تهدف عمليات استئصال الكتل الورمية إلى إزالة النسج السرطانية بشكل كامل مع الحفاظ قدر الإمكان على النسج السليمة. إلا أن ذلك في الحقيقة قد يكون أصعب مما يتصوره البعض. إذ لا يمكن تمييز المنطقة الخالية من الخلايا السرطانية عن تلك الحاوية عليها بالعين المجردة، ولا بد من معاينة النسج تحت المجهر للكشف عن الخلايا السرطانية. ومن غير العملي الطلب من الجراح استئصال الورم تدريجياً وإرسال عينات من النسيج المستأصل في كل مرة إلى مخبر التشريح المرضي للتحري عن وجود أو عدم وجود الخلايا السرطانية، ثم تكرار العملية الجراحية واستئصال المزيد من النسج في حال التأكد من وجود الخلايا السرطانية فيها. حيث إن ذلك الإجراء يستهلك الكثير من الجهد والوقت، ويُسبب شدة نفسية عالية للمريض.
ولكن طريقة حديثة جرى ابتكارها من قبل باحثين في جامعة واشنطن الأميركية من شأنها أن تُحدث تغيراً دراماتيكياً في هذا المجال. تستخدم هذه التقنية مصدراً ضوئياً قوياً لإحداث قطع جراحي في المنطقة المحددة ومعاينة نسيجها مجهرياً في غضون 30 دقيقة، وهو ما يتيح للجراح معرفة ما إذا كان ذلك النسيج يحتوي على خلايا سرطانية أم لا. فإذا كان النسيج يحتوي على خلايا سرطانية فيمكن للجراح الاستمرار وإزالة ذلك النسيج، وهو ما من شأنه التخلص من جميع النسج السرطانية في عملية جراحية واحدة. وقد نشر الباحثون نتائج تجربتهم مؤخراً في مجلة الطبيعة - الهندسة الحيوية الطبية.
وخلافاً لأبواب أخرى من الطب، فإن علم التشريح المرضي لم يقطع أشواطاً شاسعة في العقود الأخيرة. فعند الرغبة بتحري وجود الخلايا السرطانية في نسيجٍ ما، ينبغي على اختصاصي التشريح المرضي أولاً إجراء عملية تحضير معقدة للنسج، تشمل صبغها وتقطيعها إلى شرائح رقيقة وتشكيلها ضمن مكعبات شمعية قبل أن يتمكن من فحصها تحت المجهر. وقد تستغرق تلك العملية بضعة أيام، كما إنها قد تحد من عدد العمليات التشخيصية المُجراة على نفس العينة المأخوذة. فحالما يجري صبغ العينة وتقطيعها إلى شرائح رقيقة فلا يمكن استخدامها لتحري مرض آخر، أو استخدامها لإجراء فحص جيني، وهو ما يُعد جزءاً هاماً من خطة علاج السرطان.
وبما أن المجهر الجديد يمكنه فحص النسج بدون تخريبها، فيمكن للجراح الحصول على نتيجة الفحص المجهري في أثناء الجراحة، وتحديد الخطوة التالية، وتوفير العينات المأخوذة لأهداف تشخيصية أخرى. وقد أفاد الباحثون بأنهم يعكفون حالياً على اختبار التقنية الحديثة على عينات من نسيج الثدي، ويخططون لتجربتها مستقبلاً على أورام صلبة. كما يأمل الباحثون بتطوير التقنية واستخدام خوارزميات تساعد اختصاصييي التشريح المرضي على اكتشاف النسج الورمية بسرعة أكبر وبشكل أكثر دقة.