7 من أغرب طرق العلاج الشعبي المعتمدة قديماً

5 دقائق

إذا أردنا تحديد متى بدأ الإنسان القديم ممارسة الطب على وجه الدقة، ستكون العملية شاقة ومرهقة؛ حيث أنه من الصعب معرفة تصور الإنسان البدائي عن الموت أو المرض. فقد عرف الإنسان القديم أهمية الأعشاب والنباتات المنتشرة حوله في البيئة، والقدرات العلاجية لدى بعضها عن طريق التجربة المباشرة، حيث تذوق بنفسه الأعشاب، ليرى أيها تصلح كغذاءٍ أو دواء. من هنا نشأ مفهوم الطب الشعبي، والمستمر حتى يومنا هذا في بعض المناطق.

 

لم يصل الإنسان القديم إلى تأويلٍ واضح حول أسباب المرض أو الموت، فكل حضارة كانت تفسر الأمر حسب عاداتها وتقاليدها. وكان يتم علاج الأمراض العادية، مثل نزلات البرد وحالات الإمساك، عن طريق الأعشاب. إلا أن هناك أمراض أخرى لم يجدوا لها تفسيراً سوى أنها حدثت نتيجة وجود قوى عُليا خارقة، كلعنةٍ ألقيت على المريض من قِبل ساحر، أو روح شريرة، أو أنه قد حل عليه سخط أحد الآلهة.  إليكم 7 من أغرب الطرق القديمة التي تم اتباعها لعلاج بعض الأمراض..

 

  1. ثقب الجمجمة (التربنة)

حقوق الصورة: g.garitan/wikimedia commons

 

بالرغم من كونها واحدةً من أقدم الأساليب الجراحية المعروف -إذ تعود وفقاً لبعض المؤرخين إلى 7000 سنة مضت- إلا أنها كان أكثرهم قسوة وفظاعة، وانتشرت في جميع الحضارات الإنسانية القديمة. كانت تتم العملية عن طريق عمل ثقب في جمجمة المريض باستخدام مطرقة وإزميل. والهدف من هذا الأسلوب غير معروف على وجه التحديد، لكن يُعتقد أنه كان العلاج الشائع لأمراضٍ عدة، مثل الصرع والصداع وجلطات الدم والخراجات. في هذه الحالات، كان يُعد المريض مجنوناً نتيجة سيطرة روح شريرة عليه، ما يجعله يخضع لتلك العملية القاسية لطرد الأرواح منه حتى يعود إلى رشده.

 

  1. العلاج بالزئبق

حقوق الصورة: متحف لندن للعلوم

 

 من المعروف حالياً أن الزئبق من المواد السامة الخطرة على صحة الإنسان، إلا أنه كان من أكثر المواد المستخدمة قديماً في العلاج. فقد صنع الفرس والإغريق منه المراهم وصنفوه من المواد الثمينة، بينما اعتقد الصينيون أن للزئبق الأحمر قدرات خارقة تساعد على إطالة العمر وإعطاء الحيوية والنشاط للمرء، حتى أن بعض المعالجين اعتقدوا أنه إن تناول المرء شراباً مكوناً من الزئبق والكبريت والزرنيخ، فإنه سيحظى بحياة أبدية، ويستطيع المشي على الماء. هذا المزيج الغريب راح ضحيته الامبراطور الصيني «تشين شي هوانج» من أسرة شين (259ق.م – 210ق.م)، الذي مات بسبب تناوله حبوب مصنوعة من الزئبق، حيث اعتقد أنها صُممت لتجعله خالداً.

 

ظل الزئبق مستخدماً منذ عصر النهضة في أوروبا وحتى القرن العشرين، وكان العلاج الأمثل للأمراض المنتقلة جنسياً كالزهري والسيلان. صحيح أنه كان يساعد في زوال المرض، إلا أنه كان يؤدي إلى الوفاة لاحقاً؛ بسبب الدمار الذي يسببه للكبد والكلى.

 

  1. معجون الفئران لعلاج الأسنان

انتشرت آلام الأسنان بشكلٍ كبير في مصر القديمة بسبب العادات الغذائية الغريبة، حيث كان غذائهم يضم الرمل كعنصر أساسي، وكثرة تناوله تؤثر بمرور الوقت على طبقة المينا في الأسنان، فتضعفها.

 

لعلاج آلام الأسنان، توصل أطباء قدماء المصريين إلى أن الفئران الميتة هي العلاج المناسب، فكان يتم طحن الفئران الميتة وتحويلها إلى معجون، يتم وضعه في المناطق المصابة من فم المريض، وفي الحالات الحرجة كان يتم طحن فأر كامل. بالطبع كانت النتائج كارثية، فوضع أنسجة ميتة ومتعفنة على أسنانٍ وضروسٍ تالفة مكشوفة الأعصاب، سيحول الآلام المبرحة التي يشعر بها المريض، إلى إصابةٍ بعدوى كاملة.

 

  1. دماء الوطاويط والزجاج الساخن لعلاج العيون

تسببت درجات الحرارة العالية والعواصف الرملية بالكثير من الضرر لأعين المصريين القدماء، وكانت طريقة العلاج المعتمدة هي دماء الوطاويط ، اعتقاداً بأنه طالما تستطيع الوطاويط الطيران في الليل بكل سلاسةٍ ويسر دون أن تصطدم بشيء، فإن وضع بضع قطراتٍ في أعين المريض من دمائها، ستساعده على الشفاء وتقوّي بصره.

 

لم يقتصر العلاج على دماء الوطاويط فقط، فوفقاً لكتاب «الطب الغريب: التاريخ الصادم لطرق علاجية قديمة عبر العصور»، فإن علاج المياه البيضاء في مصر القديمة كان يتم عن طريق وضع قطع الزجاج الساخن في أعين المرضى.

 

  1. العلاج بالهيروين

تعد شركة باير الألمانية، التي تأسست عام 1863، من القوى الرائدة في صناعة الأدوية في العالم، لكنها بدأت مسيرتها في تصنيع الأدوية، عن طريق تقديم الهيروين كشرابٍ لعلاج الكحة عام 1898، وكذلك لعلاج الأرق وآلام الظهر.[1]

 

كان الأسبرين والهيروين رأسي الحربة بالنسبة لشركة باير، حيث كانا أكثر علاجين متداولين في الأسواق لعلاج أمراضٍ عدة، مثل نزلات البرد، والكحة، والآلام المزمنة؛ ما أكسب الشركة ثروة هائلة طوال عقد التسعينات من القرن التاسع عشر. تناول الدواء مرضى من كافة الأعمار، وتم توزيعه لكل دول العالم تقريباً.

 

وفي عام 1914، مُنع الهيروين من التداول داخل الولايات المتحدة الأمريكية بعد ثبوت أنه قد يسبب الإدمان، وبعد عشر سنواتٍ حظرت منظمة الصحة العالمية الدواء تماماً، وأصبح الهيروين يستخدم طبياً تحت ظروفٍ صارمة جداً.

 

  1. التخسيس بالدودة الشريطية

في العصر الفيكتوري في المملكة المتحدة، ظهرت هذه الحمية الغريبة لدى النساء، والتي تتلخص في أن تبتلع المراة كبسولة تحتوى على يرقات الدودة الشريطية التي تفقس داخل معدة المرأة، ثم تتناول المرأة ما تشاء من طعامٍ بالكميات التي تريدها دون أي قلق من زيادة الوزن، لأن الدودة الشريطية بداخلها ستتكفل بتناول الطعام الزائد عن حاجتها.

 

كان الغرض من هذه الحمية هو أن تصل المرأة لمعايير الجمال المطلوبة في ذلك العصر، التي كانت تشترط عليها أن تكون باهتة وبشرتها شاحبة وعيونها واسعة، ووجنتيها وشفتيها متضرجتان بالحمرة، وبالطبع الخصر النحيل، والذي من أجل الحصول عليه ترتدي المرأة مشدات ضيقة؛ ما يؤدي إلى تغيير البنية العظمية لجسدها، وأماكن أعضائها الداخلية، فتغدو المرأة أشبه بمريض السل.

 

أثبتت هذه الحمية فشلها الذريع وضررها الكبير على المرأة، حيث تصاب بالغثيان والقيء والإسهال المزمن؛ بسبب وجود الدودة التي تنمو وتكبر حتى تصل إلى أحجامٍ كبيرة قد تصل إلى طول مترين ونصف داخل جسد المريض.

 

  1. قطع الفص الجبهي للمخ لعلاج الانفصام

الطب النفسي هو آخر أقسام الطب تطوراً، ذلك لأنه حتى بدايات القرن العشرين، لم يكن هناك تعريف واضح للعديد من الأمراض النفسية مثل الفصام والذهان، وبالتالي لم يكن هناك علاج محدد لها، فكان العلاج يتم إما بغمر المريض بالمياه، أو بصعقه بالكهرباء، أو تقييده وتركه في غرفةٍ منعزلة.

 

لكن في ثلاثينيات القرن العشرين، توصل الطبيب البرتغالي «إيجاز مونيز» إلى طريقة غريبة لعلاج المرضى النفسيين، عن طريق قطع الموصلات العصبية بين نصفي المخ، وذلك لتخفيف الأعراض التي يعاني منها المريض. في البداية بدا أن الأمر ناجح، حيث أظهر مونيز نتائج تجاربه على المرضى الذين بدوا في أتم صحة مقارنةً بما كانوا عليه قبل العملية، وهو ما جلب لمونيز جائزة نوبل في الطب عام 1949.

 

لكن بعد سنواتٍ، ثبت أن المرضى لم يُشفوا من مرضهم، بل زادت حالتهم سوءاً، فقد انخفضت بشكلٍ ملحوظ درجات الوعي الذاتي والاستجابة والعفوية، وعانى المرضى من جمودٍ وقصورٍ في القدرات العقلية، وتوفي العديد ممن خضعوا للعملية كنتيجةٍ للعملية ذاتها، وأقدم آخرون على الانتحار، وأصيب بعضهم بتلفٍ شديد بالمخ وإعاقات، وظهر على بعضهم ولمدة أسابيع وشهور أعراض الذهول والاضطراب وعدم القدرة على التحكم في عملية الإخراج، وازدياد الشهية؛ ما أدى إلى اكتساب الوزن بشكلٍ كبير، كما كانت النوبات الصرعية عرضاً جانبياً واضحاً في الكثير من المرضى.

 

خضع ما يقرب من  40 ألف مريض في الولايات المتحدة وحدها للعملية، قبل أن يتم منع إجرائها تماماً عام 1970. 

 

من حسن حظ المرضى أن الطب دائم التطور على مدار العصور، فلا أحد يتخيل أن يُعالج الآن عن طريق الزئبق أو الزجاج أو أن يتناول الهيروين. صحيح أن الطب الشعبي ما زال يُمارس على نطاقٍ واسع في دولٍ كثيرة، وبعضها يستخدم طرق غريبة في العلاج، لكن يبقى هو الاستثناء وليس القاعدة الثابتة كما كان الأمر قديماً. 

 

المصدر: 

[1]: Heroin Assisted Treatment, international Drug Policy Consortium, July 2010, page 1.

المحتوى محمي