الأساطير الحضرية جزء مهم من ثقافتنا الشعبية، وتقدم لنا نظرة على مخاوفنا وحالة مجتمعنا، بالإضافة إلى أن بعضها ممتع ومضحك. ولطبيعتها، لا يمكن التحقق من صحتها أو من مصدرها بسهولة؛ حيث تنتقل قديماً عبر الكلام الشفهي، أو بصورة أكثر شيوعاً اليوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتنطوي غالباً على عبارة «حدث ذلك لصديق لأحد أصدقائي»، التي تجعل العثور على المصدر الأصلي للقصة مستحيلاً في الغالب.
تكون أكثر الأساطير شيوعاً في العادة هي الأساطير الطبية والمتعلقة بصحة الإنسان، لدرجة أن معظمنا يتداولها على أنها حقائق لا تقبل الشك، رغم عدم وجود أي دليل علمي يثبتها. قد يأتي بعضها من حكايات ونصائح جدّتك، التي تنتقل من جيل إلى جيل، وتنجو بطريقة ما من التحدي العلمي والطبي الصحيح. لذا دعنا نُلقي نظرة على 5 من أكثر الأساطير الطبية شيوعاً، التي تظل مجرد أساطير.
-
شرب ثمانية أكواب من الماء يومياً
وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض (CDC) في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن شرب كمية كافية من الماء كل يوم مفيد للصحة العامة.
لكن السؤال هو: ما هي الكمية التي يجب أن تشربها من الماء يومياً؟ يشير المركز أنه لا توجد إرشادات حول كمية المياه التي يجب أن نشربها يومياً. لكن تشير الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب إلى أن النساء يحتجن إلى 2.7 لتر، بينما يحتاج الرجال إلى 3.7 لتر من مدخول المياه الكلي يومياً.
لا يقتصر مدخول المياه الكلي على عدد لترات الماء التي يجب أن تشربها بشكلٍ مباشر، لكنه يشير إلى كمية المياه الكلية التي تتناولها من مختلف المشروبات والأطعمة مجتمعةً.
من الضروري ملاحظة أن إجمالي استهلاك الشخص العادي من المياه في المشروبات -بما في ذلك المشروبات التي تحتوي على الكافيين- يشكل حوالي 80% من إجمالي استهلاك المياه، بالإضافة إلى 20% تأتي بالفعل من الأطعمة المختلفة.
ومع ذلك، يعتقد كثيرون أن الكمية اليومية الموصى بها من الماء هي ثمانية أكواب، أي ما يعادل 2.5 لتر، مباشرة من الصنبور. لكن لا يأخذ هذا الرقم في الاعتبار كمية المياه التي نحصل عليها من المشروبات أو الأطعمة الأخرى على الإطلاق. كما لا يظهر في أي إرشادات رسمية أو علمية بشأن استهلاك المياه الصحي.
-
السكريات تصيب الأطفال بفرط النشاط
يقسم كثير من الأمهات أن قطعة واحدة من كعكة عيد ميلاد تملك القدرة على تحويل طفلها المهذب إلى طفل آخر، قد يدمر البيت من فرط الحركة. لكن وفقاً للعلم، هذا الأمر ليس سوى أسطورة أخرى.
وفقاً لدراسة أجريت عام 1994، اكتشف الباحثون أن السكر لا يغير من سلوك الأطفال، حيث أن النظام الغذائي السكري لم يؤثر في السلوك أو المهارات المعرفية للأطفال بأي شكل.
بل على العكس يغير السكر شيئاً آخراً تماماً: توقعات الأهل. فحسب دراسة أخرى، حصل 35 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 5 و7 سنوات على مشروب يحتوي على مادة تحلية اصطناعية ليست مصنوعة من السكر، تحديداً من الأحماض الأمينية، لكن قيل لنصف الأمهات إن المشروب يحتوي على السكر.
وعندما سأل الباحثون الأمهات عن سلوك أبنائهم، فإن النساء اللائي قيل لهن أن أطفالهن تلقين السكر قالوا إن أطفالهن أكثر نشاطاً. وعلاوة على ذلك، قام الباحثون أيضاً بتصوير التفاعلات بين الأطفال وأمهاتهم؛ ليجدوا أن هؤلاء الأمهات ظلوا بالقرب من أبنائهم، وكانوا أكثر عرضة لانتقادهم من الأمهات الأخريات.
بالطبع هناك أسباب وجيهة أخرى كي لا تطعمي طفلك السكريات، لكن الخوف من فرط النشاط ليس أحدها.
-
انفصام الشخصية (السكيزوفرينيا) هو اضطراب تعدد الشخصية
دائماً ما تُعرف السكيزوفرينيا على أنها اضطراب تعدد الشخصيات، لكن الثاني اضطراب نفسي مختلف تماماً. ومع أن مصطلح السكيزوفرينيا يترجم حرفياً إلى «انقسام الدماغ»، لكنه يشير إلى اضطراب في التوازن المعتاد بين العواطف والتفكير.
قد يعاني المريض من انفصال ملحوظ عن الواقع، إلى جانب الهلوسة والأوهام، واضطرابات في التفكير والكلام. وهو مرض نفسي مزمن يحتاج لعلاج مدى الحياة. بينما يعد اضطراب تعدد الشخصية، الذي يُطلق عليه الآن اضطراب الهوية الانفصالية، شكلاً متطرفاً من أشكال الانفصال، ويتميز بانقسام جذري في شخصية المريض إلى شخصيتين أو ربما أكثر.
-
استخدام الزبد والثلج لعلاج الحروق
استخدام الزبد والثلج لعلاج الحروق علاج شعبي قديم، وما زال كثير منا يستخدم العلاجات الشعبية، ولسبب ما يبدو أن الحروق تجذب كثيراً من الأساطير والعلاجات الغريبة. ربما بسبب شدّة الألم، الذي يجعلنا في حالة يأس شديد للبحث عن أي مسكن.
تكمن المشكلة هنا أن استخدام الزبد أو الثلج يزيد من تفاقم المشكلة، فمن المعروف أن تغطية الحرق بأي مادة باردة من شأنه أن يخفف من الألم قليلاً. لكن هذا التخفيف لن يدوم طويلاً، كما أن منع الهواء يمكنه أن يحتفظ بالحرارة على الجلد، فيؤدي إلى استمرار حرقه.
وبالنظر إلى أن الحروق السطحية تلتئم سريعاً من تلقاء نفسها، فإننا نفترض بالخطأ أن مثل هذه الحلول ستجدي بينما يكون الحرق في الواقع أفضل حالاً بدون استخدامها.
تختلف إرشادات الإسعافات الأولية من بلد إلى آخر بالنسبة للحروق، لكن تظل النصيحة الشائعة هي أنه بعد إزالة أي ملابس ومجوهرات، يجب أن يُوضع مكان الحرق تحت الماء البارد على الأقل لمدة 20 دقيقة. حيث يساعد الماء البارد في تخدير المكان عن طريق تبريده، لكنه يمنع الجلد أيضاً من الاستمرار في الاحتراق، كما يبدو أنه يساعد الجرح على الالتئام.
-
بعض اللقاحات قد تسبب التوحد
تعد هذه من أخطر الأساطير الطبية؛ لأن مشاكلها قد تؤدي إلى كوارث على حياة الأطفال.
بدأ الخوف من أن بعض اللقاحات قد تزيد من خطر الإصابة بالتوحد في أواخر التسعينيات، حيث وصفت ورقة بحثية، نشرها الجراح البريطاني «أندرو ويكفيلد» في عام 1997، لأول مرة وجود صلة بين لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، والإصابة بمرض التوحد.
تسبب الأمر في انخفاض معدلات التطعيم في ذلك الوقت، لكن بعد إجراء العديد من الأبحاث والدراسات الأخرى، لم يجد الباحثون أي رابط بين هذه اللقاحات وبين زيادة خطر الإصابة بالتوحد.
تم سحب الورقة البحثية، بعد أن فقدت مصداقيتها، وتم سحب رخصة العمل من الطبيب أندرو ويكفيلد. تبقى الأسباب وراء الإصابة بالتوحد غير معروفة حتى الآن، وافترضت بعض الأبحاث الحالية أن المرض قد يتطور بداخل الرحم.
إن مدى انتشار هذه الأساطير لا يعني بالضرورة صحتها، فنحن الآن في عصر تتوافر فيه المعلومات في كل مكان وبكل سهولة، فمن الواجب علينا التحقق من كل شيء قبل تصديقه.