كل ما تريد معرفته عن متلازمة «كوشينج» | بوبيولار ساينس

متلازمة كوشينج أو «وجه القمر»، هي مرض قد يبدو غامضاً؛ لكنه عبارة عن اضطراب هرموني غير شائع الحدوث، اكتشفها ووصفها عالم الأعصاب الأميركي «هارفي ويليام كوشينج» عام 1912. يصيب هذا الاضطراب النساء أكثر من الرجال، لنتعرف عليه في السطور التالية.

ما هي متلازمة كوشينج؟

وفقًا لموقع «هيلث لاين»؛ تُعرف متلازمة كوشينج بأنها حالة مرضية تحدث بسبب ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول بشكلٍ غير طبيعي، عندما يُنتجه الجسم أكثر مما ينبغي من تلقاء نفسه. تُنتج الغدة الكظرية هذا الهرمون، ويصيب الأطفال والبالغين من كافة الأعمار على حدِّ سواء. تُلقب متلازمة كوشينج أيضاً بمرض «الوجه القَمَري» أو «وجه القمر» أو «فرط كورتيزول الدم».

الغدة الكظرية هي غدد صغيرة تقع فوق الكِلى، وتُنتج الهرمونات التي لا يمكن العيش بدونها؛ بما في ذلك الهرمونات الجنسية والكورتيزول؛ الذي يساعد في الاستجابة للإجهاد، وله العديد من الوظائف المهمة الأخرى. ومع اضطرابات الغدة الكظرية؛ تحدث الإصابة بمتلازمة كوشينج -وهي معروفة أيضًا باسم «مرض أديسون» أو «القصور الكظري»- وفي حالة الإصابة بها يكون إنتاج الغدة قليلاً للغاية.

يولد بعض الناس غير قادرين على إنتاج ما يكفي من الكورتيزول، ومن ضمن الأعراض الجسدية لذلك: زيادة سرعة نبضات القلب، الشعور بالإرهاق الشديد، اضطراب في معدل ضغط الدم، آلام البطن، وأيضاً آلام العظام والمفاصل، وفي بعض الأحيان قد تحدث إصابة بالنوع الثاني من مرض السكري.

أسباب متلازمة كوشينج

تحدث الإصابة بمتلازمة كوشينج حينما يتعرض الجسم إلى مستويات مرتفعة من هرمون الكورتيزول لمدة زمنية طويلة.

إنتاج الجسم لمستويات عالية من الكورتيزول

قد يُنتج الجسم مستويات عاليةً من الكورتيزول لعدة أسباب؛ منها:

مستويات عالية من الإجهاد؛ بما في ذلك الإجهاد المرتبط بمرض حاد أو جراحة أو إصابة، أو الحمل؛ خاصةً في الأشهر الثلاثة الأخيرة.
التدريب الرياضي.
سوء التغذية.
إدمان الكحول.
الاكتئاب واضطرابات الهلع.
مستويات عالية من التوتر العاطفي.

الستيروئيدات القشرية

كما يمكن أن تحدث الإصابة بمتلازمة كوشينج عن طريق الإفراط في تناول الستيروئيدات القشرية؛ «أدوية الكورتيكوستيرويد»، عن طريق الفم؛ وهي الأدوية المستخدَمة أيضاً للعلاج حال الإصابة بمتلازمة كوشينج، وتعمل على تنشيط هرمون الغدة الكظرية (بما في ذلك مركبات الكورتيزون والهيدروكورتيزون والبريدنيزون). كما أنها مفيدة في علاج العديد من الحالات؛ مثل الطفح الجلدي والذئبة والربو؛ لكن هذه الأدوية تحمل أيضاً خطر حدوث آثار جانبية خطيرة، لذلك يجب تناولها تحت إشراف الطبيب لكي يتمكن من إتخاذ خطوات لتقليل هذه الآثار الجانبية.

الأورام

وفي بعض الأحيان قد تحدث الإصابة بمتلازمة كوشينج نتيجة الإصابة بأورام الغدة النخامية أو فرط تنسج قشر الكظر والإفراز المنتبذ للهرمون الكظري القشري.

أعراض متلازمة كوشينج

وفقاً للبحث المنشور في دورية ساينس دايركت Science direct؛ يمكن أن تحدث الكثير الآثار السلبية الظاهرية على الجسم نتيجة تناول كميات كبيرة من الكورتيزول أو الكورتيزون؛ منها بعض السمات الشكلية التي تتمثل في:

ظهور حدبة دهنية بين الكتفين.
الوجه المستدير الذي يشبه استدارة القمر.
علامات تمدد زهرية أو بنفسجية اللون على الجلد عند الثديين والذراعين والبطن والفخذين.
زيادة الوزن.
ترقق الجلد مما بتسبب كدمات بسهولة.
إصابات الجلد بطيئة الشفاء.
حب الشباب.
التعب.
ضعف العضلات.

بالإضافة إلى الأعراض الشائعة المذكورة أعلاه؛ هناك أعراض أخرى يمكن ملاحظتها أحياناً لدى الأشخاص المصابين بمتلازمة كوشينج؛ مثل ارتفاع نسبة السكر في الدم وزيادة العطش وزيادة التبول وهشاشة العظام وارتفاع ضغط الدم والصداع وتقلب المزاج وزيادة حدوث الالتهابات.

أعراض متلازمة كوشينج عند الأطفال

يمكن أن يصاب الأطفال بمتلازمة كوشينج لكن بنسبة أقل من البالغين، وبالإضافة إلى ما سبق؛ تظهر عليهم الأعراض التالية:

البدانة.
تباطؤ معدل النمو.
ارتفاع ضغط الدم.

أعراض متلازمة كوشينج عند النساء

تنتشر متلازمة كوشينج بين النساء أكثر من الرجال؛ حيث أن عدد النساء المصابات بها يبلغ ثلاث أضعاف عدد الرجال، وتعاني المصابات من الأعراض التالية:

الشعر الزائد في الوجه والجسم.
عدم انتظام الدورة الشهرية أو غيابها.
صعوبات في الحمل.

أعراض متلازمة كوشينج عند الرجال

كما هو الحال مع النساء والأطفال؛ يمكن أن يعاني الرجال المصابون بمتلازمة كوشينج أيضاً من بعض الأعراض الإضافية؛ منها:

الضعف الجنسي.
فقدان الاهتمام الجنسي.
انخفاض الخصوبة.

كيفية علاج متلازمة كوشينج

يُعتبر استخدام العقاقير التي تحتوي على مادة غلايكورتيكود" من الأسالبب العلاجية المهمة لعلاج متلازمة كوشينج؛ حيث تنتج هرموناً مشابهاً للهرمون الذي تنتجه الغدة الكظرية، إلى جانب العمل على تخفيف الالتهاب من تورم واحمرار وعلاج بعض حالات التهاب المفاصل والجلد والدم والعين والغدة الدرقية؛ لكن هذا النوع من العلاج ليس آمناً تماماً، ووفقاً لدراسة منشورة في دورية علم الغدد الصماء، فإن المرضى الذين يتناولون هذا العلاج معرضون لخطر الإصابة بمضاعفات في الجهاز الهضمي؛ بما في ذلك مرض القرحة الهضمية مع ثقب ونزيف في المعدة وقرحة الاثني عشر، ومع ذلك؛ رصد البحث عدم انتشار المعرفة بهذه الآثار السلبية.

بحسب دراسة منشورة عبر موقع المكتبة الأمريكية للدواء والمعهد القومي للصحة؛ يمكن أن تؤدي علاجات متلازمة كوشينج إلى عودة إنتاج هرمون الكورتيزول في الجسم إلى الوضع الطبيعي، وذلك كلما بدأ تناول العلاج في مرحلة مبكرة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تحسن الأعراض الشكلية بصورة ملحوظة؛ والتي تحتاج إلى وقت حتى تتراجع حتى في حالة الشفاء من متلازمة كوشينج.

تشخيص الإصابة بمتلازمة كوشينج

كشفت دراسة بحثية منشورة في دورية clinical chemistry البحثية عن أن تشخيص متلازمة كوشينج يتطلب عمليةً متعددة الخطوات؛ والتي تشمل التحقق من فرط القشرية للغدة الكظرية، يليها تحديد سبب فرط وظائف الغدة الكظرية؛ والذي يتميز بالتسبب في مشكلات نتيجة زيادة معدلات ستيرويد بلازما؛ والتي بدورها قد تساعد في التشخيص.

وشملت الدراسة تحليل لعينات 222 من المرضى لاختبار الكشف عن وجود متلازمة كوشينج، وتم استبعاد وجود المرض لدى 138 مريضاً، وتأكيد وجود 51 مريضاً يعانون من متلازمة كوشينج النخامية، و 12 مريضاً يعانون من إفراز قشر الغدة الكظرية خارج الرحم، و 21 مريضاً يعانون من أمراض الغدة الكظرية، وأدرجت الدراسة رصد إصابة 277 متطوعاً آخر بمرض ارتفاع ضغط الدم، وتم إدراج نوع الجنس العمر بهدف المقارنة.

الفرق بين متلازمة كوشينج ومرض كوشينج

السبب في كليهما كثرة الكورتيزول في الجسم. في متلازمة كوشينج، يمكن أن يأتي الكورتيزول الزائد من خارج الجسم أو من داخله؛ حيث يمكن أن يأتي من استخدام أدوية الكورتيكوستيرويد، أو من ورم في الغدة النخامية أو الغدة الكظرية يتسبب في إفراز الجسم للكثير من الكورتيزول.

من جهة أُخرى؛ مرض كوشينج هو إحدى أنواع متلازمة كوشينج، ويحدث عندما يتسبب ورم في الغدة النخامية في إفراز الجسم للكثير من الكورتيزول. داء كوشينج هو الشكل الأكثر شيوعاً لمتلازمة كوشينج، ويشكل حوالي 70% من حالات متلازمة كوشينج.

الفرق بين متلازمة كوشينج ومرض كوري

تتداخل أعراض متلازمة كوشينج مع مرض تخزين الغليكوجين (GSD)؛ وهو مرض نادر يُعرف أيضاً بمرض "كوري" نسبةً إلى العالم كارل كوري وزوجته جرتي كوري الحاصلَين على جائزة نوبل في الطب عام 1947؛ وذلك وفقاً للبحث المنشور في دورية Wiley Online Library البحثية، ويُعتبر النمو الضعيف شائعاً في المرضى الذين يعانون من مرض تخزين الغليكوجين (GSD)؛ والذين قد يكون لديهم أيضاً وجه شبيه بجمال "القمر"؛ وهو عرض مماثل لمتلازمة كوشينج، إضافةً إلى السُمنة واضطرابات نقص السكر في الدم التي ترجع للإفراز المفرط لهرمون قشر الكظر؛ وهو ما يظهر بشكل واضح لدى المرضى من الأطفال.

يبقى الكشف المبكر والعلاج تحت الإشراف الطبي هما السر وراء الكشف المبكر لمتلازمة كوشينج والتخلص من آثارها السلبية على صحة الإنسان، والوعي هو بداية الطريق، راقب جسدك جيداً وتتبع مؤشراته لتجنب الكثير من المتاعب، وربما العلاج غير الصائب.