إن الطريقة الأصح لتناول الحلوى (أو أي نوع من السكريات المضافة) هي عدم تناولها. ولكن ما معنى الحياة إذا كنت لا تعيشها بالشكل المطلوب؟ بالنسبة لي، فإن الحياة بدون تناول الدونات المحلاة على الإفطار أحياناً أو الحلويات المخصصة للسينما هي حياة لا أعيشها كما أود، ومن المرجح أن يتفق معي معظم الناس، بما في ذلك الأطباء وخبراء التغذية. ومع ذلك، تظهر الدراسات أن السكر الزائد يمكن أن يسهم في الإصابة بمرض السكري والسمنة وأمراض القلب. لذلك، فعندما تريد تناول الأطعمة الغنية بالسكر، فهل هناك طريقة للقيام بذلك بحيث تقلل من تأثيرها على صحتك؟ تشير الدراسات الحديثة إلى إمكانية ذلك.
أولاً، ليس هناك سبب للامتناع عن تناول السكر بشكل كامل من نظامك الغذائي. إذ أن من الصعب جداً القيام بهذا الأمر، كما تقول ليزلي بونشي، أخصائية معتمدة في الغذاء والتغذية الرياضية. وتقول بأنه من غير المحتمل أن يلتزم معظم الناس بنظام غذائي خال من السكر. فالجميع لديهم رغبة إلى حد ما بتناول الأطعمة حلوة المذاق، وذلك لسبب وجيه، فالسكر يوفر لنا الطاقة اللازمة. ولذلك، فإن تناول الأغذية الخالية تماماً من السكر، قد يكون مؤذياً من الناحية النفسية، ومن الأفضل التفكير في كيفية الحفاظ على تناول السكر صحياً قدر الإمكان.
غالباً ما يحصل السكر على سمعته السيئة لأننا نتناوله لوحده على شكل صودا أو حلوى، أو مع غيره من الكربوهيدرات في مختلف المنتجات المخبوزة. وبما أن هذه الأطعمة غنية بالكربوهيدرات البسيطة، فإنها تزيد من مستويات جلوكوز الدم في الجسم. وعندما يحدث ذلك، يحاول الجسم خفض تلك المستويات المرتفعة على الفور عن طريق زيادة إنتاج الهرمونات الخافضة للجلوكوز مثل الأنسولين والإنكرتين. وإذا كانت ترتفع إلى مستويات عالية جداً في أحيان كثيرة، فإن هذه الآلية تتوقف عن العمل كما ينبغي، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري من النمط الثاني.
لكن هناك طرق للوقاية من ذلك، إذ تقول بونشي بأنه يمكن أن يبدأ الناس ببساطة عن طريق تناول كميات أقل من السكر، أو تناوله مع الأطعمة الأخرى لتجنب السماح له بأن يصبح أمراً أساسياً في الوجبة (وبالتالي وداعاً لحلوى الأطفال الحامضة). وتقول بونشي بأن البروتين قد يكون أفضل نوع من الطعام لتناول السكر معه. حيث أن تناول البروتين يؤدي إلى تحرير الجلوكاجون، وهو هرمون آخر يحافظ على استقرار مستويات الأنسولين. ولذلك عندما يتم تناول البروتين والسكر معاً، فيمكنهما تنظيم بعضهما البعض نوعاً ما، وتقول: "إن أجسامنا ذكية جداً في تنظيم ذلك".
ومن الجدير بالذكر أن إحدى الطرق المثالية لتنفيذ ذلك هي مع قهوة الصباح (إلا إذا كنت تشربها من دون أي سكر). فالقهوة يمكن أن تكون مرّة جداً لوحدها، ولذلك بدلاً من إضافة حفنة من السكر لتعويض ذلك، حاول خلطها مع الحليب على شكل لاتيه أو كابتشينو أو قهوة بالحليب. وتقول بونشي بأنك تحصل بهذه الطريقة على المزيج المثالي من السكر والبروتين (من الحليب)، مما يؤدي إلى تحسين توازن مستويات الجلوكوز والهرمونات.
وتشير بعض الأبحاث الحديثة إلى أنه ينبغي علينا أن نأخذ خطوة أخرى إلى الأمام، وذلك بتناول جميع الكربوهيدرات بما فيها السكر في آخر الوجبة. إذ تظهر الدراسات حول مستويات الجلوكوز والأنسولين بعد وجبات الطعام عند المصابين بمرض السكري من النمط الثاني بأن ترتيب تناول مختلف أنواع الأطعمة هو أمر مهم. وفي أحدث هذه الدراسات والتي أجريت في شهر سبتمبر من هذا العام، كان على المشاركين الذين يعانون من مرض السكري من النمط الثاني أن يتناولوا نفس الوجبة تماماً في ثلاثة أيام مختلفة، ولكن بترتيب مختلف. ففي أحد الأيام، تناولوا الكربوهيدرات أولاً، تلاها البروتين والخضروات بعد 10 دقائق، وفي اليوم الثاني تناولوا البروتين والخضروات أولاً، تلاها الكربوهيدرات بعد 10 دقائق، وأخيراً تم تناول كل شيء معاً في نفس الوقت.
وقام الباحثون بقياس مستويات الأنسولين والجلوكاجون والسكر في الدم بعد الوجبات تماماً وكل 30 دقيقة خلال الساعات الثلاث التالية. ووجدوا بأن ذروة مستويات الجلوكوز عندما تم تناول الكربوهيدرات في آخر الوجبة كانت أقل بنحو 50 في المئة منها عندما كان يتم تناولها أولاً. وحتى تناول كل شيء في نفس الوقت أدى إلى ارتفاع بنسبة 40 في المئة مما تم ملاحظته عندما كانت الكربوهيدرات في آخر الوجبة.
ويعدّ هذا الفرق كبيراً جداً، فوفقاً للدراسة، فإن تأثير ترتيب الأطعمة على مستويات الهرمونات والجلوكوز التالية للوجبات هو مماثل لتأثير الأدوية التي تهدف إلى تنظيم الجلوكوز. ويطلب من العديد من المصابين بالسكري الحدّ من الكربوهيدرات والسكريات المضافة التي يتناولونها. ولكن يشير هذا البحث إلى أن مجرد تبديل الترتيب يمكن أن يكون فعالاً تماماً كالحدّ من تناولها.
وفي حين أجريت الدراسة على مرضى السكري وكان هدفها المنشود هو إيجاد أفضل الممارسات لتلك المجموعة، إلا أن معدّ الدراسة لويس أرون - أستاذ أبحاث التمثيل الغذائي في مركز ويل كورنيل الطبي – يقول بأن الجميع يمكنهم الاستفادة من المعلومات التي تم الحصول عليها. ويضيف بشكل عام: "أعتقد بأنه من الأفضل تناول السلطة والخضروات والبروتينات ثم الحلوى بعد ذلك".
وتضيف بونشي بأن هذه الطريقة يمكن أن تساعدك أيضاً من الناحية المنطقية على تناول كميات أقل من الحلوى أو الكربوهيدرات بشكل عام. فإذا كنت قد أشبعت بالفعل من الأطعمة الأخرى وخاصة الخضروات الغنية بالألياف، فإنك ستكون على الأرجح أقل جوعاً عندما تأتي الحلوى.
ربما يكون من غير المجدي أن تعِد نفسك بعدم تناول أي حلوى سكرية، وبدلاً من ذلك، حاول أن تأكل مصدر البروتين والخضراوات أولاً، ثم الكربوهيدرات، ومن ثم املأ الفراغ المتبقي في معدتك بالحلوى التي تحبها.