في فيلم باتمان الذي عُرض في عام 1989، تقوم شخصية جوكر الشريرة بترويع سكان المدينة عن طريق دسّ المواد الكيميائية السامة في مستحضرات التجميل. وفي حين أنه لم يكن هناك مادة تسبب الموت لوحدها في ذلك الفيلم، إلا أن الجمع بين مزيل رائحة العرق والشامبو وأحمر الشفاه كان يمكن أن يؤدي إلى الموت.
قد تتذكر ذلك الفيلم عند سماعك لتلك الادعاءات حول الخطر المحتمل لمزيلات رائحة العرق في التسبب بالإصابة بالسرطان، وخاصة تلك التي تستخدم تحت الإبط، والتي قد تكون مرتبطة بالإصابة بسرطان الثدي. فمنذ وقت قريب، أخذ بعض الناس يقومون بتحذير أصدقائهم من خلال البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي بأن مزيلات رائحة العرق تسبب سرطان الثدي. وفي الواقع، توقف بعض الأشخاص عن استخدام مزيلات العرق بسبب هذا التهديد، مثل الممثلة الأميركية كاميرون دياز التي توقفت عن استخدامها منذ سنوات. ولكن قبل التخلص من مزيلات العرق، لا بدّ من أن نفهم القصة الكاملة وراء هذه المخاوف.
في البداية، أصيب الكثير من الناس بالقلق من مزيلات رائحة العرق بسبب مادة البارابين التي تحتويها. إذ قام علماء في الآونة الأخيرة بإجراء دراسة نشرت في مجلة علم السموم التطبيقي، والتي تم فيها أخذ أربعة عينات من أنسجة الثدي من 40 امرأة مصابة بالسرطان، ووجدوا نتيجة مثيرة للاهتمام. فبعد تحليل الأنسجة، وجدوا مادة البارابين في نحو 99 في المئة من عينات الأنسجة. بالإضافة إلى ذلك، ظهر سرطان الثدي لدى بعض المريضات في منطقة الإبط بينما لم يظهر في تلك المنطقة عند البعض الآخر.
يمكن لمثل هذه النتائج أن تسبب الشك لدى كل من العلماء والمستهلكين. ولكن في الوقت نفسه، فإنها لا تثبت ارتباط مادة البارابين بالإصابة بسرطان الثدي. وبما أن تلك النساء عانين من السرطان في عدة مواقع، فلم يكن هناك أي دليل على أن السرطان قد نتج عن مزيلات روائح العرق التي تحتوي على البارابين. ومع ذلك، فإن النتائج تستدعي إجراء المزيد من الأبحاث من قبل العلماء والباحثين.
ومن الجدير بالذكر بأن البارابين هو من المكونات الاصطناعية المستخدمة في العديد من منتجات العناية الشخصية والأطعمة. وتفضل الشركات هذه المادة لأنها ذات تكلفة منخفضة وتعمل كمادة حافظة تقي من العفن ونمو البكتيريا. ولأن البارابين يمكن امتصاصه من قبل الجلد، فيمكنه الوصول بسهولة إلى مجرى الدم عند الشخص. ووفقاً للجمعية الأمريكية للسرطان، فقد وجد الباحثون البارابين في نحو 99 في المئة من الأشخاص في الولايات المتحدة. كما تذكر مجلة سسيانتيفيك أميريكان بأن ما يصل إلى 90 في المئة من منتجات البقالة الشائعة تحتوي على البارابين، مما يجعله من المواد الاصطناعية التي يصعب تجنبها.
والسبب الرئيسي للقلق من هذه المادة الشائعة هو أن البارابين يبدي صفات ضعيفة مماثلة لهرمون الاستروجين. حيث ثبت بأن المستويات غير المتوازنة من هرمون الاستروجين تلعب دوراً في السرطان، وقد يؤدي البارابين بحدّ ذاته إلى زيادة نمو السرطان.
ومع ذلك، ووفقاً لموقع الجمعية الأميركية للسرطان، فلا يوجد ارتباط "واضح" أو "مباشر" بين البارابين والسرطان. كما ذُكر في موقع المعهد الوطني للسرطان بأن "هناك حاجة لإجراء المزيد من الأبحاث." ومن جانبها، "تعتقد إدارة الأغذية والأدوية الأميركية بأنه لا يوجد سبب في الوقت الحاضر يثير قلق المستهلكين حول استخدام مستحضرات التجميل التي تحتوي على البارابين، ولكن الإدارة سوف تستمر في تقييم البيانات الجديدة في هذا المجال، وفي حال ثبت وجود مخاطر صحية، فإنها ستقوم بتقديم النصائح لكل من الشركات الصناعية وعامة الناس."
وحتى تتوضح المزيد من التفاصيل، يبقى المستهلكون في حيرة من أمرهم. فإذا لم يكن لديك أي مخاوف أخرى لاستخدام مزيلات رائحة العرق، فلست مضطراً إلى التخلص منها. إذ أن الناس يستخدمون هذه المنتجات الحاوية على البارابين منذ عقود دون وجود أي آثار صحية مثبتة. ولكن من ناحية أخرى، يمكنك تجنب شراء المنتجات التي تحتوي على البارابين من باب الاحتياط. فليس من الضار أبداً أن يبقى الشخص في الجانب الآمن من خلال استخدام المنتجات الطبيعية قدر الإمكان.