تُعد إصابات الركبة المؤلمة من الإصابات الأكثر شيوعاً بين من يمارسون رياضة الجري الترفيهي (الجري لمسافاتٍ قصيرة). وقد يكون الألم، خصوصاً لدى فئة كبار السن، من أعراض مرض هشاشة العظام. لكن هل يؤدي الاستمرار في الجري إلى تفاقم آلام الركبة والتهاب المفصل التنكسي؟
أظهرت دراسة كندية حديثة أن العديد من الأشخاص، بما فيهم المهنيون الصحيون، يعتقدون أن رياضة الجري قد تُضر بمفصل الركبة، خصوصاً لدى الأشخاص المصابين بالتهاب مفصل الركبة. حيث يعتقد واحدٌ من بين شخصين أن الجهد المتكرر المرتبط بالجري، وخصوصاً الجري لمسافاتٍ طويلة، يُسرع من التدهور الناجم عن التهاب مفاصل الركبة، بالتالي يزيد الحاجة أكثر لاستبدال مفصل الركبة بآخر صناعي عبر الجراحة.
ولكن، هل هذه المخاوف مدعومة بأدلةٍ علمية؟ في الواقع، لا يبدو أن التمارين الرياضية العادية تضر بغضاريف الركبة، بل بالعكس، تُعتبر مهمة لصحة الغضاريف، لأن الرياضة تزيد من تدفق الدم إلى المفاصل، بالتالي زيادة المغذيات الواردة إليها. كما أن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة باعتدال هم أقل عرضةً للإصابة بهشاشة العظام في الركبة، وتظهر لدى العدائين على وجه الخصوص معدلات إصابةٍ أقل بكثير بالتهاب مفاصل الركبة مقارنة بمن لا يمارسون رياضة الجري. لذلك يمكننا القول إن عدم ممارسة رياضة الجري قد يكون ضاراً لركبتيك في هذا السياق.
إلا أن الجري المكثّف أو المجهد يرتبط بمعدلاتٍ أعلى من التهاب مفاصل الركبة مقارنة بالجري الترفيهي، مما يشير إلى أن هناك فرصة تتيح لك ممارسة الجري باعتدال بحيث لا تضر ركبتك، وتحافظ على صحتها في نفس الوقت.
ماذا لو كنت تعاني بالفعل من آلام الركبة أو هشاشة العظام؟
ليس من الواضح ما إذا كان الاستمرار في الجري مع وجود ألمٍ في الركبة أو هشاشة العظام قد يكون سيئاً لركبتيك، وما زال العلماء يدرسون هذا الأمر للإجابة على هذا السؤال. لكن الاستمرار في الجري، إن أمكن طبعاً، سيعود بفوائد صحية عديدة على الجسم، بما في ذلك الوقاية من 35 مرضاً مزمناً على الأقل، بما فيها أمراض القلب والسكتة الدماغية، والسكري من النوع الثاني، والاكتئاب.
وتظهر الأبحاث أن العدائين يعيشون 3 سنواتٍ أكثر من غير العدائين. كما أن فوائد الجري غير مرتبطة بعوامل مثل السن والجنس والوزن والكحول والتدخين عموماً. بعبارةٍ أخرى؛ إذا كان هناك شخصان يدخنان أو يتناول الكحول بشكلٍ مفرط، وكان أحدهما يمارس رياضة الجري بانتظام، سيعيش العداء زمناً أطول من الشخص الآخر الذي لا يمارس رياضة الجري.
الجري هو نشاط يمكن القيام به في الهواء الطلق في معظم أنحاء العالم، ولا يتطلب سوى الحد الأدنى من المعدات للقيام به. وحتى أنه يمكن تحقيق الفوائد الصحية المرجوة من الجري في أقل من 50 دقيقة في الأسبوع. وقد زادت شعبية هذه الرياضة في خضم الجائحة الحالية نظراً لإمكانية ممارسة هذه الرياضة دون الحاجة إلى مساعدة الآخرين، وتحقق شروط التباعد الاجتماعي، بالإضافة إلى الفوائد الصحية التي تعود على من يمارسها.
3 نصائح للتعامل مع آلام الركبة المرتبطة بالجري
يمكنك ممارسة هذه الرياضة بأمان باتباع بعض القواعد البسيطة:
1. يؤدي تقليل سرعة الجري أو شدته مع تجنّب المنحدرات إلى تقليل الأحمال على الركبة، ويمكن أن يساعد في تقليل الألم.
2. يمكن طلب المساعدة والإرشاد فيما يتعلق بالتمارين العلاجية -مثل تقوية عضلات الركبة والفخذين- من أخصائي المعالجة الفيزيائية أو غيرهم من الاختصاصيين المؤهلين حول كيفية التقليل من آلام الركبة المرتبطة بالجري والأنشطة الأخرى، خصوصاً لدى من يعانون بالأصل من التهاب مفصل الركبة.
3. عليك أخذ تغيير أسلوبك في الجري بعين الاعتبار، إذا كان أسلوبك الحالي يتسبب لك في المزيد من الآلام المفصلية. اطلب المشورة من محترفٍ في هذا المجال. في الواقع، يمكن أن يؤدي تغيير أسلوب الجري المعتمد على الجري على مقدّمة القدم بدلاً من الجري على الكعب إلى تخفيف الحمل على الركبتين، وبالتالي تخفيف آلام الركبة المرتبطة بالجري. لكن بالمقابل، قد يزيد ذلك الحمل على الكاحل، مما يزيد من مخاطر إصابة المفاصل والأنسجة الأخرى. يمكن أن تؤدي زيادة إيقاع الجري (معدل الخطوة)، أو تغيير موضع جذعك أيضاً إلى تقليل الأحمال على الركبة وقد يساعد ذلك في تقليل الألم.