كل ما ترغب في معرفته عن حبوب منع الحمل للرجال

4 دقائق
قد تصبح حبوب منع الحمل للرجال متاحة في الصيدليات في عام 2030. حقوق الصورة: Deposit Photos

أَحدثَ ابتكار حبوب منع الحمل ثورة في عالم الرعاية الصحية، لكنه جعل عبء منع الحمل يقع على النساء فقط على مدار السبعين عاماً الماضية. يمثل هذا الأمر مشكلة للعديد من النساء، فوسائل منع الحمل طويلة المدى لها آثار جانبية مثل ظهور حبوب الوجه، التغيرات المزاجية، وحالات الطمث المؤلمة. وتعاني أي امرأة تتناول حبوب منع الحمل على الأرجح من بعض هذه المشكلات، وربما ترغب -وشريكها كذلك- في التخلص منها.

بالرغم من أن  عبء منع الحمل يقع غالباً على الشخص الذي يُتاح له خيار تناول الحبوب، إلا أن هذا لا يعني عدم وجود رجال يرغبون في التحكم في قدرتهم على الإنجاب. فوفقًا لدراسة قام بها باحثون من جامعة إدنبرة، ذكر أغلبية من الرجال أنهم سيرحبون بحبوب منع الحمل للرجال، سواءً كان ذلك لتخليص شريكاتهم من الآثار الجانبية أو لأنهم يرغبون في قدرٍ أكبر من التحكم في الإنجاب.

وقد اقتربنا أخيراً من تطوير حبوب منع الحمل للرجال، لذا إليكم بعض المعلومات حول تلك الحبوب، ومتى يمكنكم الحصول عليها.

كيف تعمل حبوب منع الحمل للرجال؟

مثل كثيرٍ من خيارات منع الحمل المتاحة، تعمل هذه الوسيلة الجديدة عن طريق منع التقاء البويضة والحيوان المنوي من البداية. بالنسبة للرجال، يعني ذلك إنقاص عدد الحيوانات المنوية إلى الحد الذي يعتبر فيه الشخص غير قادر على الإنجاب (وبالنسبة للنساء، يعني منع المبايض من إنتاج بويضة كل شهر). ومثل الحبوب المتاحة للنساء حالياً، تستخدم الحبوب الجديدة -والجل الموضعي- التي يتم تطويرها مجموعة من الهرمونات.

تعمل توليفة من هرموني التستوستيرون والبروجيستيرون -الموجودان بصورة طبيعية لدى الرجال والنساء- على تثبيط هرمونين آخرين هما: الهرمون المنشط للجسم الأصفر (LH) والهرمون المنشط للحويصلة (FSH). ويؤدي انخفاض مستوى هذين الهرمونين الأخيرين، إلى منع تكون الحيوانات المنوية.

تشير الأبحاث التي تم اجراؤها حول مستوى انخفاض عدد الحيوانات المنوية الذي يصبح عنده الشخص غير قادر على الإنجاب، إلى أنه عند انخفاض العدد إلى مليون حيوان منوي لكل مليلتر مكعب من السائل المنوي، تصبح احتمالية حدوث الحمل في غاية الانخفاض. لذا يعمل العلماء على تطوير حبوب الحمل الجديدة وفقاً لهذه الأرقام، لكن أحد العقبات تتمثل في انخفاض مستوى هرمون التستوستيرون كأحد الأعراض الجانبية، ما يجعل احتواء تلك الحبوب على التستوستيرون أمراً هاماً للتعويض عن ذلك النقص.

هل تنجح هذه الحبوب؟ 

حتى الآن، تشير التجارب المعملية إلى أنها تنجح. لكن التجارب السريرية الخاصة بهذه الحبوب الجديدة لم تصل بعد إلى المرحلة الثالثة التي يُجرى فيها اختبار مدى فاعلية العقار في مقابل الدواء الوهمي. أما الآن، فلا تزال معظم الحبوب المحتملة في المرحلتين الأولى والثانية، حيث يشارك فيهما مجموعات أصغر من المشاركين لتقييم مدى سلامتها، وما إذا كانت تنجح في إحداث التأثير المطلوب أم لا.

في أحدث تجربة على حبوب تسمى "11-beta MNTDC"، أفاد الباحثون أنها قد نجحت في تثبيط الهرمون المنشط للجسم الأصفر والهرمون المنشط للحويصلة والتستوستيرون الموجود في الجسم بصورة طبيعية حين تناولها المشاركون في دورة مدتها 28 يوماً. وبعد أن توقف المشاركون عن الجرعات، عادت هرموناتهم إلى مستواها الطبيعي. كان الفريق ذاته قد اختبر حبوباً أخرى في عام 2018 ووجد أن معدلات نجاحها مماثلة. يوجد أيضاً جِل موضعي يعمل بنفس آلية الحبوب ويمكنه خفض مستوى الهرمونات إلى الحد المطلوب.

هل هي آمنة؟

تهدف المراحل الأولية من التجارب بشكلٍ أساسي إلى التأكد من عدم وجود أي أعراض جانبية شديدة السوء لدرجة تؤدي إلى إنهاء العمل على التجارب، وقد مرت التجارب الأولية لحبوب منع الحمل الجديدة للرجال بشكلٍ آمن. وبالرغم من وجود بعض الآثار الجانبية مثل انخفاض الشهوة الجنسية، ظهور حبوب الوجه، والإرهاق، إلا أنها لم تكن بهذا السوء الذي ينتج عنه توقف الاختبارات.

في 2016، توقفت تجربة لحُقن منع الحمل للرجال بعد أن أبلغ عدد كبير من المشاركين عن حدوث آثار سلبية. حينها قررت لجنة مراجعة التجارب أن الاستمرار في التجربة يمثل خطورة عالية، وحينها فُسر ذلك خطأً من جانب وسائل الإعلام على أنه جبن من الرجال عن تحمل تلك الآثار الجانبية التي تمر بها ملايين النساء يومياً. لكن الأمر لم يكن كذلك. فقد كانت معدلات الآثار السلبية التي ظهرت في تلك التجربة أعلى كثيراً من تلك المصاحبة لحبوب منع الحمل النسائية الحالية. في الواقع، كان ثلاثة أرباع المشاركين قد أعربوا عن سعادتهم بالاستمرار في التجربة.

على أي حال، تظل الكثير من الآثار السلبية التي أبلغ عنها الرجال هي نفسها التي تشكو منها النساء حالياً بشأن حبوب الحمل الخاصة بهن.

أليس من الظلم أن يُنتظر من النساء أن يتحملن نصيباً أكبر من الآثار الجانبية؟

أجل، لكن هناك عاملان ربما علينا أخذهما في الاعتبار هنا:

أولاً، ومهما يكن هذا الأمر غير عادل، فقد أصبحت اللوائح في هذا العصر الذي يتم فيه تطوير حبوب منع الحمل للرجال أكثر صرامة من ذي قبل بشأن الآثار الجانبية التي تدخل في نطاق المقبول. وكما أشار أحد الباحثين مؤخرًا في منشور على موقع Reddit، فقد أصبحنا نعرف الكثير الآن عن نظام الغدد الصماء لدى الإنسان مقارنة بالوقت الذي ظهرت فيه حبوب منع الحمل للنساء. هذا يعني أن على الباحثين الآن أن يراقبوا الكثير من التغيرات الفيسيولوجية المحتملة في أجسام الرجال، وهو ما ينتج عنه الكثير من الأسباب المحتملة لإيقاف تجربة ما.

لقد أخفق الباحثون كثيراً في العناية بالمشاركات أثناء تطوير حبوب منع الحمل للنساء، لكن ذلك لا يعني أن نتعامل بهذا القدر من عدم الاهتمام مرة أخرى. كما أننا طورنا في العقود الماضية حبوب منع حمل للنساء أفضل كثيراً من التركيبات الأصلية التي ظهرت في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وأقل منها من حيث الآثار الجانبية.

ثانياً، وكما أشار أحد الباحثين، فإن عبء الحمل نفسه غير متوازن. فحتى في الزواج والعلاقات الطويلة بين شريكين مغايرين، وحدها الأنثى هي التي يمكنها أن تصبح حاملاً. ومن ثم، سيكون لديها على أقل تقدير حافزاً أعلى لأن تأخذ حبوب منع الحمل. وحين ظهرت التركيبات الأولى من حبوب منع الحمل للنساء، كانت الوصمة الاجتماعية والمخاطر الصحية للحمل غير المرغوب فيه أعلى مما هي عليه اليوم. فليس غريباً أن المشاركات في التجارب حينها لم يكترثن كثيراً للآثار الجانبية، لأن الحبوب كانت تعني القدرة على تغيير حياتهن تغييراً جذرياً. ورغم اختلاف الأمور اليوم، فلا يزال عدم التوازن في مسألة الحمل يعني أن الرجال سيكونون أقل قبولاً بالآثار السلبية الخطرة أو غير المريحة، كما أن شركات الأدوية  لن تتمكن من بيع حبوب كهذه للرجال إلا إذا كانت سلبياتها لا تذكر.

متى ستصبح الحبوب متاحة؟

على الأرجح، ليس في وقتٍ قريب. يدرس الباحثون الآن عدة وسائل لمنع الحمل للرجال، وهي: نوعين من الحبوب والجل الموضعي والجل الأسهري غير الهرموني، وهو نوع من البوليمرات يُحقن في القناة الناقلة للمني (الأسهر) ليمنع مرور الحيوانات المنوية. كل هذه الوسائل لا تزال في المرحلة الثانية من التجارب، وهو ما يعني أننا لا زلنا بانتظار نشر الباحثين للنتائج، واستقدام مشاركين للمرحلة الثالثة، ثم الانتهاء من تلك التجارب. بعد ذلك، سننتظر لبعض الوقت أيضاً حتى تقوم شركات الأدوية بتصنيع تلك الوسائل.

كان رئيس برنامج تطوير حبوب منع الحمل بمعاهد الصحة الوطنية الأمركية قد أخبر موقع Vox في العام الماضي أن تلك الوسائل لن تبدأ بالظهور في السوق قبل عشرة أعوام على الأقل. كما قدر الفريق المسؤول عن هذه الدراسة الأخيرة لحبوب منع الحمل للرجال أنها لن تصبح متاحة على نطاقٍ واسع قبل عام 2030 تقريباً.

المحتوى محمي