أفكار رئيسية حول ضبط استخدام الإنترنت:
- يشعر الكثير منا أنه يتعين علينا الانخراط في الأنشطة عبر الإنترنت بدرجة ما لنؤدي وظائفنا بفعالية في عملنا وحياتنا الشخصية.
- عندما يصبح استخدام الإنترنت إشكالياً أو مفرطاً، فنادراً ما يكون من الممكن التوقّف عنه - مثل إدمان المخدّرات.
- يمكن أن يساعد التفكير العميق والهادف عند استخدام الإنترنت في التخفيف من استخدام الإنترنت الإشكالي.
هذا هو الجزء السادس من سلسلة «النجاح وعدم الاستسلام» مكونة من 9 أجزاء، تُنشر على مدار 9 أسابيع متتالية.
كيف ترتبط ظاهرة البخيل الذهني بالإدمان الرقمي؟ (كما أزعم في كتابي «محميّ: فن العيش الحر في العصر الرقمي»، فنحن لسنا مدمنين على الإنترنت؛ بل إن الإنترنت يسهّل إدماننا على سلوكيات أخرى ويقلل التكاليف الاجتماعية المرتبطة بها).
الامتناع عن استخدام الإنترنت ليس خياراً متاحاً
إن الانخراط بشكل قهري أو الإدمان على أي نشاط (على سبيل المثال: الألعاب، الأفلام الإباحية، المقامرة ، التسوّق ... وغيرها الكثير)؛ والذي يَسهُل الوصول إليه الآن عبر الإنترنت، يختلف عن أنواع الإدمان الأخرى؛ والتي تكون الطريقة الوحيدة للتخلص منها هي الامتناع عنها ببساطة.
غالباً ما يتضمن التخلص من حالات الإدمان الأخرى المرتبطة بالمواد مثل المخدّرات اتخاذ قرار صارم؛ وهو قرار صعب يتضمن خيارين فقط: التدخين أو عدم التدخين، تناول الكحول أو الامتناع عنه. خيار «الكل أو لا شيء» هذا أبسط ذهنياً، كما أن الالتزام به أسهل بكثير.
لهذا السبب، فإن عدد الأشخاص الذين يقلعون عن التدخين عن طريق التوقّف الفجائي عنه أكبر من الذين يُخفضون استهلاكهم لسيجارتين في اليوم.
نعم، إنه أمر صعب للغاية ويتضمّن معاناةً شديدةً، ولهذا يطلق عليه اسم «الإدمان»؛ إذ يكون الشخص قد اعتنق اعتقاداً واعياً أو لاواعياً بأنه يعتمد على المادة التي أدمن عليها. مع ذلك، فبالنسبة للعديد من المدخنين؛ من الأسهل إخفاض استهلاكهم إلى الصفر بدلاً من تخفيضه إلى سيجارتين في اليوم.
نفس الأمر ينطبق على تناول الكحول؛ إذ أن الامتناع الفجائي صعب للغاية في البداية؛ ولكنه أسهل على المدى الطويل من محاولة تقليل الاستهلاك إلى كأس واحد يومياً غير المجدية التي تدوم سنوات.
عندما يكون السلوك الإشكالي شيئاً ما يتم الوصول إليه عبر الإنترنت، فيكون الأمر مختلفاً: لقد وصلنا بسرعة إلى حالة من «الاختراق الجماعي» تسمى «تأثير الشبكة»؛ والتي -نتيجةً لوجود الكثير من المستخدمين- تجعلنا نشعر أنه يتعين علينا المشاركة في قدر ما من الأنشطة عبر الإنترنت حتى نؤدّي وظائفنا بفعالية في عملنا وحياتنا الشخصية.
في هذه المرحلة من تاريخنا الجماعي، فإن محاولة العيش دون الاتصال بالإنترنت أمر غير عملي. كما قال «آندرو مارتن»؛ أمين مكتبة في واشنطن العاصمة: «لا يمكننا أن نقلع عن استخدام الإنترنت فجأة. نحن نعتمد على [هواتفنا] كثيراً فيما يتعلق بالأشياء المشروعة واللوجستية كالتنقل مثلاً».
استخدام الإنترنت لأسباب مشروعة عند الحاجة
شاركني «روب لوستغ»؛ اختصاصي الغدد الصماء العصبية للأطفال، بشكل مؤثر كيف أن الاستخدام الشرعي لوسائل التواصل الاجتماعي قد يصبح مدخلاً للسلوكيات التي تبدو إدمانية:
«زوجتي مزاولة لمهنة التمريض في اختصاص الغدد الصماء. لقد علمنا بوجود خطر إدمان الإنترنت، ولم نسمح لابنتنا الكبرى باستخدام «فيسبوك» حتى بلغت الصف التاسع - وذلك عندما ذهبتْ إلى المدرسة الثانوية وانضمّت إلى فريق المناظرة في مدرستها الثانوية المحلية. أجرى فريق المناقشة كل شيء، من الخدمات اللوجستية، إلى خدمات التوصيل وما إلى ذلك على فيسبوك، لذلك إذا كنت تريد أن تكون في فريق المناظرة، فيجب أن تكون مستخدماً لفيسبوك. لم يكن أمامنا أي خيار، لذلك -على مضض- تخلّينا عن الحظر المفروض على هذا الموقع. بعد عامين، أصبحت ابنتي مدمنةً، وكنا نجدها تتصفح فيسبوك تحت الأغطية في الساعة الرابعة صباحاً، تُرسل 'الإعجابات' و 'اللاإعجابات' وغيرها من الأمور التي لم نكن سعداء حيالها. حتى يومنا هذا، لا تزال لديها علاقة سيئة للغاية بهاتفها، وهذا مع امتلاكها والدين حريصين ... ماذا تعتقد أنه يحدث مع الآباء الذين لا يعرفون حقاً ما الذي يفعله أطفالهم؟»
إذا كان لديك أطفال، فإن سماع هذه التجربة من والدين مخلصين وحاصلين على تعليم عال قد يجعلك ترغب في إيقاف هاتفك.
من الصعب الاكتفاء بالقليل من الإنترنت
مع ذلك، فسواء كان الأمر متعلقاً بالبقاء على اتصال مع الناس، أو شراء تذاكر الطيران أو القطار أو الحافلة، أو التحقق من مشروع ما في الوظيفة، أو حجز طاولة في مطعم أو دعوة الأصدقاء إلى حفلة، فإن الإنترنت إذا تم استخدامه بشكل صحيح؛ يجعل حياتنا أكثر فاعليةً دون شك. إن إنكار هذه المكاسب في الكفاءة سيكون توهّماً.
بهذا السياق؛ تتيح لك استراتيجية «نقاط الدخول إلى الإنترنت»، عيش حياة تجمع فيها بين كفاءة الإنترنت وفعالية متابعة الأهداف الذاتية.
تماماً كما أن الانتقال من كونك مدمناً على الكحول إلى تناول كأسين يومياً يمثل تحدياً كبيراً إذا كنت تتناول رشفةً من الفودكا كل عشرين دقيقة، فلن نتغلب أبداً على إدماننا المتسارع على التكنولوجيا إذا استمرّينا في التحقق من الهاتف أو الحاسوب المحمول لفترة وجيزة كل عشرين دقيقة أو حتى في كثير من الأحيان «فقط للتحقّق من شيء واحد بسرعة».
مرةً أخرى، فإن عدم تفقّد أجهزتنا على الإطلاق هو أمر غير عملي أيضاً. تشبِّه «آنا ليمكيه»؛ الطبيبة النفسية في جامعة ستانفورد، استخدام الهاتف بـ «اضطراب طيفي» ذي أشكال «خفيفة ومتوسطة ومتطرفة». تقارن ليمكيه أيضاً هذا السلوك بإدمان الكحول؛ حيث يستفيد بعض الأشخاص من الاستهلاك المعتدل. تقول ليمكيه محذّرةً: «دعونا نفكر جيداً في كيفية استخدامنا لهذه الأجهزة»، وتضيف: «لأننا عرضة لأن نستخدمها بشكل مرضيّ».
اقرأ أيضاً: كيفية التغلّب على رغباتك والعيش في الواقع بعيداً عن الإنترنت
نُشر بواسطة «أنتوني سيلارد» في موقع «سايكولوجي توداي»، أستاذ مشارك بجامعة ولاية كاليفورنيا؛ معلم وخبير في مجال القيادة، كتب العديد من المقالات العلمية حول العاطفة وإدارة المشاعر.