ما نعرفه عن علاقة صودا الحمية بأمراض القلب والجلطة الدماغية والوفاة المبكرة

3 دقائق
ينبه المؤلفون على أنه لا هذه الدراسة ولا غيرها تثبت أن تناول صودا الحمية يسبب هذه الأمراض.

منذ ظهور صودا الحمية في عام 1982، تزايد انتشار المشروبات المحلاة صناعيًا في النظام الغذائي للأمريكيين. فوفقًا لاستطلاع رأي للمستهلكين في عام 2018، اتضح أن ما يزيد على نصف الأمريكيين ممن تتراوح أعمارهم من 18 إلى 49 سنة قد تناولوا مشروبًا واحدًا على الأقل من صودا الحمية خلال آخر أربعة أسابيع. لذا فليس من المدهش كثيرًا أن يدرس علماء الأوبئة تأثير المُحليات عديمة السعرات الحرارية في صحتنا. وقد خرجت أحدث دراسة في هذا الصدد، والتي نشرت هذا الأسبوع في مجلة ’ستروك‘ (Stroke) [الجلطة الدماغية]، باستنتاجات تبدو مقلقة: فلدى النساء في سن انقطاع الطمث، ارتبط تناول مشروبين أو أكثر من هذه المشروبات بالخطر المبكر للإصابة بالجلطة الدماغية وأمراض القلب والوفاة المبكرة.

جمعت الدراسة معلومات عن الصحة والحمية من أكثر من 80 ألف امرأة تتراوح أعمارهن من 50 إلى 79 سنة ضمن ’مبادرة صحة النساء‘، وهي دراسة زمنية طويلة أنشأتها المعاهد الوطنية للصحة بأمريكا في عام 1991. وقد ركز مؤلفو الدراسة على الكشف عن وجود علاقة بين تناول صودا الحمية وغيرها من المشروبات المحلاة صناعيًا (مثل ’سنابل‘ (Snapple) و’فيتامين ووتر‘ (Vitamin Water) و’كريستال لايت‘ (Crystal Light)) والجلطة الدماغية وأمراض القلب ومجمل حالات الوفاة.

بادئ ذي بدء، أخذ مؤلفو الدراسة عوامل الالتباس في الحسبان. وهو ما يعني أنهم خرجوا بتلك الاستنتاجات بعد الأخذ في الحسبان بالسمات التي نعرف بالفعل أنها تؤثر في فرص الإصابة بالجلطة الدماغية أو أمراض القلب لدى الشخص، كالتدخين وسوء التغذية وارتفاع ضغط الدم وحالة مرض السكر لديه وعمره. وبعد ضبط الدراسة لتفادي أثر هذه العناصر، وجد مؤلفو الدراسة أن النساء اللاتي تناولن يوميًا مشروبين أو أكثر من المشروبات المحلاة صناعيًا ارتفع خطر الإصابة بالجلطة الدماغية لديهن بنسبة 31 في المائة، وبأمراض القلب بنسبة 29 في المائة، وبالوفاة المبكرة بنسبة 16 في المائة، وذلك مقارنة بالنساء اللاتي تناولن في الأسبوع مشروبًا واحدًا أو أقل من المشروبات المحلاة صناعيًا.

ومع ذلك، ينبه المؤلفون على أنه لا هذه الدراسة ولا غيرها تثبت أن تناول صودا الحمية يسبب هذه الأمراض. وعلى حد قول سيلفيا واسرثيل-سمولر، كبير مؤلفي الدراسة واختصاصية علم الأوبئة بكلية ألبرت أينشتين للطب في نيويورك، فإن "الأمر الأهم في كل الدراسات المستقبلية الشبيهة بهذه الدراسة أنها لا تمكن القائمين بها من القول بوجود علاقة سببية. فربما يكون لدى من يشربون صودا الحمية سمات أخرى مرتبطة بالجلطة الدماغية لكننا لا نعلم عنها شيئًا بعد".

كما أشارت إلى أنه من المستحيل أن نثبت على وجه اليقين أن المحليات الصناعية تتسبب في آثار صحية وخيمة دون إجراء تجربة سريرية، والتي ستتضمن إعطاء مجموعة من الأشخاص كمية كبيرة من المحليات الصناعية. علاوةً على ذلك، يلجأ العلماء إلى استخدام أفضل ما لديهم من أدوات بحثية، ومنها الدراسات الصحية الزمنية التي يجمعون فيها بيانات من أعداد كبيرة من الأشخاص من مناطق متنوعة بالبلاد، وهو ما جرى في هذه الدراسة.

وهي ليست أول دراسة تبحث وجود علاقة بين المحليات الصناعية والآثار الصحية طويلة المدى. ففي دراسة نشرت في عام 2017، في مجلة ’ستروك‘ أيضًا، وجد أن الأشخاص الذين تناولوا صودا الحمية بصورة يومية كانوا أكثر عرضة للإصابة بالجلطة الدماغية أو الخرف بنسبة ثلاثة أضعاف مقارنة بالأشخاص الذين تناولوا تلك المشروبات مرة واحدة أسبوعيًا أو أقل. ومع ذلك، نكرر أن النتائج ارتباطية، وهو ما يعني أنه لا يوجد دليل كافٍ (أو معرفة علمية بآليات الإصابة) للقول بأن المحليات الصناعية قد تسببت في إصابة هؤلاء الأشخاص بالخرف أو الجلطة الدماغية.

ومن المهم أن نذكر أنه في أحد التحليلات الماورائية الحديثة الذي نشر الشهر الماضي في المجلة الطبية البريطانية، والذي بُحثت فيه بيانات من 35 دراسة مراقبة (كالدراستين المشار إليهما في مجلة ’ستروك‘) و21 دراسة مضبوطة، لم يجد الباحثون علاقة إحصائية تذكر بين المحليات الصناعية وأمراض القلب أو أمراض الكُلى أو السرطان أو الإدراك.

تقول البروفيسورة سيلفيا واسرثيل-سمولر أن من يتناولون صودا الحمية بين الحين والآخر ليس عليهم أن يقلقوا. "فهذه العلاقة لم تبدأ في الظهور إلا حين أقبل الناس على تناول صودا الحمية يوميًا أو أكثر من مرتين في اليوم". وأضافت أيضًا أن استطلاع الرأي في الدراسة اكتفى بسؤال المشاركات عما إذا كنّ قد تناولن مشروبين أو أكثر في اليوم، دون أن يحدد رقمًا، ومن ثم فقد يكون الأمر أن هؤلاء الأكثر عرضة للإصابة يشربن كمية أكبر كثيرًا من مشروبين في اليوم. لكنها أضافت أيضًا أن "[صودا الحمية] تستدعي استمرار الدراسة والبحث".

وقد أجريت بعض البحوث لمحاولة تحديد الطريقة التي تؤثر بها المحليات الصناعية في الجسم، ومنها العديد من الدراسات الحديثة التي أجريت، على الفئران في الأغلب، بشأن تأثير المحليات في تركيبة بكتيريا الأمعاء، وهي ذات أثر في صحتنا. وربما تكون هناك عوامل أخرى ذات أثر أيضًا. وقد ذكرت البروفيسورة واسرثيل-سمولر أن معرفة العوامل الوراثية المحتملة، على سبيل المثال، قد يكشف آليات جديدة.

كما أن المعارف العلمية بشأن العلاقة بين صودا الحمية وفقدان الوزن ليست واضحة. فالدراسات التي أجريت بشأن تلك العلاقة غير حاسمة، رغم أن بعضها يشير إلى أن تناول السكر الصناعي يخدع المخ ويجعله يشعر برغبة أكبر في تناول المزيد من السكر.

وتقدم البروفيسورة نصيحتها الأهم لمن يقلقون بشأن الآثار السلبية المحتملة لتناول صودا الحمية، قائلة: "لا شيء في الغالب مما تفعلونه، باستثناء الأمور المتطرفة كالقفز بالحبال، سيكون له آثار سلبية خطيرة على صحتكم إذا قمتم به من حين لآخر فحسب".

المحتوى محمي