لماذا البروتين النباتي أفضل من الحيواني؟ الدراسات تجيبنا

4 دقائق
البروتين النبايت, البروتين الحيواني, أنظمة غذائية, حميات, تغذية, عناصر غذائية

سيكون من الرائع اتباع نظام غذائي يتضمن تناول قطعة برجر يومياً. هذا النظام الغذائي ليس أسوأ ما يمكن اتباعه، إذ يحتوي على البروتين وبعض الخضار، إضافة إلى بعض الألياف، إن كان الخبز المستخدم من الحبوب الكاملة.

للأسف، تكشف الدراسات المتتالية أن الاعتماد على اللحوم كمصدر وحيد للبروتين؛ ليس صحياً كما نظن، إذ من الأفضل اللجوء إلى الخضار لتحقيق الكفاية منه. اتباع نظام غذائي يحتوي على كميات هامة من المواد النباتية يكون صحياً بدرجة أكبر مقارنة مع الأنظمة الغذائية الأخرى. هذا ما تؤكده دراسة حديثة توصلت إلى أن الذين يتبعون نظاماً غذائياً غنياً بالفواكه والخضار؛ يتضاءل خطر وفاتهم بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 31%، أما خطر وفاتهم عموماً يقل بنسبة 20% تقريباً، مقارنة مع الذين يتبعون أنظمة غذائية غنية باللحوم. لم تركز هذه الدراسة على نوعية البروتين المستهلك، إذ تناول المشاركون في الدراسة الألبان بنسب تقترب من الكميات التي استهلكها المشاركون الذين اتبعوا نظاماً غذائياً غنياً باللحوم. بالتالي، استنتج الباحثون أن الاختلاف بين المجموعتين يعود إلى استبدال اللحوم بمصادر بديلة للبروتين.

ثمة علاقة بين استهلاك الخضر والفواكه وانخفاض احتمال الوفاة جراء أمراض القلب، لكن العلاقة ليست شرطية. مع ذلك، هناك أسباب معقولة تفسر كون مصادر البروتين النباتي مثل الفاصوليا بديلاً صحياً عن اللحوم. لا يعترض الباحثون على تناول اللحوم، لكنهم ينصحون بتناولها بكميات معتدلة وليس بشكل دائم. عموماً، تُظهر الأبحاث أن تقليل كمية اللحوم المستهلكة، خاصة اللحوم الحمراء، خير من الإكثار منها. هذا له آثار إيجابية على الصحة على المدى الطويل، ما دمت تسعى إلى تناول مزيد من البروتينات النباتية، وتقليل كميات البروتين الحيوانية.

البروتين النباتي والكثير من العناصر الغذائية والألياف

تحتوي اللحوم الحيوانية على العديد من العناصر الغذائية، وتناول أنواع مختلفة من اللحوم الحيوانية (اللحوم البيضاء والحمراء، وكذلك الأعضاء)؛ يمد الجسم بالأحماض الأمينية الضرورية لإنتاج البروتينات، وفيتامينات مثل فيتامين ب 12، والنياسين والثيامين، وفيتامين ب 5 وب 6 وب 7، والفيتامينات أ وك.

التغير المناخي, صحة, دايت, فيجان, نباتي, النظام الغذائي النباتي

لكن المفارقة أن استبدال نظام غذائي غني بالبروتينات الحيوانية بنظام غذائي يحتوي على بروتينات نباتية مصدرها المكسرات والحبوب والفاصوليا لا يجعل حالك أفضل، لأن هذه الأطعمة تحتوي على طيف من المواد الغذائية يشبه تلك الموجودة في اللحوم. الفرق الأكبر هو فيتامين ب 12، الذي يتعذر على معظم النباتات إنتاجه بمفردها، لكن يمكنك الحصول عليه عن طريق تناول الأعشاب البحرية الصالحة للأكل والحبوب المدعمة، رغم أن أسهل وسيلة هي تناول المكملات الغذائية والمنتجات الحيوانية.

بمقارنة الفيتامينات التي تحتوي عليها، تقول اختصاصية التغذية بكاليفورنيا «أندريا جيانكولي»، إن البروتينات النباتية أكثر صحة من نظيرتها الحيوانية، نظراً لأنها تضم عناصر غذائية أكثر وسعرات حرارية أقل. علاوة على ذلك، تحتوي البروتينات النباتية (باستثناء أغذية معالجة مثل التوفو -الجبن النباتي-) على الألياف التي تفتقر إليها البروتينات الحيوانية. تساعد الألياف على الهضم وتعزز ميكروبيوم الأمعاء، ولها ارتباط وثيق أيضاً بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

البروتينات النباتية ونمط الحياة الصحي

وجدت التحليلات الوصفية التي قارنت بين الأشخاص الذين يتناولون البروتينات الحيوانية، وأولئك الذين يستهلكون البروتينات النباتية أنه حتى بعد إرفاق عوامل أخرى في التحليل، مثل الطبقة الاجتماعية، والوزن، ومعدل ممارسة التمارين الرياضية. فالذين يتناولون البروتينات النباتية، عادة ما يعيشون حياة أطول وأكثر صحة. غالباً ما يكون معدل إصابتهم بالأمراض القلبية أقل، كما أن نسبة حالات السرطان بينهم تقل، مع أن الرابط بين النظام الغذائي الغني بالبروتينات النباتية، والإصابة بالسرطان يختفي بمجرد أخذ عوامل أخرى بعين الاعتبار. مع ذلك، يوجد رابط بين النظام الغذائي المذكور، والعيش حياة أطول، وتراجع خطر الإصابة بمشاكل القلب. ثمة عوامل تسهم في وجود هذا الرابط، إذ إن الأشخاص الذين يتناولون البروتينات النباتية يزورون الطبيب بانتظام. أي أنهم يحصلون على رعاية وقائية أفضل، وربما يميلون إلى العيش في أماكن أكثر هدوءاً وأقل تلوثاً.

نظراً لوجود ارتباط بين تناول البروتينات النباتية وتحسن الصحة، حتى بعد اعتبار عوامل أخرى، خلصت التحليلات الوصفية إلى أن نمط الحياة ليس السبب الوحيد الذي يفسر هذه العلاقة. بهذا الصدد، أشار بحث جديد نشر في دورية الرابطة الطبية الأميركية إلى أن «استبدال البروتينات النباتية بالبروتينات الحيوانية، خاصة التي مصدرها اللحوم الحمراء المعالجة، قد يكون له فوائد صحية جمة»، وأوصت بضرورة التشجيع على استهلاك البروتينات النباتية.

تحتوي اللحوم على كميات هامة من الدهون المشبعة

من بين الأسباب التي تجعل تناول اللحوم غير صحي، هي احتوائها على الدهون. تمنح هذه الدهون شرائح اللحم والبرجر لذّتها، لكنها تؤدي أيضاً إلى انسداد شرايين القلب، على عكس البروتينات النباتية التي تحتوي على دهون مشبعة أقل وبلا كوليسترول، مثلما توضح جيانكولي، أن هذه فائدة أيضاً.

لطالما كان سمك السلمون والخضروات من الأطعمة الجيدة لصحة القلب

الدهون المشبعة هي تلك الدهون الصلبة التي غالباً ما تسهم في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية (يختلف تأثيرها عن تأثير الدهون غير المشبعة)، لأنها ترفع مستويات الكوليسترول. وعلى المدى الطويل، قد يسبب ارتفاع نسبة الدهون منخفضة الكثافة في الجسم، وهو ما يؤدي إلى انسداد الشرايين. تحتوي المكسرات والأفوكادو والأسماك على دهون مشبعة أقل بكثير من اللحوم الحمراء، ولهذا يطلق عليها اسم الدهون الصحية.

اللحوم الحمراء المعالجة تسبب للسرطان

ربما سمعت عن تقرير منظمة الصحة العالمية الذي نشر قبل بضع سنوات، والذي أعلنت فيه أن اللحوم الحمراء المعالجة تسبب السرطان. أوضحت الأبحاث أن ثمة رابطاً بين سرطان القولون والمستقيم؛ وتناول اللحوم الحمراء، وكذلك سرطان البنكرياس والبروستاتا. علاوة على هذا، يؤدي تناول اللحوم المعالجة، مثل اللحم المقدد والنقانق، إلى الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. وتحتوي اللحوم المشوية كذلك على بعض المركبات المسببة للسرطان (توجد في الغالب في تلك البقع السوداء التي يتركها الفحم على اللحم)؛ اللحم المحترق له تأثير مماثل.

ليست اللحوم السبب المركزي الذي يفسر الإصابة بالسرطان، إذ تشير التقديرات الأخيرة لمشروع العبء العالمي للأمراض، وهو مشروع فرعي تابع لمنظمة الصحة العالمية، إلى أن عدد حالات السرطان الناتجة عن تناول اللحوم الحمراء يصل إلى 50 ألف حالة سنوياً. هذا بالمقارنة مع 200 ألف حالة بسبب تلوث الهواء و600 ألف حالة من جراء شرب الكحول، ومليون حالة نتيجة التدخين. مع ذلك، تبقى هذه الأرقام بالغة الأهمية.

إذا نظرنا إلى الصورة الكاملة على المدى الطويل، فلا يمكن إنكار أن استهلاك البروتينات النباتية سيكون ذا تأثير إيجابي على الصحة. لكن مختصي التغذية مثل جيانكولي يصرون أيضاً على ضرورة الاستمتاع بالطعام. إذ يجب ألا نقضي حياتنا في التهام الآيس كريم والبيتزا فقط، فإذا كنت تحب البرجر، فتناوله. بطبيعة الحال لا ينبغي تناوله بشكل يومي، لكن فقط في بعض الأحيان. مفتاح النظام الغذائي الناجح، كما يقول العديد من مختصي التغذية، هو التوازن والاعتدال؛ والفاصوليا.

المحتوى محمي