ينبغي أن تساعد "الحمية الغذائية" فعلاً على فقدان الوزن. ولكن الحمية الغذائية مثلها مثل الأغذية المرتبطة بها، حيث لا تكون فعّالة في الواقع كما يفترض أن تكون من الناحية النظرية.
لذا قم بوضع المشروبات الغازية الخالية من السكر جانباً وقم بالإصغاء. فربما تعتقد بأن فوائد أو أضرار المحليّات الاصطناعية البديلة للسكر لم تُحسم بعد. أو ربما أخبرك شخص ما ذات مرة بأنها تسبّب السرطان. بينما قال لك شخص آخر بأنها قد تساعدك على الامتناع عن عادة تناول السكر. ويدّعي شخص آخر بأنه من الصحّي تناول المحليّات الطبيعية فقط، ولذلك فكّرت بالتحوّل إلى استخدام نبات الستيفيا السكرية. حسناً، هناك أخبار جيدة وأخرى سيئة.
أما الخبر السار فهو أن الحكم العلمي على هذه الأشياء واضح جداً. في حين أن الخبر السيئ هو أن جميع تلك المحليّات الاصطناعية لا تساعدك على فقدان الوزن.
من المعروف منذ فترة من الوقت بأن المحليّات الاصطناعية البديلة للسكر غير مفيدة
قد يكون هذا مفاجئاً لك وكذلك زيف مشروبات الستيفيا في دروس اليوغا، ولكن ذلك ليس جديداً على الوسط الطبي. إذ أظهرت سنوات من البحث وجود فائدة ضئيلة للتحوّل من استخدام السكر العادي الحقيقي إلى بدائل السكر. إلا أنها تظهر في الأخبار في الوقت الحالي بسبب أحد أبحاث التحليل التجميعي والذي نشر الأسبوع الماضي في مجلة الجمعية الطبية الكندية. ويتم التحليل التجميعي عندما يبحث مجموعة من الباحثين عن جميع الدراسات التي أجريت حول موضوع معين ويجمعونها لمعرفة فيما إذا كان هناك بعض الاتفاق الإجماعي الشامل. وفي هذه الحالة، قاموا بالبحث عن كافة الأبحاث التي أجريت حول فائدة المحليّات الخالية من السعرات الحرارية في فقدان الوزن.
وكانت الغالبية العظمى من الدراسات التي وجدوها قائمة على المشاهدة، وبالتالي فإن نوعية الأدلة ليست قوية. ناهيك عن أن العدد القليل من التجارب العشوائية المنضبطة طويلة الأمد كانت برعاية الشركات الصناعية، مما يعني بأنها عرضة للتحيز. ولكن حتى مع تلك المسائل، فإن معظم الأدلة تدلّ بوضوح وبشكل قوي بأن المحليّات الاصطناعية لا تساعدك على فقدان الوزن. ومن الجدير بالذكر أيضاً بأنها لا تسبب إصابتك بالسرطان. وهذا كل ما في الأمر.
هناك في الواقع احتمال صغير لأن تجعلك تكتسب الوزن
وأظهرت بعض الدراسات بأن أولئك الذين يتناولون المحليّات غير المغذّية يكون لديهم ارتفاع في مؤشر كتلة الجسم وفي مخاطر الإصابة بالمشاكل القلبية الاستقلابية. وهناك طريقتان لتفسير ذلك. الأولى من خلال الفكرة الجديدة نسبياً بأن المحليّات الاصطناعية يمكن أن تغيّر طريقة استقلاب الجسم للسكريات. حيث أن هناك بعض الأدلة على أنه إذا بدأ الجسم بتمييز تلك الأشياء "حلوة المذاق" على أنها لا تحتوي على السعرات الحرارية، فقد يفشل في الاستجابة للسكر الحقيقي. ولكن من الممكن أيضاً بأن الناس الذين يتناولون المحليّات الاصطناعية يميلون لأن يكونوا مصابين بمشاكل صحية سابقة. فإذا كنت تعاني من زيادة الوزن أو كنت معرضاً لخطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، فقد تختار استخدام المحليّات الخالية من السعرات الحرارية والتي يفترض أن تكون أكثر سلامةً. وفي إحدى الدراسات التي لاحظت الاختلافات بين الأشخاص الذي يتناولون المحليّات وغيرهم ممن لا يتناولونها، بدا بأن الناس الذين يتناولون الخيار الخالي من السعرات الحرارية يتعرضون لمشاكل ناجمة عن المحليّات بحدّ ذاتها. ولكن دعونا نردّد بصوت واحد بأن الارتباط لا يعني السببية.
وفي خيار ثالث مفاجئ، يُحتمل أيضاً بأن الناس الذين يتناولون المحليّات غير المغذّية يقومون بالتعويض بشكل مفرط عن طريق تناول المزيد من السعرات الحرارية بشكل عام. حيث يفكر الشخص بأنه إذا قام بشرب صودا مخصّصة للحمية، فيمكنه بالتأكيد الحصول على ملعقة أخرى من الآيس كريم. ولكنه لا يمكنه ذلك حتماً. ونلاحظ هذه الظاهرة في ممارسة التمارين الرياضية أيضاً، إذ أن الناس الذين يبدأون بممارسة الرياضة لإنقاص الوزن يفرطون في تناول الطعام في كثير من الأحيان لأن لديهم ذريعة لتناول المزيد من الطعام. وإذا قام الشخص بممارسة الرياضة قبل الغداء، فقد يشعر وكأنه كسب كأساً إضافية من العصير، ولكن هذا العصير ربما يحوي ضعف عدد السعرات الحرارية التي تم حرقها أثناء ممارسة الرياضة.
انتبه، فالسكر مضرّ بك
لا ينبغي أن يشكّل هذا الخبر ذريعة لك للتحوّل لشرب المشروبات الغازية العادية، إذ يجب عليك محاولة الابتعاد عن السكر بشكل تام. فالسكر - وخاصة السكر المكرّر - يعزّز مستويات الأنسولين ويجعلك مدمناً بنفس الطريقة التي يمكن أن تتسبب فيها المخدرات (على الرغم من أن التأثير يتم إبطاله بشكل كبير من قبل المكونات الأخرى في العديد من المصادر الطبيعية، مثل الفاكهة). فتناول علبة من الصودا في اليوم يتطور بسرعة إلى تناول علبة صودا مع كل وجبة، وسرعان ما يصبح أي شيء لا يحتوي على السكر سيء المذاق. وليست المحليّات الاصطناعية بأفضل من ذلك. فعندما تم تخيير فئران المختبر المدمنة على الكوكايين بين الكوكايين وبعض السكرين (مثل الصنف التجاري Sweet-n-Low)، فقد اختارت السكرين. ولم يتمكن الباحثون حرفياً من إعطاء الفئران ما يكفي من الكوكايين لجعلها تفضله على المحليّات.
ربما لا يمكن للبشر أن يدمنوا على السكر بمثل هذه الدرجة الكبيرة. إذ أن تشخيص الإدمان عند البشر - سواءً كان ذلك على المخدرات غير المشروعة أو الطعام أو الجنس - أمر خطير. فالإدمان ليس مجرد رغبة، بل هو عدم القدرة على العمل دون الشيء الذي تم الإدمان عليه. وتتداخل السكاكر والمخدرات على حدّ سواء مع حلقات المكافأة الإيجابية في الدماغ، وكذلك الأمر مع الكافيين. ويواجه الشخص بعض أعراض "الانسحاب" معها جميعاً، ولكنك إذا كنت تستطيع أن تُمضي اليوم دون تناول السكر فأنت غير مدمن بالفعل.
ولكن لا تدع حقيقة عدم إدمانك للسكر تسبب لك الرضا عن النفس. فالسكر غير جيد بالنسبة لك، ويمنحك الرغبة الشديدة. فقم بالإقلاع عن هذه العادة الآن وسوف يقوم جسمك بشكرك في المستقبل.