كان هذا الموسم من الإنفلونزا مخيفاً، إذ انتشر الفيروس في معظم الولايات المتحدة في آن واحد، وأدت سلالة H3N2 الشديدة إلى دخول الكثيرين إلى المستشفى. وفي حين أننا لا نعرف بعد فيما إذا كانت الوفيات المرتبطة بالإنفلونزا هي أكثر انتشاراً هذا العام من المتوسط، فإننا نعلم بأن 80% من الأطفال الذين لقوا حتفهم حتى الآن لم يحصلوا على اللقاحات.
في كل عام، لا يحصل سوى 60% من الأطفال دون سن 18 على لقاح الإنفلونزا، وذلك دون حساب أولئك الذين تقل أعمارهم عن ستة أشهر ممن هم أصغر من أن يحصلوا على اللقاح. وهذه النسبة في الواقع هي أفضل من تلك النسبة عند البالغين، والذين يبلغ متوسط التغطية لديهم حوالي 40%، ولكن من الواضح بأن العديد من الآباء والأمهات لا يشعرون بأولوية اللقاح. لا أحد يريد أن يموت طفله بسبب الإنفلونزا. فما الذي يجب على الآباء الخائفين فعله؟
كيف أعرف متى يجب آخذ طفلي إلى المستشفى؟
يمكن أن يكون من السهل الخلط بين الإنفلونزا وغيرها من أنواع العدوى الأقل شدة، ولكن هناك بعض العلامات التي يجب الانتباه لها. وتقول آن شوتشات - مديرة مراكز السيطرة على الأمراض بالإنابة: "بشكل عام، فإن العلامات المثيرة للقلق هي درجة الحرارة المرتفعة جداً، وصعوبة أو ضيق في التنفس، وسرعة ضربات القلب أو التنفس السريع السطحي، والتعب الشديد أو الارتباك. ويكون هذا النوع من الأعراض صعب التقييم عند الأطفال الصغار، ولذلك فإننا نعتقد حقاً بأن الاتصال بطبيب الأطفال أو الممرضة مهم جداً".
ويُذكر بأن هناك خط ساخن تابع لمراكز السيطرة على الأمراض في الولايات المتحدة، ويمكن للأميركيين الاتصال بالرقم (800-CDC-INFO) للحصول على معلومات حول بعض الأمور مثل الإنفلونزا. كما يمكن الاتصال بطبيب الأطفال أيضاً.
وتشدّد شوتشات أيضاً على أن هناك علامة واحدة أخرى أقل شهرة، وهي أن تبدأ بالتحسن، ثم تبدو فجأة أسوأ بكثير. وتضيف: "هذا يمكن أن يشير إلى أنك تعاني من الالتهاب الرئوي البكتيري الثانوي. يجب عليك بكل تأكيد أن تنتبه فيما إذا كان يحدث ذلك".
ويحدث الالتهاب الرئوي البكتيري الثانوي عندما تؤدي عدوى الإنفلونزا الفيروسية للمريض إلى انتقال بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية غير المؤذية إلى الرئتين. ويمكن لهذه البكتيريا في الرئتين أن تؤدي إلى حالة متقدمة من الالتهاب الرئوي البكتيري، والذي يسبب معظم وفيات الإنفلونزا. وتنتشر العدوى بسرعة عندما يكون الجهاز المناعي مشغولاً بمواجهة أحد الفيروسات، ولذلك قد يتحسن المريض يوماً واحداً، ثم يتطلب المضادات الحيوية الوريدية في اليوم التالي.
إذا كان طفلك يبدي أي من العلامات التي ذكرتها شوتشات - ارتفاع درجة الحرارة أو صعوبة التنفس أو سرعة ضربات القلب أو التعب أو الارتباك - فيجب عليك الاتصال بالطبيب على الأقل. فأنت بذلك لا تبالغ في التصرف أو الشك.
ماذا يمكنني أن أفعل لوقاية طفلي من المرض؟
الجواب الأهم هنا هو حصول طفلك على لقاح الإنفلونزا. فلم يفت الأوان للحصول على اللقاح (نحن في منتصف الموسم تقريباً)، وحتى لو لم يمنع اللقاح من الإصابة بالإنفلونزا تماماً، فإنه يقلل من الأعراض التي يمكن أن تسبب الموت. ويمكنه في الواقع أن يقي طفلك من الإصابة بالإنفلونزا على الإطلاق.
إذا كان طفلك قد حصل بالفعل على اللقاح، فإن الخطوة التالية سوف تبدو واضحة بشكل بديهي، وهي جعلهم يغسلون أيديهم دائماً.
هناك سوء فهم شائع بأننا نصاب بالإنفلونزا عن طريق مشاركة المأكولات والمشروبات مع المرضى، كأن لا نشرب المياه من نفس الكوب التي شرب منها شخص مصاب بالإنفلونزا. ولكننا عادة ما نحصل على الفيروس عن طريق لمس الأسطح التي لمسها المرضى، ثم لمس وجوهنا، وخاصة بالقرب من أنوفنا. يحدث الأمر من خلال الكوب الذي تقوم بلمسه لتنظيفه بعد أن انتقل إليه الفيروس عن طريق شخص آخر، وليس عن طريق السائل الذي بداخله. وذلك لأنه لا يوجد الكثير من فيروس الإنفلونزا في اللعاب، وتعدّ المعدة جيدة جداً في قتل الكائنات الحية الواردة بكل الأحوال. فنحن أكثر عرضة للفيروسات التي تدخل من خلال الأنف.
اجعل أطفالك يغسلون أيديهم عندما يعودون إلى البيت من المدرسة وذكرهم بأن يفعلوا ذلك وهم بعيدون عن المنزل أيضاً. وحتى الأطباء والممرضات يقومون بنشر العدوى في المستشفيات بعدم غسل أيديهم بما فيه الكفاية، ويمكننا جميعاً وقاية أنفسنا من الكثير من الأمراض عند استخدام الصابون بشكل أكثر قليلاً. ملاحظة: لا تستخدم الماء الساخن، فهذا من الأخطاء الأساسية. إذ إنه يمنعك من غسل يديك لفترة طويلة بما فيه الكفاية دون قتل كمية البكتيريا التي يتم قتلها بالماء الفاتر. قم بغسل اليدين بدرجة حرارة يمكنك تحملها لفترة جيدة وطويلة مع الفرك بالصابون.
لماذا يموت الكثير من الأطفال بسبب الإنفلونزا هذا العام؟
نحن لا نعرف حتى الآن فيما إذا كان هذا الموسم مميتاً بشكل خاص. إذ تتأخر بيانات الوفيات المرتبطة بالإنفلونزا بضعة أسابيع أكثر من معلومات الترصد الأخرى، وذلك لأن تقارير الطب الشرعي يجب أن تمر من خلال النظام قبل أن تصل إلى قاعدة بيانات مراكز السيطرة على الأمراض.
وفي الوقت الراهن، فإننا نعلم بأن 53 طفلاً لقوا حتفهم بسبب الإنفلونزا حتى الآن. ويقول دان جرنيجان - مدير قسم الإنفلونزا في مراكز السيطرة على الأمراض - بأن مجموع الوفيات يتراوح بين 37 و171 خلال مواسم الإنفلونزا العادية. ويضيف: "كان أعلى معدل خلال وباء 2009، حيث تم الإبلاغ عن 358 حالة من وفيات الأطفال". أما بالنسبة لهذا العام، فيوضح بأن "حوالي 20٪ فقط من هؤلاء الأطفال المتوفين قد حصلوا على اللقاح، وكان نصف هؤلاء الأطفال بصحة جيدة". وكان اثنان فقط من بين تلك الوفيات من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0-5 أشهر، وهم أصغر من أن يحصلوا على لقاح الإنفلونزا.
يبدو ذلك كله مرعباً للآباء والأمهات، ولكن مراكز السيطرة على الأمراض تؤكد على أن أفضل طريقة لحماية أطفالك هو جعلهم يحصلون على اللقاحات وتعليمهم عادات غسل اليدين الجيدة. ولسوء الحظ، يموت الأطفال بسبب الإنفلونزا كل عام، وليس فقط خلال "موسم الإنفلونزا". ولكن ليس هناك ضرر في أن تكون أكثر حذراً من المعتاد. وما على الآباء إلا أن يتذكروا بأنه ليس هناك أعراض بسيطة جداً لا تستدعي الاتصال بالمختصين.