لماذا تشك بعض الدول المتقدمة في جدوى التطعيمات؟

2 دقائق
تطعيمات, صحة, طب, أطفال, جدوى التطعيمات

إنها لحقيقة مؤسفة أن الأشخاص الذين يجنون ثمار أي نظام يؤطر حياتهم؛ هم أقل ميلاً إلى الاعتراف بمدى أهميته، ونظام التطعيمات أنسب مثال على ذلك. تشير «كاترينا كريتسينجر»، خبيرة التطعيم في منظمة الصحة العالمية، إلى أن: «الأمراض التي يمكن الوقاية منها بالتطعيمات لا تظهر بكثرة في العالمين المتقدم والنامي؛ لذلك يظن بعض الناس أن الحصول على التطعيم ليس أمراً ضرورياً».

ورغم ذلك تقول كريتسينجر: «إن هناك بعض المناطق التي لا يزال فيها الخوف من تلك الأمراض واقعاً يومياً». وفي كثير من الأماكن التي تنتشر فيها أمراض الحصبة وشلل الأطفال، وما شابههما، على نطاق واسع؛ يدرك الناس مدى أهمية التطعيمات في منع الوفيات؛ إذ تُعدُّ السبب الرئيسي في موت الأطفال.

هذا ما يفسر واقع المناطق الأقل ثقة في فعالية التطعيمات وسلامتها، وأنها لا تنتمي بالضرورة إلى العالم النامي. وفي الواقع غالباً ما يكون العكس؛ إذ إن العديد من البلدان التي لديها أعلى نسب من المشككين في التطعيمات ينتمون إلى الدول المتقدمة، ربما لأن أوضاعهم تسمح لهم بالتشكيك فيها.

وثمة العديد من الأسباب التي تجعل الناس في جميع أنحاء العالم؛ يرون أن التطعيمات ليست آمنة أو غير فعالة. إذا كانت حكومتك فاسدة، أو كان وضع نظام الرعاية الصحية مزرياً؛ فستفقد الثقة في هذه المؤسسات عندما تخبرك أن أخذ التطعيمات يقيك من الأمراض.

من السهل التشكيك في جدوى تطعيم الحصبة وشلل الأطفال؛ إذا لم يعاين المرء وفيات الأطفال السنوية التي خَلَّفَها المرَضَيْنِ قبل بضعة عقود فقط، ولا تزال تفعل. التطعيمات ضحية نجاحها، ويقول سعد أومر، عالم التطعيمات في جامعة إيموري: «إمع انخفاض معدل الإصابة بهذه الأمراض، أصبحت الأخبار عن أضرار التطعيمات -سواء أكانت حقيقية أم متصورة-، تنتشر أكثر من الأخبار عن الأمراض التي تقي منها، ويؤدي هذا إلى انخفاض ثقة الآباء في هذه التطعيمات». ويضيف: «هناك العديد من العوامل الأخرى التي تدفع الناس إلى التشكيك في فعالية التطعيمات، ومن بينها أن معظمهم لم يعاين مخاطر هذه الأمراض».

ويبرز تقرير حديث من مؤسسة «ويلكم ترست» هذه الظاهرة على نحو جيد؛ إذ أجرى محللوهم دراسة استقصائية سألوا فيها الناس عن مدى ثقتهم في الطب والأطباء، والتطعيمات على وجه الخصوص. وفيما يلي بعض ما توصلوا إليه:

تطعيمات, صحة, طب, أطفال, جدوى التطعيمات
تمثل البلدان ذات اللون الرمادي المناطق التي لم يتم مسحها

تطعيمات, صحة, طب, أطفال, جدوى التطعيمات

تطعيمات, صحة, طب, أطفال, جدوى التطعيمات

تعطي هذه الخرائط فكرة عن المناطق التي لا تزال تولي أهمية كبيرة للتطعيمات؛ إذ تُبيِّن أن الكثير من بلدان أفريقيا وأميركا الوسطى والجنوبية وآسيا -وهي مناطق عانت حديثاً انتشار أمراض لا يمكن الوقاية منها إلا بالتطعيمات-؛ تميل إلى الاعتقاد بأن التطعيمات ضرورية وآمنة وفعالة. معظم المناطق ذات الألوان الفاتحة، حيث تقل الثقة في جدوى التطعيمات، هي أماكن مرَّت عقود منذ أن اجتاحتها الأمراض المودية بحياة الأطفال، ويمكن رؤية ذلك بوضوح أكبر من خلال هذا الرسم البياني:

تطعيمات, صحة, طب, أطفال, جدوى التطعيمات

ورغم وجود استثناءات -مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية- فإن أغلب البلدان التي يشكك أفرادها في التطعيمات تنتمي إلى أوروبا. ولحُسْن الحظ، فإن بقية البلدان تتجمع في قمة الرسم البياني؛ مما يشير إلى ثقتهم في فعالية عمليات التطعيم. هذه إحدى المشكلات التي تُطرَح عند القضاء على مرض ما، فمن السهل الشعور بالرضا، لكن سيَتعيَّن علينا التخلص من الرضا عن النفس؛ إذا أردنا مواصلة التقدم.

المحتوى محمي