يتعامل معظم الناس بشكلٍ مباشر مع البنزين كل يوم تقريباً سواء في محطات الوقود، أو عند ملء خزان وقود السيارة. كذلك نتعرض جميعاً لاستنشاق أبخرته في الشوارع خاصة الأماكن المزدحمة بالسيارات. ولأن البنزين مركب سام، فإن أبخرته أيضاً لها تأثير ضار على صحتنا جميعاً، وقد تسبب الاختناق إذا كنا في أماكن سيئة التهوية. لنتعرف هنا على سبب سمّية البنزين، وكيف يؤثر التعرض لأبخرته على صحتنا؟
مما يتكون البنزين؟
يتكون سائل الجازولين، أو كما يعرف بالبنزين، أو وقود السيارات بني اللون، من مزيج معقد من حوالي 150 مركباً هيدروكربوني على الأقل، يجمع بين الألكانات التي تشكل النسبة الأكبر، والألكينات وهي النسبة الأقل، بالإضافة إلى حوالي 25 إلى 30% مركبات عطرية. تعد المركبات العطرية -أشهرها البنزين العطري- الأكثر سمّية بين مكونات الوقود.
أوضحت القياسات الفعلية للأبخرة الموجودة في محطات البنزين أنها تتكون في الأساس من الألكانات الأقل سمّية، لكن هذا لا يمنع وجود انبعاثات من البنزين العطري ذي الحلقة السداسية؛ حيث تحتوي أبخرة البنزين على 90% ألكانات، و2% مركبات عطرية.
الفئة الأكثر تضرراً من البنزين
كفردٍ عادي؛ قد ينحصر تعاملك مع البنزين وأبخرته على تواجدك في محطات الوقود أثناء ملء سيارتك، واستنشاق رائحة احتراق الوقود عند تشغيل السيارة، لكن عمال محطات الوقود، وسائقي الصهاريج التي تنقل البنزين، وعمال المناجم والسكك الحديدية، وعمال الأرصفة البحرية؛ هم الفئة الأكثر عرضة لأضرار البنزين، وبالتالي أكثر عرضة للمشكلات الصحية التي يسببها.
طرق الإصابة والأضرار الناتجة
يكون التعرض للبنزين وأبخرته كالآتي:
1. ابتلاع البنزين
من الممكن أن يتسرب البنزين إلى التربة فيلوث المياه الجوفية، وتختفي معظم المواد الضارة خلال معالجة الماء، لكن هناك من يشرب المياه الجوفية مباشرة دون المرور بمرحلة المعالجة. وعند ابتلاع كمية من البنزين، حتى لو كانت قليلة يؤدي إلى ظهور أعراض التسمم التي تتضح في حرقة المعدة، والقيء، والدوار، واحمرار الوجه، والتشنجات، وعدم وضوح الرؤية، وفقدان الوعي، وقد تحدث مشكلات في التنفس إذا انتقلت أبخرة البنزين إلى الرئتين عند التقيؤ.
2. ملامسة البنزين للبشرة أو العين
قد يكون التعرض عبر ملامسة الجلد، إما عن طريق تنظيف تسربه من خزان السيارة، أو حتى عند ضخه في السيارة، وقد يؤدي هذا إلى احمرار في مكان التلامس، أو حدوث طفح جلدي.
يسبب البنزين أيضاً تهيج الأغشية المخاطية، وقد يصيب قرنية العين بالالتهاب، وفي حالة التعرض المزمن قد يحدث تلف القرنية والشبكية.
3. استنشاق أبخرته في الشوارع أو محطات الوقود
أما التعرض الأكثر شيوعاً للبنزين يكون عن طريق استنشاق أبخرته عند ملء خزان وقود السيارة. ومن المعلوم أن معظم الآثار الجانبية للبنزين تنتج من المواد الكيميائية سريعة التبخر الموجودة في تكوينه.
المخاطر الصحية
قد يؤدي استنشاق كميات قليلة من أبخرة البنزين إلى الشعور بالدوار والصداع، وتهيج الأنف، والحلق، وقد تصل إلى صعوبة في التنفس، وتلف في أجهزة الجسم. فالتعرض لتلك الأبخرة تؤثر في حالة القلب حيث تؤدي إلى الرجفان البطيني المميت، مثلما تؤدي إلى الفشل الكلوي، والتهاب المريء والمعدة.
ووفقاً لجمعية السرطان الأمريكية، فإن التعرض للبنزين يؤدي إلى الإصابة بالسرطان، وذلك بناءً على العديد من الدراسات، سواء التي أجريت على حيوانات الاختبار، أو تلك التي أجريت على البشر. أوضحت نتائج إحدى الدراسات العلمية أجرتها قسم الصحة البيئية في جامعة خون كاين في تايلاند؛ أن البنزين هو أحد المواد المسرطنة للإنسان.
في حين ربطت دراسة علمية نشرت في الدورية الماليزية للعلوم الطبية في عام 2015، أجراها باحثون في كلية الطب بجامعة ساينس الماليزية، بين التعرض لأبخرة البنزين والإصابة بسمية الدم. فقد أجرى مجموعة من الباحثين تجربة على 16 ذكراً من الفئران لمدة 11 أسبوعاً لمعرفة تأثير التعرض لأبخرة البنزين. وأسفرت نتائج التجربة عن حدوث انخفاض في معدل زيادة الوزن، وانخفاض في تركيز الهيموجلوبين، وزيادة في عدد الخلايا الشاذة في نخاع العظام.
وفقاً لجمعية السرطان الأمريكية، فإن العمال المعرضين لمستويات مرتفعة من البنزين في أماكن عمل مثل الصناعات الكيماوية وتكرير النفط؛ يكونون أكثر فئة عرضة للإصابة بسرطان الدم (لوكيميا)، خاصة سرطان الدم النخاعي الحاد.
وفي النهاية، البنزين مركب سام بحاجة للتعامل معه بحذر، هل لديك صديق تود إخباره عن هذه مخاطر؟