يحتاج المراهقون إلى مدة نوم أطول مما نظن

3 دقائق
أظهرت الأبحاث أن كلاً من النشاط البدني وتجنب الجلوس مُطوَّلاً أمام الشاشات قبل النوم، يمثلان استراتيجية فعّالة لحماية نوم أبنائك المراهقين.

الآباء قلقون حول ما إذا كان أبناؤهم المراهقون يحصلون على كفايتهم من النوم العميق. تشير الدراسات البحثية إلى أن المراهقين حول العالم يعانون من "وباء الحرمان من النوم"، وهو ما سيكون له تأثيرات صحية طويلة الأجل.

إذاً ما مقدار النوم الذي يحتاجه المراهقون حقاً؟ وكيف يساعدهم الآباء على الحصول عليه؟

أول ما يجب فهمه أن المراهقين مازالوا في مرحلة نمو، وأدمغتهم ما تزال تتطور؛ لذا فهم بحاجة إلى النوم لفترة أطول من الكبار.

لدى المراهقين أيضاً أنماط نومٍ واستيقاظ مختلفة، ويتم إفراز الميلاتونين لديهم في وقت متأخر (هرمون طبيعي يُفرزه الدماغ استعداداً للنوم)، ما يعني أنهم يحتاجون إلى وقت أطول حتى يغلبهم النعاس مساءاً، كما أن لديهم ميلاً طبيعياً للذهاب إلى الفراش في وقتٍ متأخر، وكذلك النوم حتى وقت متأخر في الصباح. ولكن بالطبع ما يزال عليهم النهوض باكراً للذهاب إلى المدرسة.

يؤثر الأقران على المراهقين أكثر من تأثيرهم على الأطفال الأصغر سناً. حيث تتضافر المطالب الاجتماعية المتزايدة مثل الدردشة عبر الإنترنت، وتصفح المواقع وشبكات التواصل الاجتماعية، مع ضغوط أكاديمية أكبر عند انتقال الأطفال إلى المرحلة الثانوية. كما يميل الآباء أيضًا إلى ممارسة قدر أقل من التحكم في أوقات نوم المراهقين في هذا العمر.

النوم بانتظام من 8 إلى 10 ساعات
إذن ما مقدار النوم الأمثل للحفاظ على صحة المراهقين؟
قام الخبراء بمراجعة 864 ورقة بحثية، تدرس العلاقة بين مدة نوم الأطفال وصحتهم. واقترحوا أن المراهقين في الأعمار من 13 إلى 18 عام يجب أن يناموا من 8 إلى 10 ساعات يومياً بانتظام؛ للحصول على صحة مثالية.

ممارسة ألعاب الفيديو في الليل وصفةً مضمونة لنومٍ قليل، متقطع ومنخفض الجودة.

للأسف تظهر الدراسات التي أجريت على مستوى العالم أن 53% من المراهقين يحصلون على أقل من 8 ساعات من النوم كل ليلة خلال أيام الدراسة.

أشار تقرير حديث إلى أن 5% فقط من المراهقين في الولايات المتحدة يلتزمون بالقدر المُوصى به من النوم، النشاط البدني ووقت الجلوس أمام الشاشات. يقل احتمال التزام المراهقين الأكبر سناً بهذه التوصيات مقارنة بالمراهقين الأصغر سناً (14 عاماً أو أقل).

الهرمونات الجنسية والاستجابة للضغط العصبي
الكثير من الأمور تحدث في أدمغة المراهقين نتيجة مرحلة النمو التي يمرون بها. حيث تحدث تغيرات كبيرة في التفكير، العواطف، السلوكيات والعلاقات بين الأفراد خلال فترة المراهقة.

تسهم تغيرات في التشابكات العصبية داخل الدماغ في تحسين قدرات التفكير، وفي إحداث تغيرات في الإشارات الكهربية في الدماغ. يخلق التغير في الاتزان بين أجزاء الدماغ فترة يقوم فيها المراهقون بالإقدام على مخاطر متزايدة أو ينخرطون أكثر في سلوكٍ باحثٍ عن المكافأة.

يتأثر المراهقون كثيراً بالضغط العصبي، حيث لا تزال الأجهزة المسؤولة عن الاستجابة للضغط العصبي لديهم في طور النضوج. تؤثر الهرمونات الجنسية على النواقل العصبية في أدمغتهم، وتزيد من تفاعلهم مع الضغط العصبي. وإذا أضفنا إلى الصورة عدم الحصول على مدة نومٍ كافية عندئذٍ قد تحدث العديد من التداعيات.
أظهرت دراسة حديثة زيادة مخاطر الانتحار، الوزن الزائد، التعرض للإصابات بمعدل عالٍ، ضعف المحافظة على التركيز، وضعف التحصيل الدراسي لدى المراهقين الذين ينامون أقل من 8 ساعات.

بينما على الجانب الآخر ارتبط النوم لـ 9 ساعات أو أكثر عند المراهقين بالشعور بالرضا بشكلٍ أكبر عن حياتهم، وشكاوى صحية أقل، وعلاقات أسرية ذات جودة أعلى.

ووجدت دراسةٌ حديثة، أجريت على مدرستين ثانويتين في منطقة سياتل التعليمية أن تأخير وقت بدء اليوم الدراسي، أدّى إلى زيادة في متوسط مدة نوم المراهقين، وهو ما تم ربطه بزيادة في متوسط الدرجات، وتحسُّن في نسب الحضور إلى المدرسة.

المخدرات والكحول وارتفاع الكوليسترول
أبلغ قائدو السيارات من المراهقين الذين يحصلون على 6 ساعات أو أقل من النوم كل ليلة عن قيادةٍ أكثر خطورة، وسلوكٍ باحثٍ عن الإثارة، ومعدلاتٍ أعلى لتعاطي المخدرات والكحول مقارنةً بأولئك الذين ينامون أكثر من 6 ساعات.

المراهقون الذين يحصلون على أقل من 6 ساعات من النوم كلَّ ليلةٍ، يزداد خطرُ تعرُّضهم لحوادث السيارات بشكل متكرر، مع الأخذ في الاعتبار تعرُّضهم لمدد قيادة متباينة.

وهناك أيضاً أدلةٌ على أن المراهقين الذين ينامون لساعات أطول، ويحصلون على نوعية نوم أفضل يكونون أقل عرضة لارتفاع ضغط الدم، الكولسترول، مقاومة الأنسولين وزيادة محيط الخصر من المراهقين الذين يعانون من مدد نوم أقصر وجودة نوم أقل. هذا إذا ما وضعنا في الاعتبار عوامل الخطر الأخرى مثل نسبة دهون الجسم، معدل النشاط البدني، ساعات مشاهدة التلفاز وجودة النظام الغذائي المُتبع.

وأخيراً، سلطت دراسة حديثة الضوء على ارتباط مدة نوم المراهقين ومدة جلوسهم أمام الشاشات بآثار سيئة على الصحة العقلية.

ضع أجهزتك الإلكترونية جانباً قبل الخلود إلى النوم
على الآباء العمل مع أبنائهم المراهقين لتحديد أوقات النوم. ويجب أن يشجعوا على استخدام السرير فقط للنوم و للاسترخاء قبل النوم.

استخدام التكنولوجيا والأجهزة الإلكترونية أثناء الليل أو قبل الذهاب إلى الفراش يزيد من خطر الحصول على وقت نوم أقل. تظهر الأبحاث أن كلاً من النشاط البدني وتجنب الجلوس مُطوَّلاً أمام الشاشات قبل النوم يمثلان استراتيجيّة فعّالة للخلود إلى النوم في وقت مبكر، ولحماية نوم أبنائك المراهقين.

يمكن للآباء أن يحددوا وقتاً لغلق جميع الأجهزة الإلكترونية قبل النوم، ومما يساعد على تنفيذ ذلك تحديد مكان تُوضع فيه الهواتف المحمولة جانباً؛ لشحنها أثناء الليل بعيداً عن غرف النوم.

كذلك بإمكان الآباء مساعدة أبنائهم المراهقين على تحقيق ما يُوصى به من النوم لـ 8 ساعات أو أكثر عن طريق الاشتراك معهم في أنشطة عائلية، تساعد على الاسترخاء في المساء.
ويندي هول أستاذة في كلية التمريض بجامعة كولومبيا البريطانية.
ظهرت هذه المقالة لأول مرة في موقع The Conversation.

المحتوى محمي