إذا كان بالإمكان تجسيد الخلايا، فإن كل خلية دهنية ستكون ذلك الجد العتيد المولع بالادخار.فهو يحاول باستمرار جعلك تأكل وجبة أخرى من البطاطس، ولديه خزائن مكدسة بالفيتامينات التي لم يستهلكها بعد.
وكما يفعل ذلك الجد، فإن الخلايا الدهنية تحاول دائماً تخزين المواد، الفيتامينات والهرمونات والملوثات والسموم العشوائية. تحتفظ الأنسجة الدهنية بكل ذلك مثل قطعة إسفنج صغيرة مبللة بالزيت، وتحتفظ بها بحالة جيدة حتى تحتاج إليها مرة أخرى. هذه هي الوظيفة العامة للدهون في الجسم لتخزين الطاقة. وعندما تفقد وزنك، تبدأ خلاياك الدهنية بالانكماش، وإطلاق الليبيدات والدهون الأخرى في مجرى الدم، لتتفكك، وتخرج الجزيئات الأصغر عن طريق البول أو التنفس.
ولكن الخلايا الدهنية تطلق جميع الجزيئات الأخرى التي قامت بتخزينها أيضاً. وهذا يشمل الهرمونات الرئيسية مثل هرمون الإستروجين، مع الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون، وأي ملوثات عضوية وجدت طريقها إلى مجرى الدم أثناء اكتسابك للوزن.
إن ميل الأنسجة الدهنية لتخزين الأشياء هو تأثير جانبي مؤسف، لأننا في كثير من الأحيان نحتاج إلى دوران تلك المواد، لا إلى تراكمها. خذ الهرمونات، على سبيل المثال، حيث تقوم الدهون في جسم الإناث بإنتاج بعض هرمون الإستروجين الخاص بها بالإضافة إلى تخزينه. وكلما كانت الأنسجة الدهنية أكثر عند الأنثى، زادت كمية هرمون الإستروجين التي تتعرض لها. ولهذا السبب فإن زيادة الوزن تزيد من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي. وتنجم العديد من أنواع سرطان الثدي عن اضطراب وظيفة مستقبلات هرمون الإستروجين، والتي هي أكثر عرضة للاضطراب عندما يتم تحفيزها بالمزيد من هرمون الإستروجين.
تشكل الفيتامينات مشكلة عكسية. حيث تمتص الأنسجة الدهنية الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون (وهي الفيتامينات المخبأة في الأنسجة الدهنية بدلاً من إخراجها مع البول). وهي فيتامينات أ، د، هـ ، ك. وهي غالباً لا تترك ما يكفي لبقية أنحاء الجسم. وتشير الدراسات إلى أن الناس الذين يعانون من السمنة المفرطة يميلون إلى الإصابة بنقص فيتامين (د) لأنه يكمن في أنسجتهم الدهنية بشكل كامل. ويمكن أن تعود هذه الفيتامينات للظهور مرة أخرى، فعندما تفقد وزنك، وتخفض كمية الدهون في جسمك، فأنت تسمح أيضاً للمزيد من فيتامين (د) الجديد بالبقاء في مجرى الدم. ويمكن للمركبات القابلة للذوبان في الماء أن تطرح مع البول إذا كنت تتناول الكثير منها. ولكن لأن الفيتامينات المخزنة في الأنسجة الدهنية قد تستمر في التراكم، فقد تصاب في النهاية بجرعة زائدة منها. وهو أمر نادر، ولكنه يحدث.
الدهون هي أيضاً (وبصورة مؤقتة) مساحة آمنة لتخزين الملوثات والمواد الكيميائية العضوية الأخرى التي قد تشكل تهديداً. وتتراكم مبيدات الآفات العضوية الكلورية في الدهون، مثلما تتراكم مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور في سوائل التبريد والمواد الكيميائية الأخرى من "الملوثات البيئية القذرة". ويمكن لهذه المواد الكيميائية المحظورة الوصول إلى طعامك بكميات صغيرة ويتم تخزينها في دهون جسمك، ربما لأن جسمك يريد عزلها بعيداً عن أعضائك. ولا يبدو أن الجسم يقوم بتخزين ما يكفي من هذه المواد لتصبح سامة، ولكن التراكم المستمر يجعلك عرضة للتسمم. وهي تبدأ في الظهور مرة أخرى عندما تفقد وزنك.
وبما أنه لا يتم التخلص من جميع الدهون في الجسم دفعة واحدة، فإن هذا لا يشكل مشكلة بالنسبة لمعظم الناس. حيث يتم تفريغ السموم في مجرى الدم، ولكن يتم التخلص منها أيضاً من خلال التبول. وهناك بعض الأدلة على أن بعض الملوثات -التي تسمى "الملوثات العضوية الثابتة"- يمكن أن تلتصق بدهون الجسم لسنوات، ولكن حتى الآن يبدو أن الطريقة الطبيعية للقضاء على السموم (وهي التبول) تعمل بشكل جيد للتخلص منها.
سواء كان آمناً أم لا، فمن الأفضل عدم إعطاء جسمك فرصة لتكديس جميع الهرمونات والفيتامينات التي يمكن تخزينها. فأجسامنا ليست مصممة لتحتجز الدهون الزائدة في الجسم وتبقى مع ذلك في صحة جيدة. وهذا هو السبب في أن السمنة هي عامل خطر لكثير من الأمراض. إن التخلص من مخزون الدهون هو مجرد سبب آخر لمحاولة خفض السمنة. وأن يعيّرك أحدهم بمظهرك غير اللائق ليس هو السبب الوجيه الذي يجعلك تنقص وزنك، ولكن القيام بذلك لتحظى بصحة أفضل هو سبب وجيه.
فكر في الأمر: في كل مرة تفقد فيها كيلوجراماً واحداً من الدهون، ستخلص نفسك من السموم دون الاضطرار إلى تناول أي من أنواع العصير المطهر (وهي بالمناسبة غير مفيدة). وهكذا تكون قد استخدمت قوة أجهزة التصفية في جسمك للتخلص منها. وبالتأكيد فإن جسمك سيشكرك على هذه الخدمة.