هكذا يلعب «تمدد الأمعاء» دوراً في الشعور بالشبع

2 دقيقة
الشبع

ثيابك ليست الوحيدة التي تتمدد بعد تناول الطعام؛ فالمعدة والأمعاء يفعلان الشيء ذاته. يشير بحث جديد إلى أنّ الأمعاء عادة هي التي تُشعرك بالشبع.

اعتقدَ العلماء طويلاً أن التنبيهات العصبية الآتية من المعدة تُحفّز الدماغ لإرسال إشارات الشبع، وبيّنت الأبحاث أنّ كلاً من تمدُّد المعدة والمغذيات في الأطعمة التي نتناولها يلعب دوراً في تحفيز الدماغ على إيقاف عملية الأكل، لكن حتى الآن، لم يكن واضحاً تماماً أي النهايات العصبية في الأمعاء -التي تُعرف مجتمعة باسم العصب المُبهم- هي التي تلعب الدور الأكبر.

تقول «باي لينج»؛ مؤلفة الدراسة الجديدة وعالمة أعصاب في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو: «نعلم أنّ وجود الأطعمة في الجهاز  الهضمي ضروري لتقديم التغذية الراجعة للدماغ وضبط كمية الطعام التي نتناولها»، لكنّ العلماء لم يحددوا بدقّة الأدوار التي تلعبها الخلايا العصبية المختلفة (أو العصبونات) في الأمعاء بعد.

التجارب على الفئران: محاولة لحل اللغز

بدأت لينج مع زملائها محاولات لحل هذا اللغز باستخدام السَلسَلة الجينية في رسم خريطة لمختلف العصبونات في الجهاز الهضمي، بعد ذلك، عدّل الباحثون عصبونات مجموعة من الفئران وراثياً لتصبح قابلة للتنشيط بالضوء؛ مما سمح للباحثين بتحفيز تلك العصبونات المحددة ومعرفة أي منها أثّر على شهيّة الفئران.

أولاً، حفّز الباحثون العصبونات التي تتحسّس تمدد المعدة، ونتج عن ذلك أنّ الفئران التي لم تُغذّى أكلت كميات أقل لأنها شعرت بأن معداتها امتلأت، أكّد ذلك معلومة كان العلماء يعرفونها من قبل، لكنّ ما يفاجئ أكثر هو أنه عندما حفّز العلماء العصبونات التي تتحسّس التمدد في الأمعاء، لم تأكل الفئران شيئاً تقريباً. مع ذلك، عندما أوقف الباحثون تحفيز تلك العصبونات، عادت الفئران للأكل بشكل طبيعي.

وفقاً لـ لينج، المكتشَف الثاني لم يكن متوقعاً، لكنّه منطقي. إذا تقول: «الجهاز الهضمي يحتوي بأكمله على الأطعمة والمغذّيات»، لذلك من المنطقي أن تَحسّس التمدد المعوي ضروري أيضاً لتوفير التغذية الراجعة لضبط سلوك تناول الطعام». حقيقة أنّ الأمعاء تلعب دوراً اسثنائياً على ما يبدو في التأثير على الشبع كانت مفاجئة؛ ببساطة لأنّ الأبحاث حتى الآن ركّزت على المعدة.

بيّنت الدراسة أيضاً أنّ إحدى المعلومات المتوافَق عليها حول الشبع قد لا تكون مهمّة كما كان يعتقد سابقاً، ففي جزء منفصل من نفس الدراسة، نشَّطت لينج وزملاؤها العصبونات التي تتحسس المحتوى الغذائي للمعدة؛ والتي بينت الأبحاث السابقة حولها أنها تلعب دوراً في الشعور بالشبع، لكن لم يتبيّن أنّ تحفيزها أثّر على كمية الطعام التي تناولتها الفئران.

يقول «مايكل كارشيز»؛ عالم أعصاب في المعهد الوطني للصحة، وغير مشارك في الدراسة: «قد تعتَقد أنّ التمدد سيلعب دوراً في هذا». كما يفيد بأنّ الاكتشاف الكبير خلال السنوات القليلة الأخيرة كان أنّ المغذيات تلعب دوراً في تحفيز الشعور بالشبع. مع ذلك، نظراً لمكتشفات الدراسة الجديدة، يضيف كراشيز أنه «يبدو أنّ المغذيات تلعب بالفعل دوراً ما، لكن … مستقبلات التمدد يمكنها أن تثبّط تناول الطعام بشكل فعّال أيضاً».

حسب كراشيز، لا يزال هناك الكثير من الأشياء التي يجب علينا فهمها حول الشعور بالشبع، فمن إحدى النواحي، استجابة الفئران التي لم تُنشَّط عصبوناتها بالضوء لن تكون مستقطبة لهذه الدرجة على الأرجح؛ إذ أنها عندما تتناول الطعام وتتنبّه عصبياً بسبب شبع حقيقي، فيقول كراشيز: «أؤكّد أنّ هذا لن يحصل بنفس السرعة التي نراها هنا».

ومن ناحية أخرى، وفقاً لـ لينج، فإن الخرائط العصبية التي رسمَتها مع زملائها بيّنت وجود العديد من العصبونات التي لا يُعدّ دورها في توليد الشعور بالشبع مفهوماً بعد، ويُجري فريق لينج حالياً أبحاثاً لمحاولة فهم هذا.

قد تساعدنا هذه المكتشَفات على المدى الطويل في علاج حالات طبية متعلّقة بالتغذية، لكن حتى الآن، حاول فقط أن تنتبه لما يمليه عليك العصب المبهم عندما تتناول الكثير من الأطعمة.

هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً

المحتوى محمي