يقوم البشر بتجريب أي شيء سعياً وراء الجمال "الحقيقي". حيث يتم إجراء عمليات للذقن وزرع للرموش وتشكيل غمازات اصطناعية بل وحتى حقن البوتوكس المصمّم خصيصاً لتحسين أوجه الأشخاص الذين لا يُبدون أية مشاعر والذي يُعرف باسم (بوكرتوكس). ولكن ماذا عن حقن ثاني أكسيد الكربون في الجلد؟
ففي دراسة حديثة، بدأ مجموعة من جرّاحي التجميل باستكشاف فيما إذا كان العلاج بثاني أكسيد الكربون - العلاج التجميلي المشهور خارج الولايات المتحدة لعلاج علامات التمدّد والدهون المتجمّعة تحت الجلد والندوب – فعّال حقاً. ويبدو بأنهم خلصوا إلى أنه فعّال نوعاً ما.
يقول مراد ألام - مؤلف الدراسة ونائب رئيس قسم الأمراض الجلدية في كلية فينبيرغ للطب في جامعة نورث وسترن: “لقد فوجئنا بأنه يبدو فعّالاً نوعاً ما. لكننا لم نلاحظ التغييرات الكبيرة التي يذكرها بعض الباحثين الآخرين. فلم نلاحظ دوام العلاج".
وتقتبس العديد من العيادات في الولايات المتحدة والتي تقدم العلاج بثاني أكسيد الكربون بعض العبارات مثل "تظهر الدراسات" فعالية العلاج، ولكن حتى شهر حزيران 2018، لم يكن هناك أي تجارب سريرية عشوائية في الولايات المتحدة. ولاختبار العلاج بثاني أكسيد الكربون كوسيلة تتطلب تدخلاً جراحياً أقل للحدّ من الدهون في البطن، قام فريق ألام بحقن ليتر من ثاني أكسيد الكربون في جانب واحد من بطون المشاركين. وقد رأوا اختلافاً ملحوظاً من خلال التصوير بالموجات فوق الصوتية بعد خمسة جلسات علاجية أسبوعية. ولكن لم يعد بإمكانهم ملاحظة أي اختلاف بعد ستة أشهر.
ويقول: "من أجل الحدّ من الدهون، من الواضح أننا نريد استمرار هذه العملية، فنحن لا نريد أن يكون ذلك على المدى القصير الذي لا يمكن ملاحظته إلا بعد العلاج مباشرة".
لم يتم التحقق بعد من العلاج بثاني أكسيد الكربون، ولكن بعض الأطباء يؤكدون عليه بشدة. إذن كيف لك أن تعرف فيما إذا كان ثاني أكسيد الكربون مناسباً لك؟
التاريخ الغني بالكربون
يبدو العلاج بثاني أكسيد الكربون مستقبلياً بعض الشيء، ولكنه لا يعدّ جديداً بأي حال من الأحوال. حيث تم اكتشاف العلاج لأول مرة في عام 1932 في رويات بفرنسا، وهي بلدة صغيرة تشتهر بالينابيع الحرارية القديمة. إذ بدا أن الغمر في الأحواض الغنية بالكربون يساعد في شفاء الجروح وتحسين أمراض الدورة الدموية مثل متلازمة رينو. وبحلول خمسينيات القرن العشرين، بدأ الأطباء الفرنسيون باستخدام حقن ثاني أكسيد الكربون لعلاج الدهون المتجمّعة تحت الجلد.
كما كانت ليزا زيديناك - كبيرة الجراحين ومؤسِّسة مركز بريسيشن إسثتيكس (Precision Aesthetics) في مدينة نيويورك - إحدى أوائل الأطباء الذين قاموا بإدخال العلاج بثاني أكسيد الكربون إلى الولايات المتحدة بعد أن رأت مدى شعبيته في البرازيل ("عيادات العلاج بثاني أكسيد الكربون منتشرة في البرازيل بمدى انتشار مقاهي ستاربكس في الولايات المتحدة" كما قالت مازحة). وتقوم عيادتها باستخدامه لعلاج الهالات تحت العين وشدّ الجلد ولمعالجة علامات التمدد (والتي تعدّ الأكثر شعبية).
وتقول: "هناك دائماً أشخاص ينتظرون دورهم. إذ أننا نعالج ما لا يقل عن ثلاثة إلى أربعة مرضى يومياً بشكل ثابت. فالعلاج بثاني أكسيد الكربون يعدّ أكثر أماناً من أي علاج آخر يتم إجراؤه في الوقت الحاضر."
استخدام ثاني أكسيد الكربون لعلاج الهالات السوداء حول العينين.
إيجابيات وسلبيات الكربون
تستخدم زيديناك العلاج بثاني أكسيد الكربون منذ أكثر من 12 عاماً، وتقول بأنها لم تلاحظ بعد أي تأثيرات سلبية. وحتى ألام - الذي قام بحقن ليتر كامل من الغاز في بطون المرضى – يقول بأن الإجراء يبدو آمناً باستثناء بعض الانزعاج.
كما يعدّ الإجراء مغرياً جداً لكل من الأطباء والمرضى. فهو غير سام، ويتطلب تدخلاً جراحياً أقل بالمقارنة مع العمليات الأخرى مثل شفط الدهون، وهو رخيص نسبياً (اعتماداً على تعريفك للرخيص)، والذي يتراوح عادة بين 75 و150 دولاراً لكل جلسة علاج. ويستخدم ثاني أكسيد الكربون بشكل آمن بالأصل في بعض العمليات مثل الجراحة بالمنظار – والتي تتطلب تدخلاً جراحياً قليلاً وتتم بمساعدة كاميرا صغيرة - لإبقاء البطن منتفخاً.
لكن العلاج بثاني أكسيد الكربون يتطلب التزاماً طويل الأمد. إذ توصي زيديناك بإجراء 6 إلى 12 جلسة علاج، تليها عمليات للمتابعة كل 6 أشهر. ويقول ساتشين شريداراني - جراح التجميل في نيويورك وعضو الجمعية الأميركية للجراحة التجميلية: "إنه تقريباً علاج للحصول على تحسينات متوسطة".
ويقول شريداراني: "نحصل على تحسن مؤقت في أحسن الأحوال عند هؤلاء المرضى. كما أننا لا نعرف التأثيرات طويلة الأمد لحقن الكثير من ثاني أكسيد الكربون في الجلد باستمرار. للعلاج بعض الإمكانات، ولكنني لن أقوم بإشراك مرضاي فيه".
ماذا تقول الأدلة؟
إن إحدى المشاكل الكبيرة في العلاج بثاني أكسيد الكربون هي في كيفية الترويج له. إذ تروّج العديد من مواقع الإنترنت له باعتباره معتمداً من إدارة الغذاء والدواء الأميركية، ولكنه ليس كذلك. ويشير آخرون إلى عدد كبير من الأدلة العلمية التي يفترض أنها أثبتت صحة العلاج، ولكن عند الاطلاع على التفاصيل، تجد أن معظم هذه الدراسات غير مقنعة.
وتُظهر بعض التجارب كالتي أجراها ألام بأن العلاج يتلف الخلايا الدهنية بالفعل، لكنه لا يعرف آلية ذلك. وتقول زيديناك بأن ذلك واضح، فعندما يتم حقن ثاني أكسيد الكربون في الجلد، فإن قوة القصّ للغاز تتلف الخلايا الدهنية. ويتم "خداع" الجسم ليعتقد بأنه مصاب، مما يحفّز تشكّل الكولاجين (وهو بروتين موجود في الجلد)، وبالتالي تصبح البشرة صحيّة وتبدو بسنّ أصغر.
إلا أن ألام غير متأكد من ذلك. إذ يقول: "لكل شخص نظريته. وأود أن أقول بأن آلية عمله غير مفهومة بشكل جيد. وإذا جاء أحدهم إلى عيادتي في الوقت الحالي وسألني عن أكثر الوسائل فعاليةً في الحدّ من الدهون والتي لا تتطلب التدخل الجراحي، فلن أقول بأنه العلاج بثاني أكسيد الكربون".