لماذا تكون الجروح الناجمة عن الورق مؤلمة جداً؟

2 دقائق
عادةً ما تحدث الجروح الناجمة عن الورق في بعض أجزاء الجسم الأكثر حساسية، مثل الأصابع أو الشفتين أو اللسان.

تحدث الجروح الناجمة عن الورق فجأة وبشكل غير متوقع على الإطلاق، ويكون ذلك عادةً عند إنجازك أخيراً لإحدى المهام التي كنت تؤجلها.

تذكّر شعورك بالراحة لإنهاء رسالة الشكر لعمّتك على السترة الجميلة التي أرسلتها إليك قبل ثلاثة أشهر، عندما تخونك يدك أثناء مهمة الكتابة في تلك اللحظة الحاسمة، وتنزلق حافة الورقة لتنغرس في لحم الجسم. بعد ذلك، يحدث ألم حادّ يجعل تركيزك كلّه ينصبّ على ذلك الشيء الوحيد المهمّ في الوقت الحالي. في بعض الأحيان، هناك لحظة بين الوعي والألم عندما تستسلم للقدر على أمل أن ما حدث لم يحدث. لكن اليد قد أصيبت والجرح يحتاج إلى الرعاية.

من الناحية الجسدية، تكون الجروح الناجمة عن الورق مؤلمة بشدة لمجموعة متنوعة من الأسباب. فهي عادةً ما تحدث في بعض أجزاء الجسم الأكثر حساسية، مثل الأصابع أو الشفتين أو اللسان. وتتميز الشبكات العصبية لأجزاء الجسم هذه بالوضوح والخصوصية بشكل استثنائي، وكذلك بالإحساس بالضغط والحرارة والبرودة والإصابات. ويمتلك الدماغ أيضاً مناطق متخصصة لتلقي الإشارات القادمة من هذه الأجزاء بدقة عالية. كما أن قدرات الإحساس القوية التي تجعل الأصابع والشفتين واللسان متميزة في أداء وظائفها المعتادة من شأنها أن تجعل الإصابات أكثر إيلاماً.

كما تعدّ هذه المناطق شديدة الحساسية عبارة عن أجزاء نستخدمها بشكل دائم. فالجروح في الأصابع والشفتين واللسان تميل إلى التعرّض للانفتاح مرة أخرى خلال اليوم مما يحول دون تسكين الألم مراراً وتكراراً. وأخيراً، فإن عمق الجرح يعدّ مثالياً لكشف الألياف العصبية للجلد وإثارتها دون إلحاق الضرر بها بالطريقة التي يمكن أن تتسبّب بها الإصابة الأعمق والأشدّ بالأذية الشديدة للألياف العصبية والتي تعيق قدرتها على نقل الألم. أما في حالة الجروح الناجمة عن الورق، فتتم إثارة الألياف العصبية، وتعمل بكامل وظيفتها.

كيف يتم إيقاف الألم؟

بصفتي طبيب أسرة، يمكنني أن أنصح ببعض الطرق العملية لتقليل الانزعاج الناتج عن جروح الورق. أولاً، قم بغسل الجرح باستخدام الماء والصابون في أقرب وقت ممكن. من شأن ذلك أن يقلل من احتمال الإصابة بالعدوى ويساعد على شفاء الجرح بسرعة. وحافظ على نظافة الجرح، وقم بتغطيته لبضعة أيام إن أمكن بضمادة صغيرة لحماية الجرح والحدّ من تعرّضه للانفتاح.

وفي حين أن التأثيرات الجسدية للجروح الناجمة عن الورق تعدّ حقيقية، إلا أن الاستجابة العقلية والعاطفية لجروح الورق كبيرة. وعلى الرغم من إجراء أبحاث مهمة ومستمرة حول الآثار النفسية للإصابات الذاتية المتعمّدة (مثل القطع) والإصابات العرَضيّة غير المقصودة (مثل حادث سيارة أدى إلى فقدان الأطراف أو الشلل)، إلا أن الإصابات العرَضيّة البسيطة لا تشجّع على إجراء الأبحاث، ولا بأس بذلك. فهناك مشاكل تحتاج إلى الأبحاث وهي أكثر أهمية من الجروح الناجمة عن الورق.

ولكن فكّر مرة أخرى في المشاعر التي قد تكون أحسست بها حول الجروح الناجمة عن الورق: المفاجأة من أن الفعل العادي للعق الظرف يمكن أن يؤدي إلى إصابة اللسان (وخروج الكثير من الدم!)، والخجل من أن جسمك لم يتمكن من معالجة مثل هذه المهمة البسيطة (لماذا يحدث ذلك معي دائماً؟)، والغضب لإيذاء نفسك، والقلق من أن يحدث ذلك مرة أخرى (لا يزال لدي 200 ظرف لإغلاقه!). فعلى الرغم من أن الجروح الناجمة عن الورق طفيفة، إلا أنها قد تنطوي على استجابة عاطفية معقدة.

تذكّرنا الجروح الناجمة عن الورق أنه بغض النظر عن عدد المرات التي قمنا فيها بإجراء مهمة بسيطة، فيمكننا إيذاء أنفسنا دون قصد. إذا كان هذا يجعلنا أكثر تعاطفاً مع آلام جيراننا وأكثر تواضعاً بقليل، فربما تسدي إلينا جروح الورق بعض الخدمة.

غابرييل نيل هو أستاذ طب الأسرة بجامعة تكساس إيه أند إم. تم نشر هذه المقالة أولاً على موقع ذا كونفرسيشن (The Conversation).

المحتوى محمي