مع قدوم فصل الصيف وتزايد الضغوط المجتمعية لتصل إلى ذروتها، يتطلّع الكثير من الناس إلى الحصول على السُّمرة. إذ يعدّ هذا اللون للبشرة مرغوباً للغاية، لدرجة أن معظمنا على استعداد للمخاطرة بالإصابة بسرطان الجلد للحصول عليه لفترة قصيرة فقط.
نحن نقوم بذلك في بوبيولار ساينس، ولكننا أيضاّ ندرك بأن الأبحاث قد أظهرت بشكل قاطع أن التسمير تحت الأشعة فوق البنفسجية – سواءً كان في الصالونات أو مباشرة تحت الشمس – هو أمر سيء للبشرة ويزيد من خطر الإصابة بالسرطان. ويبدو أن البديل الآخر الوحيد هو مستحضرات التسمير الزائف، ولكن هل تعدّ هذه الطريقة أفضل؟
الجواب باختصار هو نعم، إنها أفضل. إذا توقفت عن قراءة المقال الآن، فعليك أن تعرف على الأقل بأن كافة مواد التسمير الزائف تقريباً (والتي تحتوي على عنصر فعّال معتمد من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية) هي أفضل من أشعة الشمس بالنسبة لك.
أم الجواب بالتفصيل فهو أن مواد التسمير الزائف هي خيار أفضل لأن التفاعل الذي يجعل بشرتك أكثر اسمراراً ليس هو نفسه الذي يجعلك كذلك عند التعرّض لأشعة الشمس.
تحدث السُّمرة الطبيعية عندما نتعرّض للأشعة فوق البنفسجية، والتي تدّمر الحمض النووي داخل خلايا الطبقة الخارجية من الجلد وتحفّز الجسم على إنتاج كمية أكبر من الميلانين، والذي يمكنه أن يبدّد الأشعة فوق البنفسجية، مما يعني بأنه يساعد على حماية البشرة من التعرّض للمزيد من التلف. يقوم بعض الناس بإنتاج المزيد من الميلانين بشكل طبيعي وذلك استجابة للتعرّض للأشعة فوق البنفسجية، والتالي يحصل مثل هؤلاء الأشخاص على السُّمرة بشكل أسرع. كما أن للون الجلد علاقة بكمية (ونوع) الميلانين في الخلايا الميلانية - أي الخلايا التي تنتج اللون – ولكن المسؤول عن تحديد لون الشخص هو مزيج وراثي معقّد، وليس فقط مجرّد كمية الميلانين.
وقدّرت الدراسات بأن الميلانين يمكن أن يعطيك حماية من الضوء تعادل تقريباً عامل الحماية من الشمس (SPF) الذي تبلغ قوّته 2 إلى 4. وهذا يعني بأنه يمكنك مضاعفة الوقت الذي تقضيه تحت الشمس قبل أن تتعرّض لحروقها، والذي قد يبدو كثيراً، إلا أن الحد الأدنى الموصى به من عامل الحماية من الشمس هو 15. ويقول العديد من أطباء الجلد بأن 30 على الأقل هو أكثر أماناً. لذلك حتى لو كنت أسمر البشرة، فانت لا تزال بحاجة إلى الواقيات الشمسية.
ويختلف كل ما سبق تماماً عن طريقة عمل مستحضرات التسمير الزائف. إذ تحتوي معظم المنتجات الموجودة في الأسواق على عنصر نشط يدعى ثنائي هيدروكسي الأسيتون (DHA) والذي يتفاعل مع الأحماض الأمينية الموجودة في الطبقة العلوية من الجلد لتشكيل الميلانويدين، وليس الميلانين. ويعدّ الميلانويدين نوعاً مختلفاً من العناصر الملوّنة والذي يتشكّل أيضاً أثناء تفاعل ميلارد، وهو السبب في تغيّر لون اللحم إلى البني عند طهيه. إذن تقوم مواد التسمير الزائف بإعطائك اللون الأسمر بنفس آلية تغيّر لون شريحة اللحم على المشواة. ولا داعي لشكرنا على هذا المثال التصويري.
وعلى الرغم من وجود ارتباط غريب مع اللحوم، إلا أن هذا التفاعل الكيميائي آمن تماماً بالنسبة لبشرتك. إذ وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على استخدام (DHA) بالتطبيق الموضعي بناءً على بيانات السلامة، لذا يجب ألا يكون هناك بأس في استخدام المستحضر. كما أن الحجرات المخصصة للتسمير - حيث يتم رشّ رذاذ يحتوي على (DHA) على جسمك - قد تكون جيدة بشكل عام، ولكن من الجدير بالذكر أن إدارة الغذاء والدواء لم توافق على استنشاق (DHA)، لأن ذلك يشمل تماسّه مع الأغشية المخاطية الحسّاسة مثل تلك الموجودة في الأنف والرئتين. وللموافقة على استخدامه بهذا الشكل، تحتاج إدارة الغذاء والدواء إلى بيانات تثبت أمانه، ولم تقم بتلقي أو جمع هذه المعلومات بعد. كل ما نعرفه هو أن استنشاق (DHA) قد يكون آمناً، ولكنه قد لا يكون كذلك. فإذا ذهبت إلى هذه الحجرات المخصصة للتسمير، فتأكد من إغلاق عينيك وحبس أنفاسك، وحاول ما استطعت ألا تقوم بتعريض الممرات الهوائية إلى الرذاذ. ولكن تذكّر بأن لديك أغشية مخاطية أخرى. فالأذنان والشفتان تحتويان عليها أيضاً، كما هو الحال مع أنفك (نحن نتوقع بأنك لن تمسك أنفك بيدك لإغلاقه، لأن ذلك من شأنه أن ينتج خطاً بنياً صغيراً مضحكاً على أنفك). وتوصي مؤسسة مايو كلينيك بوضع سدادات الأنف ومراهم الشفاه في محاولة لتجنيب تلك المناطق معظم مادة (DHA).
إذا كنت ترغب في تجنب الاستنشاق تماماً، فعليك اختيار إحدى مجموعات التسمير المنزلية. وهي تستخدم مادة (DHA) في الغالب، ولكنها تأتي على شكل مستحضر أو رغوة. ويجب ألا تتعرض لأي ضرر طالما أنك لا تضع الكريم داخل أنفك. وعليك أن تتذكر بأن تستمر في وضع الواقيات الشمسية! إذ أنك لن تحصل على الكثير من الحماية من أشعة الشمس (هذا إن حصلت) من السّمرة الزائفة. وإذا كنت بحاجة إلى المزيد من المعلومات حول الواقيات الشمسية، فاطلع على مقالنا حول اختيار الواقي الشمسي بشكل فعّال وصديق للبيئة. ثمّ استمتع بالصيف!