علماء يتمكنون من ابتكار طريقة جديدة لتحديد عمر البقايا العظمية

2 دقائق
جيب عظمي جبهي كامل التطور يعود لشخص يتراوح عمره بين 12-18 سنة، حيث بدأت التجاويف بالظهور والانتشار فيه.

ما بدأ بزيارةٍ عاديةٍ إلى طبيب أطفال، انتهى مؤخراً بتطوير طريقة جديدة لتحديد أعمار البقايا العظمية البشرية. فقد نجح باحثون من جامعة نورث كارولاينا الأميركية بتوظيف التصوير الشعاعي للجيوب العظمية الجبهية في تحديد عمر المراهق المتوفى. والجيب العظمي الجبهي هو تجويف يقع في مقدمة الجمجمة، ويكون في الحالة الطبيعية ممتلئاً بالمخاط الذي يُصرّف ضمن الأنف.

تعتمد الطريقة الجديدة على حقيقة أن هذا التجويف لا يتطور بشكل كامل حتى سنوات الرشد الباكرة، كما إنه لا يكون موجوداً عند الولادة.

تقول آن روس، أستاذة الأنثروبولوجيا بجامعة نورث كارولاينا الأميركية: "على الرغم من خبرتي في مجال العظام الهيكلية، إلا أنني لم أكن أدرك بأن الجيوب العظمية عند الأطفال لا تكون مرئية شعاعياً قبل عمر السادسة".

وقد بدأت القصة منذ بضعة سنوات، عندما اصطحبت آن طفلها إلى عيادة طبيب الأطفال لعلاج ما اعتقدت أنه عدوى جيبية في حينه. تقول روس: "لقد كان طفلي يشكو من سيلان المخاط عبر أنفه، فقلت في نفسي لعله مصاب بعدوى في الجيوب العظمية، فاصطحبته إلى الطبيب، إلا أن الطبيب نفى ذلك وقال لي إنه لا يمتلك جيوباً بعد".

في الحقيقة، فإن الأطفال يمتلكون بعض الجيوب العظمية في جماجمهم كما يمكن لتلك الجيوب أن تُصاب بالعدوى، وهذه الجيوب هي الجيوب الفكية العلوية والجيوب الغربالية، إلا أنها صغيرة جداً بحيث لا يمكن ملاحظتها على صور الأشعة. ولكن بالمقابل، فإن الأطفال لا يمتلكون أية جيوب جبهية، والتي كثيراً ما تكون مسؤولة عن الإصابة بالصداع عند البالغين. (تبين للطبيب في النهاية بأن ابن روس يعاني من عدوى أذنية).

وفي الدراسة التي أجرتها روس وزميلتها كايتلين مور، ونُشرت في مجلة السجل التشريحي يوم الثلاثاء الماضي، تصف الباحثتان مراحل تطور الجيب الجبهي بالتزامن مع نمو الجمجمة. وخلافاً للجيوب الأخرى الموجودة في الوجه (مثل الجيوب الأنفية) فإن الجيب الجبهي يبدأ بالتطور في عمر سنتين، ولا يظهر على صور الأشعة السينية إلا بعد تجاوز الطفل لعمر 6 سنوات.

وكان علماء الأنثروبولوجيا الشرعية قد اعتادوا على دراسة البزوغ السني في الجمجمة، أو دراسة العظام الطويلة في الهيكل العظمي لتحديد عمر طفل من خلال بقاياه العظمية.

تقول مارين بيلود، الأستاذة المساعدة بقسم الأنثروبولوجيا في جامعة نيفادا الأميركية، والتي لم تشارك في إعداد الدراسة: "هناك جملة من التغيرات التي تطرأ على العظام في أثناء نموها والتي يمكن من خلالها تحديد عمر الشخص. فيمكن على سبيل المثال معاينة البزوغ السني الذي يرتبط بشكل وثيق مع تقدم العمر".

إلا أن الأسنان لا تحمل الإجابة دوماً. تقول روس: "كثيراً ما تتساقط الأسنان من الجمجمة بعد فترة، أما الجيوب فتحافظ على حالتها. وحتى في حال كانت الجمجمة مهشمة أو مكسرة فمن الممكن تمييز تلك التجاويف الجيبية، لأنها تدوم في موضعها، وتكتسب أهميتها لذلك السبب".

تبدأ الجيوب الجبهية بالنمو والتمايز بمقابل بعضها في عمر يتراوح بين 7-10 سنوات.
مصدر الصورة: جامعة نورث كارولاينا الأميركية

وقد تمكنت الباحثتان من تمييز أربع مراحل من تطور الجيوب الجبهية، وذلك عن طريق مقارنة 392 صورة بالأشعة السينية لجماجم أطفال، وهي:

  • مرحلة عمر 6 سنوات أو أقل، حيث لا تظهر أية جيوب جبهية.
  • مرحلة ما بين 6-8 سنوات، حيث تتطور لدى الطفل جيوب جبهية بحجم حبة الفول في مقدمة الرأس.
  • مرحلة ما بين 7-10 سنوات، حيث يأخذ الجيبان الجبهيان بالاتساع إلى أن يتماسا مع بعضهما.
  • مرحلة ما بين 12-18 سنة، حيث تتشكل الجيوب الأنفية بشكل كامل.

وبذلك، أصبح لدى علماء الأنثروبولوجيا والطب الشرعي وسيلة جديدة لتحديد أعمار الأطفال المتوفين حديثاً، وهي تصوير الجيوب الجبهية بالأشعة السينية ودراستها. إلا أن هذه الطريقة قد لا تكون مجدية في تحديد جنس الطفل، على الرغم من أن الفحص المباشر للجمجمة والحوض من أكثر الوسائل المساعدة على تحديد جنس الشخص وسماته الهيكلية.

وبحسب روس، فقد أظهرت الجيوب الجبهية فرادة وتميزاً بما يمكن اعتبارها مثل بصمات الأصابع، ولعل تأخر اكتشاف ذلك يعود إلى أن معظم الأبحاث التي أجريت سابقاً كانت قد أجريت على بالغين كاملي التطور.

وتختم روس بالقول: "إن إجراء المزيد من الأبحاث في هذا الصدد قد يساعد على اكتشاف المزيد من السمات التشريحية الفريدة لدى الأطفال".

المحتوى محمي