بين الحب والخوف: كيف نمضي في الحياة؟

3 دقائق
كيف نمضي في الحياة

كيف نمضي في الحياة؟ وما الذي سنأخذه معنا عندما نتركها ونرحل؟

هذا هو الجزء الثاني من سلسلة رباعية الأجزاء تُنشر على مدار 4 أسابيع متتالية. لقراءة الجزء الأول: هل نعيش حياتنا في العالم وحدنا؟

في أوائل شهر ديسمبر/ كانون الأول 2020؛ أُصبت وزوجتي وأولادي جميعاً بمرض كوفيد-19، لم تكن تجربةً ممتعة. في اليوم الرابع بعد الحصول على نتيجة اختبار إيجابية، أتذكّر أني فكّرت بالطريقة التي ستتحسّن أو تتردّى فيها حالتي الصحية خلال الأيام القليلة المقبلة، كما كان الحال بالنسبة للكثيرين. كنت أنام 12 ساعة في اليوم، محتجباً في التشوّش الذهني، وكنت مضطراً لمواجهة فكرة موتي، لم أكن أعرف فعلاً ما الذي كان سيحدث.

تجلٍّ محفّز بمرض كوفيد-19

أرغب في الاعتقاد أن الإدراك المفاجئ التالي أتى لي خلال ساعات اليقظة القليلة التي كنت فيها تحت رحمة الفيروس؛ ولكن ليس هذا ما حدث؛ إذ أنّه أتى لي بعد بضعة أسابيع عندما شعرت بامتنان يفوق الوصف لأننا جميعاً قد استعدنا عافيتنا.

في هذه المرحلة أدركت أمرين؛ الأول هو أن الأكثر أهميةً في هذه الحياة هما شيئان: الحب والحياة نفسها، والثاني هو أنه من بين الحب والحياة، يمكننا الاحتفاظ فقط بواحد عند الموت؛ وهو الحب الذي شاركناه مع الآخرين خلال حياتنا.

أنا مدرك الآن في مستوىً أعمق بكثير، السبب الذي جعلني وزوجتي ننقش الكلمات: «الحب هو الشيء الوحيد الخالد» قبل 12 عاماً في حفل زفافنا في «سان ميغيل دي أليندي» في المكسيك، على خلفية الديوراما (وهو شكل يمثل مشهداً بأشكال ثلاثية الأبعاد؛ إما على شكل صورة مصغّرة أو كمعرض مُتحفي كبير الحجم) المصنوعة يدويّاً التي قدّمناها لضيوفنا؛ والذي يصوّر مشهد زفاف عادي، باستثناء أن العريس والعروس والموسيقي المرافق لهما كانوا جميعاً -بأسلوب مكسيسي نموذجي- هياكل عظمية، كل شيء آخر باستثناء الحب هو زائل في النهاية.

الفرق بين الحب والخوف

في هذا السياق؛ الحب مرتبط مع المكاسب. كيف يمكن ذلك؟ عندما نعبّر عن الحب داخلنا للآخرين، ونحصل عن الحب منهم؛ نكتسب ذاك المورد الأساسي غير المرئي والمرغوب للغاية؛ والذي يمتد عابراً الوقت القصير الذي نقضيه على هذا الكوكب.

أما الخوف؛ فهو مرتبط دائماً بعكس المكسب- الخسارة. نحن نخاف من الأمور التي يمكن أن نخسرها في حياتنا؛ مثل الممتلكات الماديّة، صديق، الصحة، وبالطبع الحياة نفسها؛ وهو خوف برز بشكل خاص خلال هذه الجائحة.

قد يكون هذا هو السبب الذي يجعل الأشخاص الذين يعيشون في حالة من الخوف يميلون لألّا يبالغوا في طيبتهم مع الآخرين. في هذا السياق؛ فالخوف هو شعور نرجسي: «لم نشعر بالحب الذي نعتقد أننا نستحقّه في الحياة؛ ولذا نصبح غاضبين تجاه الآخرين، في نهاية المطاف؛ فالبشر لم يمنحونا ما نحتاجه منهم»، هذه هي السّمة المميزة للأشخاص النرجسيين؛ لوم الآخرين على الأمور التي لم يحصلوا عليها.

كيف نمضي في الحياة
هل تمضي في حياتك تعكس حالة من الحب أم من الخوف؟

الحب يتعلّق بالأمور التي تمنحها للآخرين

الأشخاص الذين يعيشون في حالة من الحب لا يفكّرون كثيراً بالأشياء التي حصلوا أو لم يحصلوا عليها من الآخرين؛ بل يركّزون على ما يستطيعون منحه في علاقاتهم. في هذا السياق؛ فهم أكثر ثقةً وقوّةً؛ لأنه في الوقت الذي يكون فيه الآخرون مشلولين ذهنياً نتيجة تركيزهم على ما لم يتلقّوه؛ فأفكار هؤلاء الذين يعيشون حالة من الحب تتمحور حول كيفية إسعاد الآخرين، هؤلاء هم التجسيد الحي للتعبير الإيطالي: «أنا أرغب بسعادتك».

ربما هذا هو السبب وراء اقتناعنا في لاوعينا الجمعي -كما وصف «كارل يونغ» (طبيب نفسي سويسري)- بأن الأشباح هم أشخاص سابقون عالقون في هواية مطاردة الآخرين، نحن نصوّر الأشباح وكأنهم بشر ضائعون في دوامة من الندم نتيجة الأمور التي لم يستطيعوا تحقيقها عندما كانوا أحياء، لم يستطع هؤلاء أن يعبّروا عن الحب كما كانوا يرغبون، ولم يتلقّوا الحب الذي كانوا بحاجة له من الآخرين.

لذا؛ مثل النرجسيين الذين لا يزالون يرومون الأرض؛ فإن تصوّرنا الأسطوري للأشباح هو أنّهم يفرّغون خيبة أملهم على الآخرين من خلال مطاردتهم. تركّز معظم الكتب والأفلام والتصورات الفنية التي تحاول تمثيل طبيعة الأشباح -مثل فيلم «الحاسة السّادسة» لـ «إم. نايت شيامالان»- على مفهوم «عدم الاكتمال» هذا -هدف الحياة الخائب- الذي تختبره الأشباح.

المحتوى محمي