راجت في السنوات الأخيرة تجارة مياه ثمار جوز الهند في العديد من دول العالم، معتمدةً على المزاعم التي تقول بفوائدها الصحية الكثيرة للناس، يُستخلص هذا الماء من ثمار جوز الهند من أشجار جوز الهند المنتشرة على السواحل الإستوائية، حيث يستمتع السيّاح هناك بشربه مباشرة من الثمار، وتمتلئ حالياً رفوف المتاجر بزجاجات ماء جوز الهند، حيث دخلت على خطّ إنتاجه شركاتُ المشروبات العملاقة مثل «كوكا كولا» و«بيبسي كولا» وغيرهم.
يُسوق حالياً كمشروب صحي طبيعي، وتكتب الشركات المنتجة له على العبوات عبارات تزعم أن له فوائد صحية لدفعك لشرائه. لذلك وقبل أن نشتري عبوةً من ماء جوز الهند، طلبنا مشورةَ 5 من الخبراء للتحقق من صحة هذه الفوائد المزعومة لماء جوز الهند؛ هل هو مفيدٌ حقاً للجسم ويمكن الاعتماد عليه في نظامنا الغذائي؟ أم علينا التمّسك بمياه الصنبور الجيدة العادية؟
أجاب 4 خبراء من أصل 5 بأنّ ماء جوز الهند ليس مفيداً لنا. إليك إجاباتهم على استفسارنا
1. الطبيب «اليساندرو آر ديمايو». إجابته: لا
يقول الطبيب «اليساندرو آر ديمايو» أن علينا الاعتماد على ماء الصنبور العادي. في الحقيقة ماء جوز الهند هو «عصير» جوز الهند، وعلينا عدم الخلط بينه وبين حليب جوز الهند عالي الدسم. وبالرغم من أنه يحتوي على بعض الشوارد الطبيعية، كالبوتاسيوم والصوديوم والمنجنيز، إلا أنه لا يوجد دليلٌ دامغ على أنه أفضل من الماء العادي من ناحية تعويض سوائل الجسم. ومع أن جوز الهند يحتوي على كمية من السكريات أقل مقارنةً بالعصائر الأخرى، وقد يكون مفيداً في بعض حالات العلاج، إلا أنه لا يزال يضم سكريات وسعرات حرارية زائدة لا ضرورة لها، لذلك أوصي بشرب الماء العادي لتعويض السوائل وبعادات شرب الماء اليومية.
2. أخصائية التغذية «كلير كولينز». إجابتها: لا
ماء جوز الهند هو سائل صاف نوعاً ما يوجد داخل ثمار جوز الهند. تحتوي مياه جوز الهند على بعض العناصر الغذائية، مثل فيتامينات ب «B2 ، B3» وحمض البانتوثنيك وحمض الفوليك والبيوتين، بالإضافة لكميات ضئيلة من الثيامين «B1» وفيتامين «C» والبوتاسيوم والصوديوم. كما أنه يحتوي على بعضٍ من الكربوهيدرات البسيطة -السكريات- والأحماض الأمينية.
يتراوح محتوى الطاقة من 80 إلى 150 كيلو جول -قياس متري للسعرات الحرارية- لكلّ 100 ملّ في ماء جوز الهند مقارنةً بصفر في المياه العادية. في الواقع، تحتوي المنتجات الموجودة في المتاجر على ماء جوز الهند النقي، إلا أن الكثير منها يُضاف له مكوناتٌ أخرى، مثل كريم جوز الهند والسكر وعلى عصائر أخرى وفيتامين «C» بالإضافة لمنكّهاتٍ لتحسين الطعم، وهذه المواد تضيف إليه المزيد من محتوى السعرات الحرارية.
ويُروّج لماء جوز الهند كمشروبٍ رياضي، إلا أنّ دراسةً أُجريت عام 2017 على 10 أشخاصٍ قاموا بركوب الدرّاجة لمدة 60 دقيقة، متبوعاً بسباق ضد الزمن لمسافة 10 كيلومتر في مناسبتين مختلفتين، وجدت أن شرب ماء جوز الهند لم يحسّن علامات الترطيب، أو زاد في مستوى أدائهم مقارنةً مع شرب الماء العادي. أعتقد أن أسعاره الحالية التي تتراوح بين 3 إلى 9 دولارات أسترالية للتر لا تتناسب مع فائدته المزعومة؛ وفقاً لنتائج الدراسة السابقة. لذلك، إذا كنت لا تحب نكهة ماء جوز الهند، أو ليس لديك الوقت الكافي لممارسة التمارين الرياضية لحرق السعرات الحرارية الموجودة فيه، خصوصاً المنتجات المُنكّهة، فأنصحك بالالتزام بماء الصنبور العادي.
3. عالمة أغذية «إيما بيكيت». إجابتها: لا
سأقول حتماً لا. لقد تمت المبالغة كثيراً بفوائد ماء جوز الهند. لكّن تذكر، ليس أي طعام معين بحدّ ذاته هو السيء أو الجيد لنا، بل هو نظامنا الغذائي الذي نتبعه بشكل عام. يتم الترويج لماء جوز الهند على أنه يحوي كميات بسيطة من السكريات، هذا صحيح، ولكن فقط بالنسبة لماء جوز الهند الخام غير المُحلّى بالصودا أو عصائر الفواكه، فالكثير من منتجات ماء جوز الهند هي محلّاة في الواقع، وقد يصل محتوى 330 ملّ من السكر إلى أكثر من 15 جرام.
مقارنةً مع المشروبات الأخرى، يحتوي ماء جوز الهند على نسبة عالية من البوتاسيوم. رغم أن ذلك يبدو جيداً، إلا أن معظمنا لا يعاني من نقص البوتاسيوم لأننا نحصل على كميات أكثر من كافية من تناول الفواكه والخضروات. على سبيل المثال، تحتوي حبّة بطاطا عادية على كمية من البوتاسيوم توازي ما تحتويه 330 مل من ماء جوز الهند.
أما بالنسبة للأنزيمات ومضادات الأكسدة والعناصر الغذائية التي يُروج لماء جوز الهند على أساسها، فأجسامنا ليست بحاجةٍ لها، فهي تقوم بصنع الأنزيمات التي يحتاجها، كما أن الفواكه والخضراوات التي نتناولها تحتوي على الكثير من مضادات الأكسدة والعناصر الغذائية. خلاصة القول؛ التزم بشرب الماء العادي ببساطة، ولا تغتر بأسعار هذه المشروبات غالية الثمن.
4. أخصائية التغذية «روزماري ستانتون». إجابتها: لا
ماء جوز الهند مشروبٌ منعش، ولا يحتوي على الدهون، كمية السكريات والطاقة فيه منخفضة مقارنةً بالمشروبات الغازية. ومع ذلك، هناك الكثير من الشكوك حول العديد من المزاعم التي تدعيها شركات انتاج ماء جوز الهند.
أحد العبارات التي تُكتب عادةً على عبوات مياه جوز الهند هي «لا يحوي سكراً مضافاً»، هذا صحيح؛ لكّن تحقّق من المكونات، ومع ذلك يحتوي بالأصل على سكريات طبيعية. وتحتوي كمية 500 ملّ من ماء جوز الهند على 33 جراماً من السكر، 36% منها عبارة عن سكر الفركتوز و 41% جلوكوز و 23% سكروز. هذه النسبة أقل من النسبة في عصائر الفاكهة الأخرى، إلا أن هناك سكريات مضافة لهذه المنتجات، كما تصل الطاقة التي تحتويها 500 ملّ منه إلى 500 كيلو جول تقريباً.
غنيٌ بالشوارد، مثل الكالسيوم والفوسفور والصوديوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم: هذا صحيحٌ فقط بالنسبة لشوارد البوتاسيوم، بينما لا توجد سوى آثار ضئيلة من باقي المكونات، أما الصوديوم فتختلف نسبته، لكنها قليلةٌ غالباً.
مصدر جيد للفيتامينات: خطأ. معظم الفيتامينات غائبة والموجودة فيه كمياتها ضئيلة.
طريقة رائعة لتعويض السوائل: غير مثبتٍ علمياً وفقاً للعديد من الدراسات الموثوقة. وجدت إحدى الدراسات أن ماء جوز الهند لم يحسّن من أداء راكبي الدراجات. خلاصة القول: ماء جوز الهند شراب منعش في بعض الأحيان، لكنني أوصي بالماء.
5. أخصائية تغذية «ريبيكا شارلوت رينولدز». إجابتها: نعم
يعرف ماء جوز الهند بأنه «ماءٌ من الجنّة» بالنسبة لسكّان هاواي. يتكوّن ماء جوز الهند من حوالي 94% من الماء و 4% من السكريات و 1% من الألياف، ويحتوي على أقل من 1% من البروتين والدهون والمواد الكيميائية الأخرى. وتشمل المواد الكيميائية الأخرى الفيتامينات والمعادن؛ بما في ذلك شوارد الصوديوم والبوتاسيوم، والهرمونات النباتية مثل السيتوكينين؛ التي قد يفيد الجسم بطرق مختلفة.
شرب ماء جوز الهند مفيدٌ للصحة إجمالاً ويمكن أن يعوّض نقص السوائل بعد التعرّق الشديد، أو في حالات الإسهال والقيء، إلا أنّ سعره مرتفعٌ بعض الشي، فهو أغلى من حليب البقر مثلاً. في الواقع، إذا كنت تتبع حميةً غذائية لإنقاص وزنك، فإني أفضّل ماء الصنبور العادي على ماء جوز الهند، نظراً لاحتوائه على طاقةٍ تبلغ 170 كيلو جول لكل 250 ملّ منه. ينبغي أيضاً ملاحظة أن العبوات التي يُملئ بها ماء جوز الهند مصنوعة في مناطق بعيدة مثل فيتنام، ولا تُعدّ صديقة للبيئة، وهنا أفضّل ماء الصنبور.