الصداع النصفي هو أكثر من مجرد صداع. فبالإضافة إلى الألم النابض، يمكن أن يتعرض الأشخاص خلال نوبة الصداع للغثيان والقيء واضطرابات بصرية مثل رؤية النفق والحساسية للضوء والصوت.
الحالة العصبية هي أيضًا شائعة جدًا، وعلى مستوى العالم، يعاني واحد من كل سبعة أشخاص من الصداع النصفي. ويصاب حوالي 20٪ من النساء في الولايات المتحدة و 10٪ من الرجال بالحالة العصبية بشكل منتظم.
ومع أن هذا المرض منتشر في كل مكان، فإن العلاجات المتوفرة حالياً غير ناجعة. ويمكن لفئة من الأدوية تعرف باسم التريبتانات -ولها أسماء تجارية مثل إيميتريكس وريبلاكس - أن توقف بنجاح الصداع النصفي بمجرد أن يبدأ، على الأقل لدى كثير من الناس. ولكن حتى الآن، لم يتم تحضير أي دواء مخصص في المقام الأول للوقاية من الصداع النصفي. لكن في مايو 2018، وافقت إدارة الغذاء والدواء على علاج يقوم بذلك. لقد تم العمل على آلية تأثير هذا العلاج لعقود، ولكن استغرق الباحثون وقتًا طويلًا للوصول إلى الصيغة النهائية للدواء.
وعقار أيموفيج - الذي تم تطويره بالشراكة بين شركتي أمجين ونوفارتيس- هو حقنة تعطى لمرة واحدة شهرياً. وهو يعمل عن طريق منع المستقبل الذي يتصل بالناقل العصبي - المعروف باسم الببتيد المتصل بالكالسيتونين (CGRP) - الذي وجد الباحثون أنه يلعب دوراً رئيسياً في حدوث الصداع النصفي.
ما الذي يجعل هذا الدواء مميزاً؟
لطالما انتظر أطباء الأعصاب وغيرهم من أخصائيي الصداع النصفي هذا النوع الجديد من الأدوية.
من الأسهل تفسير عدم فهمنا للصداع النصفي من خلال النظر إلى الأدوية التي نستخدمها للوقاية منها. حيث يتم اشتقاقها جميعاً من أدوية تم تطويرها لمعالجة حالات أخرى، وهي تستخدم فقط للصداع النصفي، لأن الأطباء وجدوا أن المرضى قد سجلوا حدوث صداع أقل. ويصف الأطباء الأدوية المصممة لمكافحة ارتفاع ضغط الدم والنوبات والقلق والاكتئاب بجرعات مختلفة لعلاج الصداع النصفي. ولسوء الحظ، تأتي هذه الأدوية أيضاً مع آثار جانبية غير مرغوب فيها، والتي تمنع في الغالب من استمرار المرضى في تناول أدويتهم.
تتبع الأدوية المعتمدة حديثاً منهجاً أكثر استهدافاً بكثير. في الثمانينيات من القرن الماضي، ركّز الباحثون الذين تقصّوا الأسباب الجذرية للصداع النصفي على الببتيد المتصل بالكالسيتونين، وهو جزيء ينظم الاتصال العصبي ويساعد على التحكم في توسع الأوعية الدموية. ووجد العلماء أن المصابين بالصداع النصفي لديهم جزيئات من الببتيد المتصل بالكالسبتونين أكثر من الأشخاص غير المصابين. كما وجدوا أنهم إذا قاموا بحقن الببتيد المتصل بالكالسيتونين في الأشخاص الذين يُعرف أنهم يصابون بالصداع النصفي، فإن ذلك وحده سيؤدي إلى حدوث هذا الصداع. ويمكن للأشخاص الذين ليس لديهم تاريخ من الصداع النصفي الحصول على نفس الحقن دون التعرض للإصابة بالصداع.
وبهذه المعلومات، طور الباحثون بسرعة أدوية لقمع الببتيد المتصل بالكالسيتونين، لكن الجزيئات نفسها أثبتت أنها شديدة السمية، وهو ما منعهم من التقدم في تطوير هذا الدواء. ولكن في الآونة الأخيرة، حاول العلماء اتباع نهج جديد، وهذه المرة باستخدام الأجسام المضادة أحادية النسيلة (الخلايا المناعية التي يتم إنتاجها عن طريق استنساخ الخلية نفسها مراراً وتكراراً في المختبر). ترتبط هذه الخلايا بمستقبلات على سطح خلايا الببتيد المتصل بالكالسيتونين، مما يجعلها عديمة الفائدة للخلايا العصبية.
ولكن ما مدى نجاعة هذه الأدوية؟
تتمثل الفائدة الرئيسية لهذه الأدوية الجديدة في نهجها المستهدف (الذي يستهدف السبب الجذري للصداع النصفي) وافتقارها إلى الآثار الجانبية المرتبطة بالأدوية، والتي تنتشر بشكل كبير في العلاجات الوقائية الحالية للصداع النصفي.
لكن فعاليتها -أو نجاعتها في منع وتخفيف نوبات الصداع النصفي - لا تزال مطروحة للنقاش. في مقال افتتاحي في مجلة جاما مرفق بدراسة تفصيلية لنتائج تجربة حديثة للعقار، يشير أخصائيو الصداع النصفي إلى أن تأثير الدواء في كثير من الحالات متواضع، بحيث يقلل من عدد حالات الصداع التي تصيب الشخص بنسبة 50٪ فقط. وخلال التجارب السريرية، سجّل الباحثون طيفاً متنوعاً من النتائج. بالنسبة لعدد قليل من المرضى - والذين يعتبرون "مستجيبين فائقين" - فإن الأجسام المضادة تقضي على الصداع النصفي تمامًا. بينما لم يستجب بعض الناس على الإطلاق، ومعظمهم كانت نتائجهم بين هذا وذاك، حيث تخلصوا من نصف الصداع.
ويجادل الباحثون في مجلة جاما بأنه قد لا يكون العلاج نفسه فاشلًا، ولكن هناك بالأحرى عوامل أكثر تأثيراً في تنظيم الصداع النصفي. وكتب الباحثون: "سيكون من المهم تحديد العوامل التي تتنبأ بالاستجابة للعلاج ولتقييم قوة الاستجابات".
من المستحيل أيضاً أن نعرف -على الأقل مع البيانات المتوفرة حالياً - ما إذا كان العلاج الجديد آمناً في إطار الاستخدام المقصود. ولأن الصداع النصفي حالة تستمر مدى الحياة، فمن المرجح أن الأشخاص الذين يتناولون هذه الأدوية سيأخذونها لفترة طويلة من الزمن، وهي فترة أطول بكثير من أي تجربة سريرية. إن سلامة هؤلاء المرضى في هذا النوع من السيناريوهات لا تزال غير واضحة وستبقى كذلك حتى تدوم لفترة كافية ليتمكن الأفراد من أخذ هذه الأدوية لعقود من الزمن. ولكن هذا ينطبق على أي دواء جديد لحالة مزمنة، ولحالة سيضطر المرضى الأفراد فيها إلى تقييم المخاطر التي قد يتعرضون لها (بمساعدة طبيب).
متى يمكنني تناول الدواء؟
أصبحت الأدوية الجديدة معتمدة الآن من قِبل إدارة الغذاء والدواء، وستتوفر - وفقاً لشركة آمجين - ابتداء من شهر مايو 2018. ولكن الحقن الذاتي مرة واحدة في الشهر باهظ التكلفة. وتبلغ تكلفة جرعة واحدة فقط 575 دولاراً، وهو ما يصل إلى 6900 دولاراً سنوياً. وتقدم شركتا آمجين ونوفارتيس برامج مساعدة للمرضى المؤهلين قد تؤدي إلى انخفاض تكلفة الدواء إلى 5 دولارات في الشهر. وأي شخص لديه وصفة طبية صالحة لدواء أيموفيج وتأمين تجاري يعدّ مؤهلاً، وفقًا لشركة أمجين. ومع ذلك، لا يسري الخصم إلا عندما يوفر المريض مبلغ 2700 دولار كمصروفات نقدية. لذلك فإن الأشخاص الذين ليس لديهم تأمين - أو لديهم خطط عالية الخصومات تدفعهم إلى دفع مبالغ كبيرة مباشرة إلى شركة أيموفيج في جزء من السنة - سوف يحققون أقصى ما يمكن من التوفير.