لقد سمعتم على الأرجح أن موسم الأنفلونزا في العام الماضي كان أحد أسوأ المواسم الموثَّقة؛ إذ أشارت التقديرات الأولية إلى أرقام قياسية جديدة في حالات دخول المستشفى والوفيات. وقد أصدرت مراكز السيطرة على الأمراض مؤخراً المزيد من الإحصاءات النهائية التي تُظهر أن 79,400 شخص لقوا حتفهم و959,000 دخلوا المستشفى و488 مليوناً أُصيبوا بالأنفلونزا، وأن هذه الأرقام هي الأعلى منذ وباء الأنفلونزا H1N1 في عام 2009. وهناك الآن شيء آخر نعرفه، وهو أن عدد الذين حصلوا على لقاح الأنفلونزا كان أقل منه في أي وقت سبق توثيقه.
يفشل غالبية الناس في الولايات المتحدة في معظم السنوات في الحصول على لقاح الأنفلونزا. وقد ظلَّت معدلات أخذ اللقاح لمدة سنوات أعلى من 40% بقليل، ولكن في موسم 2017-2018 لم يحصل سوى 37.1% على اللقاح. وقالت أليشيا فراي (رئيسة علم الأوبئة والوقاية في قسم الأنفلونزا في مراكز السيطرة على الأمراض) لصحيفة واشنطن بوست إن هذا المعدّل المنخفض وغير العادي ربما يكون قد أسهم في اشتداد الموسم.
ولكن في حين أن 37.1% هي نسبة قليلة بالمقارنة مع جميع السكان، إلا أن الأمر يختلف قليلاً عند تقسيمها حسب الفئة العمرية. حيث إن الأشخاص المعرَّضون لازدياد خطر الإصابة بالأنفلونزا ولحدوث مضاعفات خطيرة (أي الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 سنة أو تقل عن 18 سنة) قد حصلوا على اللقاح بمعدلات أعلى بكثير من المعدل الوطني الوسطي. ولا تزال النسبة غير كافية؛ لأننا نحتاج فعلاً إلى تحقيق معدّل تغطية يصل إلى 70% من السكان للحصول على المناعة كمجتمع كامل. ويمكن للبيانات أن تلفت انتباهنا إلى هؤلاء الذين لا يزالون يمتنعون عن أخذ لقاح الأنفلونزا.
لا ينبغي أن تكون الإجابة مفاجئة جداً، فالبالغون الأصحاء الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و49 سنة هم ذوو أدنى معدلات لأخذ اللقاح. وقد حاولت العديد من الدراسات تحديد العوائق التي تمنع الناس من الحصول على هذا اللقاح السنوي، وكانت بعض نتائج هذه الدراسات مفاجئة، فقد امتنع الناس عن ذلك إما لأنهم لا يؤمنون بفعالية اللقاح، أو أنهم يعتقدون في أنه من غير المحتمل أن يصابوا بالأنفلونزا على أي حال، أو أنهم ينوون الحصول على اللقاح ولكنهم ينسون، أو أنهم لا يملكون الوقت أو المال.
ولكن قد يفاجئك أن تعرف أن مراكز السيطرة على الأمراض قد بدأت توصِّي البالغين الأصحاء بالحصول على لقاح الأنفلونزا في فبراير 2009، وقد يفاجئك أيضاً أن تعرف أن أقل من نصف كافة البالغين في الولايات المتحدة كانوا يدركون أن من المفترض أن يحصلوا على اللقاح، وذلك على الأقل حسب استبيان أُجريَ عام 2012. ووجدت دراسة أحدث أُجريَت في عام 2017 أنه على الرغم من أن 62.3٪ من البالغين يعرفون بأن هناك نوعاً من التوصية بالحصول على لقاح الأنفلونزا، إلا أن 19.6٪ فقط تمكَّنوا من التحديد الصحيح للأشخاص الذين من المفترض أن يحصلوا عليه. وبالمناسبة، فإن الجواب الصحيح هو أن كل شخص يزيد عمره عن ستة أشهر ينبغي أن يحصل على لقاح الأنفلونزا (باستثناء الأشخاص الذين يعانون من مشاكل المناعة الذاتية، الذين يوصيهم أطباؤهم بعدم أخذ اللقاح).
وتشير الأبحاث التي تدرس إستراتيجيات زيادة معدلات أخذ اللقاح إلى أنه على الرغم من أن الكثير من الأشخاص الذين ينوون الحصول على لقاح الأنفلونزا قد يفشلون في ذلك، إلا أن الأشخاص الذين يدركون ببساطة قيمة اللقاح هم الأكثر احتمالاً للحصول عليه. ولذلك نقدم لك فيما يلي أفضل الحجج التي نملكها لإقناعك:
صحيح أن لقاح الأنفلونزا لا يعدُّ فعالاً بنسبة 100٪، ولكنه يقلل من خطر الإصابة بالأعراض الأكثر شدة، وهي التي قد تودي بحياتك.
وإن أفضل وقت للحصول على لقاح الأنفلونزا هو شهر أكتوبر، حيث يستغرق الأمر حوالي أسبوعين حتى يتمكّن الجسم من تعزيز المناعة، لذلك يجب الحصول على اللقاح قبل بداية موسم الأنفلونزا.
ويمكن للأشخاص المصابين بحساسية البيض أن يحصلوا على لقاح الأنفلونزا، كما أنه يمكنك أن تطلب الحصول على لقاح يعتمد على الخلايا الحيوانية بدلاً من التقليدي إذا كنت تشعر بالقلق حول هذا الأمر.
وحتى إذا لم يمنعك اللقاح من الإصابة بالمرض، فإنه يساعد في منعك من نقله إلى الآخرين الذين لا يستطيعون الحصول على اللقاح أو ممّن هم من الفئات الأكثر عرضة للإصابة. وبالتالي سيشكرك أجدادك وأقاربك من حديثي الولادة لأنك حرصت على حمايتهم.
وأخيراً، فإن الوقت متاح دائماً للحصول على لقاح الأنفلونزا، وإذا كان الوقت الأفضل هو البارحة، فإن ثاني أفضل وقت هو الآن.