هناك الملايين من الطرق للموت؛ كانتشار عدوى الخميرة، أو العمل بشكل أكثر من اللازم، أو الإصابة بشظية طائشة، أو الإنفلونزا الموسمية، أو حتى الفِطر الضار، وقد اضطررنا جميعاً لمواجهة إخدى هذه المشاكل الحياتية بطريقة أو بأخرى.
ومع حلول عيد الهالوين مؤخراً، وتواجد بعض الناس بأزياء العفاريت والأشباح في أماكن عدة، فإن العديد من الأشخاص يتساءلون عن الخوف، وما إذا كان يمكنه أن يؤدي إلى الموت.
الجواب بكل تأكيد هو: "نعم".
عندما يثارُ الخوف فإنه ينتشر في كافة أنحاء الجسم البشري؛ ففي أعلى الجسم في الدماغ، تعدُّ اللوزة هي المسؤولة عن تسجيل المُثيرات المُخيفة، وتحفيز الاستجابة في الجهاز العصبي، ومن هناك يقوم الوطاء بإفراز هرموني التوتر: (الكورتيزول والأدرينالين) إلى مجرى الدم (تذكَّر هذا الأمر لاحقاً)، فيؤدي هذا إلى ارتفاع معدَّل ضربات القلب وتوسُّع الرئتين، مما يسمح بدخول كمية أكبر من الأكسجين إلى الجهاز التنفسي. وتقوم الأعضاء التي تكون غير ضرورية في الاستجابة المتعلِّقة بالحياة أو الموت (مثل الجهاز الهضمي) بالتقلُّص ودفع المحتويات إلى الأعلى أو الخارج، ويتم إرسال كل الموارد الأخرى إلى العضلات، التي ستحتاجها في الاستجابة إما بالمواجهة أو بالهروب.
لقد خدمنا هذا التعاقب الكيميائي -نحن وأسلافنا- بشكل جيد لملايين السنين، مما أدَّى إلى اجتيازنا الكثير من المواقف الخطيرة، ولكن هناك دائماً احتمال حدوث الإفراط في الأشياء الجيدة، وهذا ينطبق بشكل خاص على الأدرينالين، وهو هرمون مدهش وناقل عصبي وعقار دوائي (إنه المكوُّن الرئيسي في قلم حاقن الإبينفرين الآلي). فعند وجود كمية مفرطة من الأدرينالين، يمكنه أن يؤدي إلى أضرار بالغة في القلب، بل حتى إلى ضرر قد يصل إلى الموت.
ويؤدي الأدرينالين إلى تدفُّق الكالسيوم، الذي يندفع إلى تجويف الصدر ويسبِّب تصلُّب عضلات القلب، مما يضمن بقاءها صلبة حتى ينتهي التهديد. ولكن إذا كان هناك الكثير من الكالسيوم أو إذا كان الجسم شديد الحساسية لوجوده، فإن هذا المعدن يمكنه أن يُوقف النبض الطبيعي للقلب. ودون وجود إمداد ثابت بالدم، فقد يخضع الفرد للإصابة بالرجفان البطيني.
وهذه النبضات الكهربائية تؤدي إلى ظهور خطوط شاذة عشوائية على جهاز مراقبة القلب، بدلاً من الموجات المنتظمة التي تُبقينا على قيد الحياة، ومن دون التدخُّل الطبي الطارئ -مثل استخدام الصدمات الكهربائية لإيقاف رجفان القلب (من خلال وسائد الجهاز الذي يقدِّم صدمة كهربائية إنعاشية)- فإن هذا الاضطراب من شأنه أن يتسبَّب في انخفاض ضغط الدم إلى الزوال، وموت الشخص المعني في النهاية.
إن فهم كيفية موت الشخص من الخوف يختلف تماماً عن توثيق مثل هذه الأحداث في الحياة الواقعية؛ إذ لا يُذكر الخوف في تقرير تشريح الجثة على أنه سبب لوفاة الأميركيين مثلاً إلا في حالات قليلة إن وجدت، ولكن تبرز إحدى السمات المميِّزة للنوبة القلبية التي يسبِّبها الانفعال، وهي أن قلب العديد من الأشخاص الأصحاء -الذين يبدو أنهم ماتوا فجأة بعد الأحاسيس المفرطة (سواءً كان ذلك بسبب متلازمة القلب المنكسر أو الضوضاء المرتفعة أو الخوف الشديد)- لا يُظهر وجود أي انسداد. وعلى عكس المصابين بأمراض القلب، يتدفق الدم بشكل طبيعي في جسم الشخص الخائف، ولكن قلبه المتكلِّس لا يستطيع الاستفادة منه بشيء.
ولا يزال الخوف والتوتر غير مفهومين بشكل جيد؛ فالتجارب مستحيلة، كما أن الربط بين الحالات النفسية والنتائج الجسدية يمثِّل تحدياً صعباً. ومع ذلك ما زال العلماء يدرسون هذه الحالة المخيفة، ففي عام 2001 مثلاً نشر الباحثون دراسة بدت شديدة الغرابة، حيث أشارت إلى أن الوفيات الناجمة عن النوبات القلبية بلغت ذروتها في اليوم الرابع من كل شهر في الصين واليابان. وتبدو كلمة "أربعة" في هذين البلدين مشابهة تماماً لكلمة "الموت"، ولذلك تعتبر مشؤومة، وفي حين أن هذه ليست هي الكلمة الوحيدة حول هذا الموضوع، فقد قدَّم العلماء اسماً رائعاً لهذه الظاهرة المفترضة، وهو: "تأثير باسكرفيل"؛ تيمّناً بأحد الشخصيات في رواية شرلوك هولمز، وقد مات لأنه اعتقد أنه رأى كلباً يتنفس النار.
إذن يمكن للخوف أن يؤدي إلى الموت حقاً، ولكن هذا لا يعني أن الوقت قد حان للإصابة بالذعر؛ حيث تبدو مثل هذه الأحداث نادرة، وخاصة عند الأشخاص الأصحاء الذين لا يعانون من وجود أمراض قلبية سابقة.
وإذا كنت تخاف من الموت بسبب الخوف، فإن أفضل شيء تفعله هو أن تهدأ بالتأكيد. ولكنك قد ترغب في توخي الحذر من بثِّ الخوف لدى الآخرين في الأعياد أو غيرها، فقد ألقت المحاكم القبض من قبل على أفراد بسبب مسؤوليتهم عن إخافة الناس حتى الموت، ويمكنها أن تفعل ذلك مرة أخرى.