نبدو على هيئتنا بسبب الجينات، حيث توجد على شكل كروموسومات، والكروموسوم هو عبارة عن حِزمة تتكون من حمض نووي يمتلك 46 كروموسوماً، 23 يأخذهم من الأب، و23 من الأم. وزيادة كروموسوم واحد يمكن أن يُحدث كثير من التغييرات الشكلية، والصحية، فيما يُعرف باسم متلازمة داون. تحدث حالة متلازمة داون في شخص بين 792 شخصاً.
ما هي متلازمة داون؟
الاسم الصحيح لها متلازمة داون وليس «البله المغولي». سميت بهذا الاسم تيمناً بالطبيب البريطاني «جون داون»، الذي وصفها عام 1866 بـ «المنغولية»، ولم يصبح مصطلح متلازمة داون مقبولاً حتى عام 1970. تحدث هذه الحالة بسبب خطأ في انقسام الخلايا يسمى «nondisjunction»، لكن أسباب هذا الخلل غير معروفة، ولا يتعلق الأمر بأي شيء تعرض له الأب أو الأم. لكن يربطها بعضهم بسن الأم.
يحدث خطأ انقسام الخلايا في الكروموسوم رقم 21، فينتج منه 3 نسخ. هناك 3 أنواع لمتلازمة داون، مقسمة بناءً على كروموسوم 21:
1. نوع تحتوي فيه كل خلية من خلايا الجسم على 3 نسخ من كروموسوم 21 بدلاً من اثنين.
2. تحتوي كل خلية على جزء من كروموسوم 21 الإضافي مرتبطة بكروموسوم آخر.
3. نوع نادر الحدوث، حيث يوجد نوعين من الخلايا. خلايا تحتوي على 46 كروموسوم، وخلايا تحتوي على 47 كروموسوم. في هذه الحالة النادرة، تحتوي الخلايا التي تحتوي على 47 كروموسوم على كروموسوم 21 إضافي.
فيم يختلف ذوو داون عن الأطفال العاديين؟
كل حالة من حالات داون فريدة بذاتها، لكن يشترك معظمها في صفات ظاهرية، مثل شكل العينين، والأنف المسطح، والأذن الصغيرة، والوجوه المسطحة. وهم عرضة للإصابة بمشكلات سمعية وبصرية، وانقطاع النفس خلال النوم، والأنيميا، وزيادة الوزن، كما أنهم عرضة للإصابة بالعدوى.
هل يُمكن اكتشاف متلازمة داون قبل الولادة؟
هناك اختبارات أوليّة يمكن إجراؤها خلال الحمل، تشمل فحص الثلث الأول من الحمل، لكن نتيجتها غير مؤكدة، فلا تثبت أن الجنين مصاب بالفعل بمتلازمة دوان، لكن توضح وجود مشكلة ما، وبناء عليها يمكن الاتجاه لفحص أكثر تخصصاً، أو الاختبارات التشخيصية، مثل فحص الزغابات المشيمية أو الـ (CVS)، وفيه تؤخذ خلايا من المشيمة لتحليل كروموسومات الجنين، ويتم في الثلث الأول من الحمل، وخطر حدوث الإجهاض بسببه ضئيل جداً.
والاختبار الآخر هو بزل السائل الأمنيوسي، وفيه يأخذ الطبيب عينة من السائل الأمنيوسي بإبرة من داخل الرحم، لفحص الخلل في الكروموسومات. ويتم في الثلث الثاني من الحمل.
ماذا لو اكتشفنا بعد الولادة؟
أهم ما يمكن أن نقدمه للطفل هو الرعاية، والدعم، وقبله يجب علينا الفهم بشكل كافٍ. فالاكتشاف المبكّر للمتلازمة سيقود إلى التدخل المبكّر. يحتاج طفل متلازمة داون إلى رعاية خاصة واهتمام طبي، لأنه يختلف عن الطفل العادي.
وهذا الدعم لابد أن يبدأ فوراً بعد الولادة، بدءاً من وجود روتين ثابت يوفره طبيب أطفال، ومتخصص في أمراض القلب للأطفال، حيث يعاني نحو 40% من ذوي المتلازمة من عيوب خلقية في القلب. كذلك سيكون الطفل بحاجة إلى طبيب متخصص في أمراض مثل الأمراض العصبية، الجهاز الهضمي، العيون، التخاطب، بجانب المعلمين، والأخصائيين النفسيين، لأن طفل داون يعاني من بعض الصعوبات الحركية مثل الزحف والمشي، تأخر في الكلام، اتخاذ القرارات، كما أنهم يجدوا صعوبة في السيطرة على أنفسهم وانفعالاتهم.
حقائق عن متلازمة داون
الأمر ليس كله معاناة في المجمل، هناك نقاط مضيئة، فمع أن متلازمة داون حالة جينية ليس لها علاج في الحقيقة، ولا يمكن تجنب الإصابة بها، لكن ذوي المتلازمة يستطيعون التعلم والتطور إذا وجدوا فرصة دعم حقيقية.
هناك برامج خاصة للتعلم، يستطيعون فيها تعلم كيف يقومون بإطعام أنفسهم وارتداء ملابسهم. وهناك برامج فردية يمكن للطفل الالتحاق بها، تُصمم خصيصاً لتناسب احتياجاته. أيضاً ذوي متلازمة داون من النساء يكن قادرات على الإنجاب، وفي 35 - 50% من الحالات ينجبن أطفال من ذوي متلازمة، لكن بعض الذكور لا يستطيعون الإنجاب. كما ازداد معدل أعمار ذوي متلازمة داون ليصل 60 عاماً، وهو معدل الإنسان الطبيعي نفسه تقريباً، وذلك بفضل الدعم والتعلم والرعاية لذوي المتلازمة.
لذا كل ما يحتاجه ذوي المتلازمة هو التقبل، والدعم، والاندماج في المجتمع، لأن هذا الكروموسوم الزائد لن يضير أي أحد في شيء.