ما حقيقة قهوة الفياجرا، ولماذا هي ضارة؟

3 دقائق
قد تكون القهوة أفضل ما تستقبل به يومك الجديد.

يُعد ضعف الانتصاب من المشاكل المربكة التي قد تواجه الرجل، والتي من شأنها أن تُلقي بأبعادها النفسية على العديد من جوانب حياته. وإن شعور الرجل بالخجل من الحديث عن مشكلته الجنسية تلك قد يمنعه من زيارة الطبيب، ويدفعه لطلب العلاج عبر مستحضرات تُباع عبر الإنترنت أو في محلات العطارة والأعشاب، ومثالنا على تلك المستحضرات قهوة تعزيز الأداء الجنسي للرجل.

هل يبدو اسم تلك القهوة مضحكاً؟ نعم، ربما يكون كذلك، ولكن لا يهمنا ذلك بقدر ما تهمنا فعالية هذا المشروب وآثاره. فلطالما لجأ الناس إلى علاجات وهمية بالمطلق ظناً منهم أنها ستعود عليهم ببعض الفائدة.

وفي الحقيقة، فإن فعالية العديد من تلك المستحضرات تعود إلى احتوائها على مركبات دوائية حقيقية، مثل الفياجرا. ومع ذلك، فهي لا يمكن اعتبارها آمنة.

وفي الوقت الذي أقرّت فيه هيئة الغذاء والدواء الأميركية استخدام الفياجرا (وغيره من أدوية ضعف الانتصاب)، إلا أن أيّاً من المكملات العشبية لم يُقرّ استخدامها لهذا الغرض. كما إن الشركات المُصنّعة للمكملات العشبية ليست مُلزمة بإثبات فعالية منتجاتها أو دقة مكوناتها. من جهةٍ أخرى، فإن الحصول على الفياجرا يحتاج وصفةً من الطبيب، أما تلك المكملات العشبية فتُباع من دون وصفة طبية.

وكانت هيئة الغذاء والدواء الأميركية قد قررت مؤخراً سحب منتج قهوة تعزيز الأداء الجنسي من الأسواق، وهو واحد من قائمة طويلة من المنتجات التي جرى ويجري سحبها من الأسواق، إما بسبب العثور على مواد فعالة دوائية فيها، أو مواد كيميائية شبيهة بها يمكن أن تؤدي نفس الغرض. تحتوي هذه القهوة على مكون شبيه بالفياجرا (بالإضافة إلى احتوائها على الحليب، دون أن تُفصح الشركة عن ذلك). وهكذا، فإن هذه القهوة لا تبدو سوى كنوع قديم من أدوية ضعف الانتصاب.

تعمل جميع أدوية ضعف الانتصاب بنفس الآلية

نعم، إن المستحضرات التكميلية المُعززة للأداء الجنسي عند الرجل تتشابه من الناحية الكيميائية بشكل كبير مع الفياجرا. إلا أن هذا التشابه في البنية الكيميائية لا يعني بأنها تتشابه أيضاً في الآثار الجانبية أو التداخلات الدوائية.

تنتمي أدوية ضعف الانتصاب، مثل فياجر وسياليس، إلى زمرة دوائية تُعرف باسم مُثبطات PDE5، ولفهم آلية عملها ينبغي أن نفهم أولاً آلية الانتصاب.

يحدث الانتصاب نتيجة تدفق الدم إلى النسيج الإسفنجي في القضيب، مما يجعله صلباً وقاسياً. ومع انتصاب القضيب ترتفع مستويات أكسيد النتروجين في الدم المحيط بالقضيب، مما يدفع الجسم لإنتاج المزيد من مركب جزيئي يُطلق عليه اسم cGMP يُسبب توسع الأوعية في القضيب للسماح للمزيد من الدم بالتدفق. وبالتالي، إذا لم ترتفع مستويات cGMP بشكل كافٍ في الدم، فلن ينتصب القضيب.

PDE5 هو إنزيم يقوم بتفكيك cGMP، لأن الانتصاب غير مطلوب دوماً. يعمل الفياجرا على تثبيط إنزيم PDE5، مما يؤدي إلى عدم تفكيك cGMP، وبالتالي تحقيق الانتصاب.

مُكملات تعزيز الأداء الجنسي تُقلّد عمل أدوية ضعف الانتصاب

ليست وحدها أدوية ضعف الانتصاب القادرة على تثبيط إنزيم PDE5، إذ يمكن لمركبات كيميائية أخرى، مثل ديسميثيل كاربودينافيل الموجود في قهوة تعزيز الأداء الجنسي سالفة الذكر، أن يثبط الإنزيم PDE5 بنفس أسلوب الفياجرا.

يُطلق على المادة الفعالة في دواء فياجرا اسم: سيلدينافيل. أما المادة الفعالة في دواء سياليس فيُطلق عليها اسم: تادافيل. هناك قائمة طويلة بالمكملات التي منعت هيئة الغذاء والدواء الأميركية تداولها، والتي تدعي الشركات المصنعة لها بأنها تحتوي على أعشاب نادرة وباهظة الثمن، إلا أنها لا تحتوي فعلياً عليها. فمن الأسهل والأوفر على الشركات أن تضع في منتجاتها مادة دوائية فعالة (مثل سيلدينافيل أو تادافيل) بدلاً من الذهاب إلى أعماق الأدغال والبحث عن أعشاب لا تقدم مفعولاً أفضل مما تقدم تلك المواد الدوائية، ومن ثم الادعاء بأن المستحضر يحتوي على أعشاب نادرة، وطلب أثمان باهظة له.

غياب المراقبة والإشراف يعني المزيد من المخاطر

من المحتمل أن تكون العديد من تلك المكملات غير خطيرة، إلا أنه وبسبب عدم تنظيم عملية إنتاجها وبيعها، فلا يمكن اعتبارها آمنة. أضف إلى ذلك أن غياب استشارة الطبيب قد يزيد من خطر حدوث تداخلات مع أدوية المريض الأخرى. فعلى سبيل المثال، تُوصف النترات بشكل شائع في علاج مشاكل القلب، حيث تؤدي إلى توسع الأوعية الدموية. وبالتالي، فإن تناول النترات مع الفياجرا قد يؤدي إلى هبوط مفاجئ في ضغط الدم وحدوث نوبة قلبية. وبالتأكيد، فلا يرغب أحد ممن يتناولون قهوة تعزيز الأداء الجنسي أن يحدث ذلك معه.

ومما يزيد في الطين بلة، أن الشركات المُصنعة لتلك المكملات قد تجهل هي الأخرى آلية عمل المواد المركبة لها، وتأثيراتها على المدى البعيد.

إذاً، وفر مالك وجهدك، وبالتأكيد صحتك، وبادر إلى استشارة الطبيب في حال واجهتك أي مشكلة في أدائك الجنسي، وامتنع عن تناول مثل تلك المكملات، حتى وإن زيّنتها الشركات المصنعة لها بصور الثيران الهائجة وادعت بأنها إكسير الشباب والحل السحري لكل المشاكل الجنسية.

المحتوى محمي