إحدى الدراسات أنه يمكنك تحفيز بعض النمو العضلي البسيط، ولكنه مهم، بمجرد تخيل القيام بالتمرين.

حتى إذا لم يكن هناك شيء محدد تفكر فيه، فلا يزال بإمكانك القيام بالتخيل اليقظ. اجلس في مكانٍ هادئ ومريح وأغلق عينيك، وتخيل أن جسمك يمتلئ ببطء بنور الشمس الدافئة والمشرقة من أعلى رأسك، سيملأ النور كل جمسك حتى أطراف أصابعك مروراً برقبتك وكتفيك ومعدتك.. كل جسمك. يجب أن تستغرق العملية بأكملها من 3 إلى 10 دقائق، ويمكنك الاستعانة بالدليل الإرشادي المجاني الذي يوفره موقع «هيدسبيس» إذا رغبت ببعض المساعدة للقيام بالتمرين. تسمح لك هذه التقنية بأن تصبح أكثر وعياً بجسمك وبمحيطه المتصل به، مما يساعدك على تعزيز شعورك باليقظة؛ وبالتالي الاستفادة من فوائدها.

ما هي التطبيقات التي يمكنني استخدامها لمساعدتي على التأمل؟

التأمل موجودٌ منذ آلاف السنين، فقد كان البوذيون القدماء مولعين به جداً. أما في عالمنا الرقمي الحديث، فإن أسهل طريقةٍ للبدء بممارسته هي استخدام تطبيقٍ يساعدك على القيام به. يمكنك البدء بتطبيقاتٍ مثل «هيدسبيس» أو «كالم» أو «جورني ليف»، فجميعها تؤدي الغرض. يقدم أول تطبيقين تمارين ارشادية حسب الطلب، بينما يقدم التطبيق الثالث؛ جورني ليف، فصولاً حية يمكنك الانضمام إليها مع وجود مدرّب في الطرف الآخر. (يمكنك مراجعة دليل بوبساي المميز حول تطبيقات التأمل من هنا).

تشير إليانور في مقالتها إلى أن التأمل بمساعدة تطبيقات الهاتف الذكي قد يفشل إذا استمر هاتفك بتشتيتك من خلال رسائل البريد الإلكتروني وإشعارات العمل مثلاً، لذلك من المهم جداً التخلّص من هذه المشتتات في البداية لتحصل على الفائدة المرجوة من التأمل، وذلك من خلال إيقاف جميع الإشعارات، على الأقل أثناء التأمل، أو حتى قبل وبعد ممارسة التأمل لفترةٍ من الوقت.

يمكنك أيضاً تعلُّم كيفية التأمل دون مساعدة دليل، وإبعاد الهواتف والشاشات عن المعادلة تماماً. التأمل في غرفة خالية من أية عوامل تشتيت على الإطلاق تجربةٌ مذهلةٌ، وغير عاديةٍ، وأنا أحثك ​​على تجربتها إذا استطعت. بالإضافة إلى ذلك، يمكنك استخدام هذه التطبيقات لفترةٍ تجريبية دون الحاجة للاشتراك، لذا استخدم ما يتيحه لك كل تطبيق من فترةٍ مجانية، وبذلك يمكنك مراكمة كمية لا بأس بها من الاستراتيجيات والتقنيات التي تريدها، واستخدامها فيما بعد في ممارساتك الشخصية، ويمكنك بعد ذلك إنشاء كتيبك الخاص بالتقنيات التي تفضلها، ثم التخلي عن التطبيقات ببساطة.

ماذا لو لم تحب التأمل مهما فعلت؟

إذا جربت التأمل ووجدت أنه لا يناسبك بالفعل، فلا تزال هناك طريقة لتجربة شيءٍ مشابه. يمكنك- على الأقل- تخصيص بعض وقت الفراغ، أو يومٍ من الأسبوع؛ بحيث لا تفعل فيها شيئاً بالمعنى الحرفي للكلمة. في الحقيقة، إن قضاء بعض الوقت في الاسترخاء والاستمتاع باللحظة عن طريق القيام بأشياء مثل الاستحمام لفترة طويلة، أو ملاعبة كلب، أو القيام ببعض أعمال البستنة، يعزز صحة الدماغ أيضاً.

تشير إليانور في مقال لها في المجلة، إلى أن الباحثين غير متأكدين تماماً كيف يساعدنا وقت الاسترخاء في تقليل التوتر، ومع ذلك، يؤكدون على الأوقات الذي نقضيه بعيداً عن أعمالنا وهمومنا اليومية، والتفكير بدلاً من ذلك في مشاعرنا الحالية، والتأمل في الماضي، والتخطيط للمستقبل يحسن صحتنا العقلية كثيراً؛ إذ تنشّط هذا اليقظة المؤقتة منطقة من الدماغ تسمى شبكة الوضع الافتراضي (شبكة دماغية واسعة النطاق مكونة بشكلٍ أساسي من القشرة أمام الجبهية المتوسطة، وقشرة التلفيف الحزامي الخلفية والتلفيف الزاوي، تنشط عند عدم تركيز الشخص في العالم الخارجي)، مما يساعد على فهم الفوضى المستمرة التي تسود حياتنا.

ربما يكون من الصعب أحياناً عدم فعل أي شيء لتحسين صحتنا العقلية، ولكن هناك 3 أمورٍ أساسية يمكن القيام بها من أجل ذلك؛ وهي إيقاف تشغيل الأجهزة التي تُصدر الإشعارات، والعثور على هواية مريحة لا تتداخل مع عملك اليومي، والبحث عن أماكن محيطة جديدة لقضاء الوقت فيها؛ حتى لو كان المكان داخل السيارة أو زاوية ما في منزلك. كل هذا سيساعد عقلك على الاسترخاء قدر الإمكان، وسيكون بوسعك قضاء بعض الوقت لتصفية ذهنك في أي وقت.

هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً

المحتوى محمي