هل من المفيد حقاً تناول المكملات الغذائية؟

3 دقيقة
من الأفضل الحصول على فيتامين سي من الحمضيات مثل البرتقال، بدلاً من الحصول عليه من كبسولة برتقالية اللون. | مصدر الصورة: Pexels

يعتقد كثيرٌ من الناس أن الفيتامينات بإمكانها منحنا صحةً أفضل. فأغلبنا لا يتناول وجبات غذائية متوازنة، حيث نتصور أن الحصول على العناصر الغذائية من كبسولات المكملات الغذائية قادرٌ على تحسين صحتنا بشكلٍ عام، لكن اتضح خطأ ذلك.

أوضحت دراسة حديثة نُشرت في دورية «حوليات الطب الباطني - Annals of Internal Medicine» أنه على الرغم من احتياجنا للفيتامينات بشدة (حيث يؤدي نقص بعض الفيتامينات إلى الوفاة)، فإن تناولها في صورة أقراص لا يبدو أنه يحقق الهدف المنشود.

وللتحقق من ذلك، استخدم الباحثون في هذه الدراسة بيانات من المسح الوطني للصحة والتغذية، وهو مشروع بحثي ضخم طويل المدى، يتتبع النظام الغذائي والحالة الصحية للمواطنين في الولايات المتحدة الأمريكية، ويحتوي على معلومات عن 27.725 شخصاً. وقد وجدوا أن نصف هذا العدد استخدم بعض أنواع المكملات الغذائية، بينما تناول أكثر من ثلث هذا العدد بالتحديد أقراصاً متعددة الفيتامينات.

يميل أصحاب البشرة البيضاء، وكبار السن، والأشخاص الأفضل تعليماً، والأكثر ثراءً إلى تناول المكملات الغذائية. اهتم الباحثون الذين قاموا بتحليل هذه البيانات ببحث دور هذه العوامل، وتوصلوا إلى أنه يحتمل أن تكون هذه المتغيرات نفسها هي المسئولة عن جعل الأشخاص الذين يتناولون المكملات الغذائية يبدون بصحة جيدة. إلا أن الحقيقة هي أنهم لا يعيشون لأعمار كبيرة بسبب تناولهم الفيتامينات، لكن الأشخاص الذين يُحتمل بالفعل أن يعيشوا أطول، لديهم ميل لتناول الفيتامينات أكثر من غيرهم.

وقد أمكن ربط عدد قليل من هذه الفيتامينات بشكلٍ فعلي بفوائد ملموسة. فقد كشفت الدراسة عن انخفاض إجمالي خطر الوفاة لدى المشاركين الذين حصلوا على جرعات كافية من المغنيسيوم وفيتامين ك. وانخفض كذلك خطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية تحديداً لدى المشاركين الذين حصلوا على جرعات كافية من النحاس، الزنك، فيتامين أ، وفيتامين ك. ومع أن نصف المشاركين في هذه الدراسة كانوا لا يحصلون على ما يكفي من الفيتامينات، فإن الحصول عليها في شكل أقراص لم يساعدهم. وبالنسبة لجميع العناصر الغذائية التي تم ذكرها، فإن خطر الوفاة ينخفض فقط إذا تم تناول هذه الفيتامينات من الطعام، في حين أن تناول مكمل غذائي لفيتامين ك لم يكن له أي تأثير يذكر.

متى تكون الفيتامينات مضرة؟

الأسوأ من ذلك، أن تناول مكملات غذائية بعينها، يزيد بالفعل من معدلات الوفاة. فقد ظهر ارتباط بين الإفراط في تناول الكالسيوم وزيادة خطر الوفاة بالسرطان، ولوحظ ذلك فقط عند من يحصلون على الكالسيوم من المكملات الغذائية.

واتضح أن تناول كميات زائدة من فيتامين د، يزيد من إجمالي خطر الوفاة، إذا كان من يتناوله لا يشكو من نقص في مستوى ذلك الفيتامين.

فالأشخاص الذين احتاجوا لجرعات إضافية من فيتامين د، لم يتأثروا سلباً بتناوله. في حين زاد خطر الوفاة لدى الأشخاص الذين كانت لديهم مستويات طبيعية من فيتامين د، وتناولوا جرعة يومية أكبر من 10 ميكروجرام، وهذا المقدار يعادل 400 وحدة دولية، وجدير بالذكر أن معظم منتجات فيتامين د المتداولة في السوق، تحتوي على جرعات أعلى من ذلك.

ربما تشكل هذه المعلومات مفاجأة للبعض، نظراً للحملات الإعلانية القوية التي تقوم بها شركات المكملات الغذائية والتي يفوق أثرها بكثير أي تأثير تحدثه الأبحاث التي تنشرها الدوريات العلمية. فهي توضح إلى أي مدى يمكن للفيتامينات أن تكون غير فعالة أو حتى خطرة. وقد توصلت العديد من الدراسات الأخرى لنتائج مماثلة في الماضي، منها دراسة استقصائية أوروبية حول السرطان والتغذية في مدينة هايدلبرغ، ودراسة أخرى لمتابعة الحالة الصحية للممرضات. وهاتان الدراستان من أكبر الدراسات التي تبحث عن ارتباطات بين خيارات في أنماط الحياة ومعدلات الوفاة، وكلتا الدراستان توصلتا لعدم جدوى تناول الفيتامينات. وكذلك توصّل تحليل إحصائي للبيانات من عدة دراسات أخرى قامت بها فرقة عمل الخدمات الوقائية الأمريكية إلى الاستنتاج نفسه.

وفي السابق أُجريت دراسات لتحديد مخاطر الإفراط في تناول بعض هذه المكملات. ومنها دراسة لمتابعة الحالة الصحية للعاملين في المجال الطبي، كشفت عن وجود ارتباط بين تناول جرعات زائدة من الكالسيوم وزيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا، بينما توصلت دراسة (SELECT) - وهي تجربة تهدف إلى الوقاية من السرطان باستخدام مكملات السيلينيوم وفيتامين هـ - لذات النتائج مع فيتامين هـ.

قد تعتبر تلك أخباراً سعيدة. فالمكملات الغذائية غالية الثمن، والآن بعد أن تبين لنا عدم جدواها، يمكننا التوقف عن هدر الأموال لشرائها. بل يمكن تحقيق استفادة أكبر لو تم إنفاق هذه الأموال على الفواكه والخضروات والبقوليات والحبوب الكاملة، وهي أغذية ثبت بالفعل قدرتها على تحسين صحتنا.

المحتوى محمي