لدغة واحدة من هذه الحشرة كفيلة بأن تصيبك بالحساسية تجاه اللحوم الحمراء طيلة حياتك

2 دقائق
أخذت هذه القرادة اسمها (النجم الوحيد أو قرادة تكساس) من البقعة الصغيرة الموجودة على ظهرها، والتي تبدو كنجمة لامعة أو كخريطة لولاية تكساس الأميركية.

تُعد حشرات قراد النجم الوحيد (واسمها العلمي اليغموش الأميركي) من الحشرات المرعبة والبسيطة في آنٍ معاً. فحتى ولو لم تكن ناقلة للأمراض المعدية الخطيرة، إلا أن إدراكك لخطورة لدغتها قد يدفعك لتجنب السير حافي القدمين في الأحراش. ففضلاً عن الألم المرافق للدغة، ومظهر القرادة الممتلئ بالدم والتي يصعب إزالتها عن الجلد دون أن تنفجر، فيمكن للدغتها أيضاً أن تُصيبك بالحساسية الدائمة تجاه اللحوم.

ولعل المفارقة المضحكة تكمن في أن تحمل هذه القرادة اسم ولاية تكساس التي يشتهر سكانها بحب اللحوم الحمراء. أما إذا كُنت ممن يُفضلون المأكولات البحرية أو لحوم الدواجن، فقد لا تكون لديك مشكلة معها، لأن لدغة هذه القرادة لن تُصيبك بحساسية تجاه تلك الأنواع من اللحوم.

عندما تقوم قرادة النجم المفرد بلدغ شخص ما، فسوف يُصاب بحساسية تجاه مركب كربوهيدراتي يُدعى جالاكتوز-ألفا-1،3-جالاكتوز (يُشار إليه اختصاراً بألفا-جال). يوجد هذا المركب في الأغشية الخلوية لمُعظم الكائنات الثديية (ما عدا البشر والقردة العليا)، وهو ما يُفسر عدم التحسس للحوم الكائنات غير الثديية، مثل الدواجن والأسماك، ويُفسر في الوقت ذاته إمكانية التحسس للحوم باقي الحيوانات الثديية. وبما أن الجسم البشري لا يحتوي على جزيء ألفا-جال فسوف يُعدّه دخيلاً غريباً تنبغي محاربته، مما يدفع الجهاز المناعي لمهاجمة هذا الجزيء في كل مرة يتناول فيها الشخص لحوماً حمراء.

تظهر أعراض الحساسية تجاه اللحوم الحمراء في منتصف الليل بعد تناول عشاء يحتوي على اللحوم الحمراء. حيث يشعر الشخص بقشعريرة، وحكة، وتقيؤ وإسهال في بعض الأحيان. كما يمكن أن تحدث صدمة تأقية في الحالات الشديدة. يمكن تخفيف تلك الأعراض عن طريق تناول مضادات الهيستامين قبل وبعد تناول الوجبة. بمعنى آخر، لن يكون بوسعك -بعد لدغة قرادة النجم الوحيد- تناول اللحوم الحمراء دون أخذ أدوية أو الحصول على رعاية صحية.

وعلى الرغم من إدراك علماء التحسس للعلاقة بين لدغة قرادة النجم الوحيد والحساسية للحوم منذ أكثر من عقد، إلا أن الكثير من المجامع العلمية لم تعترف بها إلا منذ سنواتٍ قليلة. حيث تطلب الأمر العديد من السنوات كي يتمكن علماء التحسس من إقناع زملائهم بحقيقة هذه العلاقة. ويدور الآن نقاش حول ما إذا كان نوع آخر من القراد (ويُدعى قراد الخروع) قد يؤدي إلى تأثيرات مشابهة في أماكن تواجده (السويد).

أما ما دفعنا إلى الاهتمام بهذه القرادة والحديث عنها، فليس التعريف بنوع خطير من القراد وحسب، وإنما التنويه إلى أن مواطن انتشاره تتسع بشكل مضطرد أيضاً. وهو أمر يعود إلى ارتفاع درجات الحرارة المستمر الذي يشهده كوكب الأرض، مما جعل ولايات أميركية مثل نيوهامبشاير ومينيسوتا مناطق صالحة لعيش تلك القرادات. وقد بدأت تظهر بالفعل تقارير في تلك المناطق عن حالات لدغ بقراد النجم الوحيد.

وفي حال لم تقتنع بعد بخطورة هذه القرادة، وأن الحساسية تجاه اللحوم الحمراء طيلة الحياة ليست سبباً كافياً للإحساس بالخطر تجاهها، فلدينا سبب إضافي. يحمل بعض البشر عاملاً يُسمى HME (human monocytotropic ehrlichiosis). لا تظهر على هؤلاء الناس أية أعراض ما لم يتعرضوا للدغة قراد النجم الوحيد، حيث تظهر بعد 3 أسابيع من ذلك أعراض خفيفة تتمثل بارتفاع درجة الحرارة والصداع والقشعريرة والألم العضلي (كما لو كان الشخص مصاباً بحالة شديدة من الزكام). يبدأ المريض بعد ذلك بالتقيؤ، وقد يُصاب بالإسهال والألم البطني. وفي حال كانت الأعراض شديدة فقد تتطور لدى المريض أعراض عصبية أيضاً. ومن المعروف بأن الآفات والالتهابات الدماغية قد تترك أضراراً دائمة، كما قد يُصاب المريض بحالات من الغيبوبة. وفي حال عدم تلقي العلاج المناسب، فيمكن للحالة أن تنتهي بفشل كلوي أو تنفسي.

كما قد تؤدي لدغة قرادة النجم الوحيد إلى الإصابة بعدوى التولاريمية، وهي حالة مرضية تتمثل بتقرحات، وحمى، وقشعريرة، وصداع، وألم في العقد اللمفية. وفي حال انتشارها إلى الرئة فقد تؤدي إلى التهاب رئوي خطير ومهدد للحياة.

بأية حال، فإن حالات لدغ قراد النجم الوحيد نادرة عموماً، وقلما تُسجل حالات منها حتى وإن سار الشخص حافي القدمين في مواطن تواجدها. ولكن، إذا كنت من محبي اللحوم الحمراء، ولست مستعداً للتخلي عنها، فتجنب لدغات تلك القرادة.

المحتوى محمي