هل تعدّ الزبدة من الكربوهيدرات؟

3 دقائق

في فيلم الفتيات اللئيمات (Mean Girls)، تحاول ريجينا جورج - بسبب بعض الإشكالات - إنقاص وزنها عن طريق اتباع نظام غذائي مرتفع الكربوهيدرات، وتقوم بسؤال صديقاتها عما إذا كانت الزبدة تعدّ من الكربوهيدرات. وترد عليها كادي هيرون – وهي منافستها المسؤولة عن الخطة الغذائية المضللة - بالإيجاب.

ونحن نعلم جميعاً بأن كادي كانت لئيمة فعلاً، إذ أنه ليس هناك أي أبحاث تدعم اتباع الأنظمة الغذائية الغنية بالكربوهيدرات لفقدان الوزن، والزبدة هي في الواقع من الدهون. ولكن هذا السؤال يثير نقطة هامة. فالكثير من الأنظمة الغذائية قد أغفلت على مر السنين مختلف المغذيات الكبرى، وتتناقض الاتجاهات الرائجة مع بعضها البعض. وبمجرد أن يفقد النظام الغذائي قليل الدسم شعبيته، فإن النظام الغذائي مرتفع الدهون وقليل الكربوهيدرات جاهز ليأخذ مكانه. إذ يمكن لهذه الحميات الرائجة أن تفسد بسهولة شديدة إدراكنا لما هو صحي في الواقع. دعونا نلقي نظرة قريبة على ماهية الكربوهيدرات والدهون والبروتينات في الواقع، وكيف يمكنها أن تحافظ على جسمك بصحة جيدة.

ما هو الفرق بين الزبدة والخبز؟

عندما ننظر إلى الحالة الغذائية للطعام، فإنه غالباً ما ينقسم إلى المغذيات الصغرى والكبرى. وتشكل المغذيات الكبرى بشكل أساسي الجزء الأكبر من طاقة الإنسان. وتعدّ الكربوهيدرات والدهون والبروتينات هي العناصر الأساسية. ويتميز كل عنصر منها بتركيبه الكيميائي، وكذلك بكيفية تفكيك أجسامنا لها للتزود بالطاقة.

ويُذكر بأن الكربوهيدرات - التي يمكن أن تأخذ أي شكل من الخبز إلى المعكرونة إلى حلوى الأطفال - يتم تفكيكها إلى أشكال بسيطة ومعقدة. فالكربوهيدرات البسيطة هي أي جزيء من السكر، والتي تتجمع في سلاسل طويلة لتشكل الكربوهيدرات المعقدة، والتي يقوم جسمك بتفكيكها إلى سكريات بسيطة بعد أكلها. وتعدّ الكربوهيدرات (وخاصة الكربوهيدرات البسيطة) هي مصادر سريعة للغاية من الطاقة. إذ يقوم جسمك على الفور بتفكيكها لتعطيك دفعة من الطاقة. وإذا لم تكن هناك حاجة إلى هذه الطاقة، يمكن للجسم تخزينها بأشكال مختلفة.

من ناحية أخرى، فإن الدهون هي جزيئات أكثر تعقيداً بكثير، وتتألف من سلاسل من الأحماض الدهنية والجيلسيرول. ونحن بحاجة إلى بعضها لحماية أعضائنا وللمساعدة في إفراز وتنظيم الهرمونات في جميع أنحاء الجسم. ولكن الدهون تتطلب الكثير من الجهد من الجسم لتفكيكها، وبالتالي فهي من أشكال الطاقة الأبطأ بكثير.

ولا بدّ من ذكر البروتينات أيضاً، والتي هي مثل الدهون تماماً، أي أنها تحرق ببطء كذلك. وهي تتألف من سلاسل مختلفة من الأحماض الأمينية. ونحن بحاجة إلى 20 حمضاً أمينياً أساسياً للبقاء على قيد الحياة، ولذلك فمن الضروري تناول البروتين.

هل جميع السعرات الحرارية متماثلة؟

وفي حين أن جميع المغذيات الثلاثة الكبرى هي أساسية من أجل البقاء على قيد الحياة، فقد تتجمع الكربوهيدرات بطريقة مختلفة قليلاً. ولأن أجسادنا تمتصها وتفككها بسرعة كبيرة، فإن تناول الكثير منها (وخاصة البسيطة) في وقت واحد يمكن أن يسبب ارتفاعاً غير ضروري في مستويات الأنسولين، والذي يمكن أن يؤدي مع مرور الوقت إلى بعض اضطرابات التمثيل الغذائي مثل مرض السكري. ويرجح أن تحدث هذه الارتفاعات على وجه الخصوص عند تناول السكريات عندما لا نكون بحاجة إلى طاقة سريعة في الواقع.

ومن ناحية أخرى، فإن تناول الأطعمة الغنية جداً بالدهون يمكن أن تؤدي إلى تخزين الكثير من الأنسجة الشحمية (الدهنية)، مما يؤدي أيضاً إلى هذه الاضطرابات (فضلاً عن احتمال خطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان). ويمكن للكثير من البروتين أن يعرض الكلى لكثير من الضغط فعلاً. ولذلك، لا تعتبر أي من الجزيئات الكبرى صحية عند زيادتها. إذ يجب أن نحبها كلها وفقاً لمزاياها الخاصة.

كم يجب أن أمتلك من كل منها؟

هنا تأتي الصدمة الكبيرة: فتناول نظام غذائي يحتوي على جميع المغذيات الثلاثة هو الأفضل لصحتنا على الأرجح. ولكن هناك بعض الممارسات الجيدة التي يمكنك اتباعها للحصول على الاستفادة الأفضل من الطاقة. قم بالنظر إلى هذه السلسلة من الدراسات، والتي قامت بتقييم فيما إذا كان ترتيب مختلف المغذيات الكبرى التي يتناولها الناس المصابين بمرض السكري من النوع الثاني قد غيرت من ارتفاع مستويات الأنسولين والسكر كاستجابة للأغذية. واتضح أن أعلى ارتفاع حدث عندما تناول هؤلاء الناس الكربوهيدرات أولاً، ثم بقية المجموعات الغذائية. وفي المقابل، عندما تلت الكربوهيدرات البروتينات والأطعمة الليفية، فقد كانت تلك الارتفاعات أقل بكثير. وفي الواقع، كان الانخفاض مماثلاً لتناول الشخص لدواء يهدف إلى خفض مستويات الجلوكوز.

ماذا عن الحمية الغذائية؟ وما هي أفضل طريقة لها؟

عندما يفكر الناس في الحمية الغذائية، فإنها غالباً ما يركزون على ما ينبغي عليهم تجنبه. وفي حين أن الحد من الأطعمة غير الصحية بشكل خاص يمكن أن يكون مفيداً، فإنه من المهم بنفس القدر أن يتم التركيز على البدائل. وقد حلل تقرير صدر مؤخراً عن جمعية القلب الأميركية سبب إظهار التجارب السريرية التي تستخدم الدهون غير المشبعة (والتي تعتبر الدهون الأكثر صحة) لتحل محل الدهون المشبعة (والتي تعتبر الأقل صحة) لانخفاض نسبة الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية من استخدام الكربوهيدرات كبديل. واتضح بأن الأشخاص الذين يتبعون الحمية الغذائية غالباً ما يستبدلون الدهون المشبعة بالكربوهيدرات البسيطة، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى أمراض القلب والأوعية الدموية. وعندما تم استبدال الدهون المشبعة بالحبوب الكاملة بدلاً من ذلك، تحسنت صحة القلب والأوعية الدموية.

وتعدّ الأبحاث الغذائية بحدّ ذاتها صعبة للغاية، لأنه يجب أن تأخذ بالاعتبار الكثير جداً من العوامل (بما فيها الوراثة والبيئة). ولكن عندما يتعلق الأمر بما نأكله، فلا ينبغي أن يكون السؤال فيما إذا كان علينا السعي للحصول على الدهون أو تجنب الكربوهيدرات. فإذا كان الطعام الذي تتناوله مصنعاً بالكامل، فمن المحتمل ألا يكون جيداً لك. وإذا لم يكن كذلك، فلن يكون سيئاً على الأرجح. مع أخذ الاعتدال بعين الاعتبار طبعاً.

المحتوى محمي