كيف تحول ورقة سبانخ إلى قلب بشري

2 دقائق
قلوب بشرية من الطبيعة

قد يكون السبانخ نافعاً لقلبك بأكثر من طريقة. حيث أنه غني بالألياف، والفيتامين أ، والجملة الوعائية المتفرعة الضرورية للخلايا حتى تمتص المغذيات.

لهذا السبب، قرر المهندسون الحيويون في معهد وورشيستر بوليتيكنيك أن يجربوا استزراع خلايا قلب بشري على قاعدة متواضعة تتألف من ورقة سبانخ. وقد تكلل هذا العمل بالنجاح، وتم نشر النتائج على الإنترنت في مجلة Biomaterials في إصدار ما قبل النشر المطبوع من عدد مايو 2017.

عند النظر إلى ورقة السبانخ، سترى على الأرجح لوناً أخضر ورقياً يشبه التوت والتفاح المجفف. أما المهندس الحيوي فيرى العروق. يوجد عرق مركزي مع فروع تنتشر نحو الأطراف، بطريقة مشابهة لتفرع الأوعية الدموية في القلب. وعلى الرغم من عدم وجود دماء في السبانخ، فإن القلب والجملة الوعائية في الورقة يحققان نفس الهدف الأساسي: نقل المغذيات.

من السهل أن تعتقد أن نظام الدورة الدموية لديك يتألف بشكل أساسي من أوردة وشرايين كبيرة متصلة في حلقة واحدة كبيرة. ولكن قد يكون الجزء الأهم في هذا النظام هو الأوعية الشعرية، وهي الأوعية الدقيقة التي توصل الدم إلى تلك المرحلة الأخيرة، حيث يتم إيصال الجزء الأكبر من الأوكسجين والمغذيات. وبدون الأوعية الشعرية، تستحيل الحياة، ولا يمكن للخلايا أن تستمر في الحياة بعيداً عن وعاء شعري، حيث يجب أن تكون على بعد 100-200 ميكرومتر، أي عرض شعرة أو شعرتين.

ونظراً لوجوب تفاعل الخلايا مع شبكة من الأوعية الشعرية، فمن الصعب استزراع الأنسجة البشرية اصطناعياً. ويعتبر هذا الأمر في الواقع أصعب ما يتعلق بتصنيع الأعضاء. حيث أن الخلايا تتمتع بطرق متعددة لتحريض نمو الأوعية الدموية داخل الجسم، ولكن يصبح هذا الأمر أصعب خارج الجسم. ولا يمكنك ببساطة أن تقحم كتلة من الخلايا داخل الجسم وتتوقع منها أن تولد أوعيتها الشعرية تلقائياً، لأنها ستموت قبل أن تتاح لها الفرصة لهذا. وبالتالي، إذا أردت تشكيل عضو ما (أو حتى جزء منه) من الصفر، يجب أن تعثر على طريقة لتشكيل شبكة أولية من الأوعية الدموية على الأقل.

يوجد العديد من الأفكار لتحقيق هذا الهدف، وليست فكرة استخدام السبانخ سوى واحدة منها فقط. ففي 2012، قام باحثان من جامعة بنسلفانيا باستخدام الطباعة المجسمة لتشكيل "أوعية دموية" مصنوعة من السكر، ومن ثم قاموا باستزراع خلايا الكبد حول هذه الشبكة. وما أن تماسكت الخلايا، قاموا ببساطة بتذويب السكر، ليترك شبكة مجوفة من الأنابيب التي يمكن أن تلعب دور الأوعية الشعرية. غير أن هذه المقاربة لا تتمتع ببنية طبيعية، نظراً لمحدودية الإمكانية الهندسية للطابعة المجسمة من حيث تركيب خيوط السكر.

قرر هؤلاء المهندسون الحيويون اعتماد مقاربة مختلفة. وذلك بحل جميع المواد الخلوية في ورقة السبانخ باستخدام مواد منظفة، بحيث لا يبقى سوى السيللوز. وما أن يحصلوا على هذه القشرة الفارغة لورقة السبانخ، يمكن إضافة خلايا القلب البشري وجعلها تلتصق بهذه البنية. ويمكن لهذه الخلايا أن تنبض كالقلب الحقيقي، كما يمكن للبنية الوعائية أن تدعم تدفق الدم، على الرغم من أن المهندسين لم يضعوا فيها دماء حقيقية، بل استخدموا سائلاً أحمر اللون يبدو كالدم، وذلك للبرهان على نجاح الطريقة.

لن تكون قاعدة السبانخ مناسبة لكافة أشكال الأنسجة. حيث أن الشكل المتفرع للعروق مماثل لكيفية تفرع الأوعية الدموية في القلب، ولكن يوجد في الأعضاء الأخرى شبكات أوعية شعرية مختلفة، وبالتالي قد تكون نباتات أخرى مناسبة أكثر لأجزاء أخرى من الجسم. كما برهن هؤلاء المهندسون الحيويون عن نجاح طريقتهم باستخدام عروق البقدونس، والجذور الشعرية الصغيرة للفستق، كما أشاروا إلى أنه يمكن من الناحية النظرية تقليد نمو العظام باستخدام شيء يشبه الخشب، أو نبتة سميكة العروق، مثل البلسم، لتحويلها إلى شريان.

هؤلاء المهندسون ليسوا متأكدين من نجاح زراعة هذه الأعضاء ضمن جسم بشري حقيقي. إن استزراع جزء من قلب يختلف تماما عن جعل الجسم يتقبل تلك البنية الاصطناعية. تفشل الطعوم والزرعات بشكل منتظم، حتى لو لم تكن مصنوعة من النباتات، وحتى باباي بذاته (الشخصية الكرتونية الشهيرة) قد يواجه المتاعب في تقبل جسمه لورقة سبانخ، على الأقل حالياً.

المحتوى محمي