سواء أكنت قد عقدت العزم على التمتّع بقوام جيد في شهر يناير أم لا، فإن شهر العضلات في بوبيولار ساينس هدفه تعليمك بعض الأمور حول التمدّد والتقلّص والرفع والتمزق العضلي واكتساب الوزن وأكثر من ذلك بكثير.
عند تصفحّك لأي منتدى لرفع الأثقال أو كمال الأجسام، من السهل عليك أن تشعر بأن الكثير يفوتك. إذ يقوم الناس بمشاركة ومناقشة نصائح حول المكملات الغذائية للأحماض الأمينية متفرعة السلسلة (BCAAs) وحمض هيدروكسي ميثيل بوتيرات (HMB) وأنواع مختلفة من مساحيق البروتين وكأن هذه الأشياء يجب أن يعرفها -ويستخدمها- كل رواد الصالة الرياضية. وحتى رافعو الأثقال والعدّائون المتمرّسون يمكنهم أن يشعروا بأنهم يرتكبون خطأً ما بسبب عدم أخذ المكمّلات.
وإليكم الحقيقة: معظمها غير ضروري على الإطلاق. يمكنك توفير الكثير من الوقت والمال من خلال تناول نظام غذائي صحي ومتوازن والذي يحتوي على كمية بروتين تكفي لتلبية احتياجاتك. ولكنك تقرأ هذا المقال للحصول على النصيحة بشأن المكمّلات، لا لأن يتم إخبارك بعدم أخذها. وبالتالي، إليك الحقائق التي توصل إليها العلم:
المكمّلان الوحيدان اللازمان
بقدر إزعاج ثرثرة روّاد الصالة الرياضية حول مساحيق البروتينات، إلا أنهم محقّون بشأن أمر واحد، وهو أنه من المهم الحصول على ما يكفي من البروتين لدعم برنامج التمارين الرياضية. لا يحتاج العدّاؤون وغيرهم من الأشخاص الذين يمارسون التمارين القلبية نفس القدر، نظراً لأنهم لا يضغطون على أنفسهم من أجل البناء النشط للعضلات الذي يسعى إليه رافعو الأثقال أو لاعبو كمال الأجسام. (لمعرفة ذلك، يمكنك الاطلاع على دليلنا حول مقدار البروتين الذي يجب أن تحصل عليه). ولكن هذا لا يعني بأنه لا ينبغي عليك الانتباه إلى مقدار البروتين الذي تتناوله.
إن التمارين الرياضية -وخاصة تدريبات القوة- تُجهد عضلاتك، وبذلك يعرف جسدك بأنه من المفترض عليه أن يبني المزيد منها. وإذا كنت لا تتناول كمية كافية من البروتين، فلن يكون لديك الوحدات الأساسية من الأحماض الأمينية اللازمة لتغذية نمو تلك العضلات. وينتهي بك الأمر ببذل الكثير من الجهد من أجل لا شيء.
يقول غريغ ناكولس -وهو مدرّب ورافع أثقال حائز على أرقام قياسية وخبير في موقع Stronger By Science: "إنني أرى عموماً بأنه يجب عليك أن تحاول الحصول على البروتين من مصادر الأطعمة الكاملة إن أمكن. ولكن إذا كنت لا تحب الأطعمة الغنية بالبروتين، أو إذا كنت مشغولاً وليس لديك الوقت للجلوس وتناول مجموعة من الطعام، فمن الجيد أخذ مخفوق البروتين للتأكد من تلبية احتياجاتك".
الخيار الراسخ الآخر هو الكرياتين. يقول ناكولس: "الكرياتين رائع. هناك الكثير من الأساطير حول الكرياتين بأنه يسبب الجفاف ويؤذي الكلى، وهذا كله هراء". ولكنه يحذّر بأن هذا لا يعني أن تتوقع النتائج بين يوم وليلة.
والكرياتين هو حمض أميني موجود في عضلات الجسم وفي الدماغ ويعمل بشكل أساسي كما يلي: تستخدم عضلاتك جزيئاً يسمّى الأدينوزين ثلاثي الفوسفات (ATP) لإمدادها بالطاقة اللازمة للتقلص. وهي تقوم بذلك عن طريق إزالة إحدى مجموعات الفوسفات الموجودة في الأدينوزين ثلاثي الفوسفات وتحويله إلى أدينوزين ثنائي الفوسفات (ADP). إن إزالة هذه المجموعة هي الطريقة التي تشعر بها بتقلص العضلات، ويستغرق الأمر بعض الوقت حتى يقوم جسمك بإعادة تحويل الأدينوزين ثنائي الفوسفات إلى أدينوزين ثلاثي الفوسفات قابل للاستخدام. ويمكن أن يساعد الكرياتين في ذلك من خلال كونه أحد أنواع المصادر الاحتياطية لمجموعات الفوسفات. ويمكن للعضلات التي تحتوي على الكرياتين المخزّن أن تزيل مجموعة من هناك وتربطها بالأدونيزين ثنائي الفوسفات المنتشر حولها. وبالتالي، يصبح لديك كمية أكبر من الأدينوزين ثلاثي الفوسفات لاستخدامها. كما أنه يعمل كمثبط ضعيف، وذلك بمنع انخفاض درجة الحموضة داخل العضلات بشكل أكثر من اللازم وتأخير التعب.
كل هذا يعني بأن الكرياتين يساعد عضلاتك على العمل بشكل أقوى بقليل لفترة أطول قليلاً. ويوضح ناكولس: "في النهاية، ما يعنيه ذلك هو أنك عندما تتدرب، فقد تتعافى بشكل أسرع قليلاً بين الجلسات، وقد تتمكن من القيام بتمارين أكثر بين الجلسات، ويتراكم كل ذلك مع مرور الوقت ليؤدي إلى مكاسب أكبر بقليل في كتلة العضلات وقوتها". ويعدّ الفارق صغيراً (يشير أحد تحليلات التلوّي إلى نسبة تتراوح من 8 إلى 14 بالمئة) على الرغم من أن الفارق يمكن أن يكون أكبر إذا كان تناولك للكرياتين منخفضاً عند البدء، كما لو كنت نباتياً (يمكنك الحصول على الكرياتين الغذائي من تناول لحوم الحيوانات).
ولكن هذا ينطبق عليك فقط إذا كنت تضغط على نفسك في التمارين. فالدراسات التي تقوم فيها مجموعتان بالقيام بنفس القدر تماماً من التمارين بحيث لا تقوم أي مجموعة بالضغط على نفسها إلى الحد الأقصى، باستثناء أن إحدى المجموعتين تحصل على مكملات الكرياتين، تُظهر بأن الكرياتين لا يعطيك عضلات أكبر إذا لم تقم بتمارين إضافية.
يقول ناكولس: "قبل ذلك، فإن أي شيء آخر كان يتم التوصية به بالنسبة لبناء العضلات كان نوعاً من الجدل استناداً إلى آليات لا تحتوي على بيانات واضحة تدعمك". ولم تنجح الدراسات التي أجريت على بعض المكملات مثل الليوسين، والذي اقترحته بعض الأبحاث المبكرة لأنه يمكنه أن يؤدي إلى بدء عملية بناء العضلات داخل الخلايا. ولا يزال ينطوي البعض الآخر -مثل الكافيين والسيترولين- على أدلة أكثر غموضاً. وتشير بعض الدراسات إلى أنها تساعد على زيادة إنتاجية القوة أو تعزيز القدرة على التحمّل العضلي، في حين أن البعض الآخر من الدراسات لا تُظهر أي تأثير. ولتعقيد الأمور بشكل أكبر، هناك القليل من الدراسات التي تتبعت الرياضيين الذين يأخذون المكملات أو لا يأخذونها لتحديد ما إذا كانت هناك فوائد ملموسة. ويوضح ناكولس: "هناك على الأرجح بضعة أشياء من هذا القبيل يمكنها أن تحسّن التمارين قليلاً، لكننا لا نعلم بصدق في هذه المرحلة فيما إذا كانت ستؤدي بالفعل إلى نمو العضلات في المستقبل. في هذه المرحلة، إن البروتين والكرياتين هما المكمّلان الوحيدان اللذان أشعر بالأريحية حقاً للتوصية بهما".
كيف أختار المكمّلات؟
تمتلئ رفوف الصيدليات بالمكملات. أما محلات بيع المكملات، فهي تحتوي أضعاف ذلك بلا شك. إذا كنت تعرف أي شيء عن كيفية تنظيم هذه الحبوب والمساحيق -أو بالأحرى إذ كنت تعرف بأنها فعالة أو ليست كذلك- فهناك أيضاً الكثير من المخاوف بشأن المعادن الثقيلة في حبوب الفيتامينات والبروتينات التي لا تحتوي في الواقع على المادة التي تدّعي احتواءها.
ووجدت دراسة استقصائية في مجلة كونسومر ريبورتس (Consumer Reports) في عام 2010 معادن ثقيلة في العديد من العينات التي خضعت للاختبار، وكان بعضها بتركيزات مرتفعة بما يكفي لإثارة قلق الأشخاص الذين يتناولون المسحوق بشكل منتظم. ووجدت دراسة أخرى في عام 2018 من مشروع كلين ليبل بروجكت (Clean Label Project) مشاكل مماثلة، حيث تحتوي المساحيق النباتية في الغالب على معظم المعادن الثقيلة (يتواجد الزرنيخ بشكل طبيعي في العديد من النباتات). إذا كان لديك صنف تجاري تحبه بالفعل أو كنت تبحث عن شراء صنف تجاري جديد، فإن ناكولس ينصح بالتحقق من شركة لابدور (Labdoor) التي تُعني بتقييم المكمّلات لمعرفة كيفية أداء الشركة المصنعة. يقوم الموقع بإجراء اختبار مستقل للنقاء والجودة، وعلى الرغم من أنه لا يحتوي على كل الأصناف التجارية، إلا أنه يستحق التحقق منه لمعرفة فيما إذا كان المنتج الذي اخترته قد تم اختباره أم لا.
وحتى إذا كان منتجك المفضل خالياً من المعادن، فقد تكتشف بأنه لا يحتوي على البروتين بالكمية التي يدّعيها. ويشرح ناكولس قائلاً: "إنهم يستخدمون عملية تعرف باسم زيادة الأحماض الأمينية، حيث يأخذون بعض الأحماض الأمينية المفصولة الرخيصة، ويضيفون حفنة منها إلى المسحوق. إنها أرخص بالنسبة لهم من وضع البروتين الكامل، ولكنها ليست جيدة مثله". تحتوي بعض المساحيق على نسبة أقل بما يتراوح من 20 إلى 25 بالمئة من البروتين القابل للاستخدام بالمقارنة مما هو مذكور على ملصق العبوة.
وهذا هو السبب في كون ناكولس يشتري بالجملة. فهو يوضّح: "إن منتجات المكملات المشهورة تعتمد بشكل كبير على التسويق الجيد والصنف التجاري، وهي تبيع بشكل عام إلى المستهلكين غير المطّلعين كثيراً. وإذا تبيّن بأن منتجاتها تحتوي على أشياء سيئة أو أن جرعاتها ناقصة، فإن ذلك لن يؤدي في النهاية إلى الإضرار كثيراً [بالأصناف التجارية للمكملات]. حيث يمكنهم أن يغيروا الملصق فقط وأن يقولوا بأنهم أعادوا التركيب، ويستمروا في البيع لنفس الأشخاص." ليس لديهم حافز حقيقي ليكونوا أفضل. أما بائعو الجملة من ناحية أخرى، فإنهم يبيعون إلى الشركات المصنعة والتي تعرف ما يقومون به. قد تكون هذه الشركات مشكوكاً فيها -كما يقول ناكولس- ولكنها تريد أن تعرف بالضبط ما الذي تحتويه منتجاتها، وإذا تم خداعهم من قبل أحد بائعي الجملة، فمن غير المرجح أن يعودوا إليه مرة أخرى. وهذا يعني بأن هيكلية الحوافز لدى تجار الجملة تعزّز المنتجات عالية الجودة، بالإضافة إلى أنها أرخص بكثير.
مهما كانت المكمّلات التي تهتم بها، فمن المحتمل أن يزودك بائعو الجملة بمنتج ذي جودة أعلى مقابل مبلغ أقل من المال. ما عليك سوى معرفة ما تبحث عنه.
إن بروتين مصل اللبن هو المكمّل المسحوق الأكثر شيوعاً لأنه رخيص ويمكن الحصول عليه بسهولة، فهو منتج ثانوي لعملية صنع الجبن، ولكن من المحتمل أيضاً أن تكون مصادر البروتين الأخرى جيدة. يتم هضم الكازين بشكل أبطأ قليلاً ويعاني عدد أكبر من الناس من الحساسية له، ولكن إذا كان بوسعك أن تهضم مساحيق الكازين، فإنها تختلط بشكل أفضل بكثير. ويوضّح ناكولس: "إن مصل اللبن ينحلّ، ولكن الكازين يتميّه". وهذا يعني بأنه يختلط في وعاء الخلاط مع القوام الرغوي لمخفوق الحليب الرقيق، بالإضافة إلى أنه بإمكانك أن تطبخه ولا يترك في الفم ذلك الطعم المرّ الحامض الذي يتركه مصل اللبن. ليس ناكولس شخصاً يفسد كعكة التشيز كيك المثالية من خلال جعلها كعكة بروتينية، ولكنه يقول بأنه يمكنك إعداد "كعكة وفل بروتينية لذيذة بشكل صحيح" مع الكازين، وكعك مفن لذيذ جداً أيضاً. وكما هو حال البدائل مثل بياض البيض (الألبومين) أو بروتين لحم البقر المعزول، فإنها جميعاً بنفس جودة بعضها. يقول ناكلوس بأنه غير واثق بما يكفي ليقول بأن الصويا بالضرورة بمثل جودة مصل اللبن أو الكازين، ولكنه أيضاً غير واثق من أنهما أفضل من الصويا. وإذا كنت نباتياً، فالصويا هي بالتأكيد أفضل ما ستحصل عليه.
نصحني صديق الرياضي بأحد أنواع المكملات بشدة، فهل يجب على استخدامه؟
الكثير منا لديهم شيء من الهوس بتحسين أجسادهم. ومن الطبيعي السعي وراء مستويات التستوستيرون المثالية أو العدد المثالي من التمارين في كل جلسة، فنحن نريد أن نكون بأفضل ما يمكننا. ونصيحتنا بالالتزام بالأساسيات هي غير مُرضية أبداً على الأرجح.
إذا كنت غير مقتنع، أو كنت تريد أن تجرّب بعض المكملات الغريبة التي تعتقد بأنها قد تكون فعالة، فنحن هنا في بوبيولار ساينس نرغب على الأقل في أن تقوم بذلك بشكل آمن. ابدأ بالتحقق من الصنف التجاري على موقع لابدور (labdoor) -فهو يقيّم منتجات أكثر بكثير من البروتين والكازين!- للتأكد من أنك لا تتناول شيئاً ساماً. وإذا كنت تريد أن تبحث أكثر في المصادر العلمية ولكنك تفتقر إلى القدرة على قراءة الدراسات الأكاديمية المركزة، فحاول أن تبحث في موقع إكزامين (Examine)، فهو يضم خبراء يقومون بمراجعة الأدلة الخاصة بمختلف المكملات والنصائح الغذائية لمعرفة مدى صحتها تحت التدقيق، وكلها ملخصة بلغة من السهل فهمها.
قد لا تزال ترغب بتجربة شيء تقول هذه المصادر بأنه من غير المرجح أن يفيد كثيراً، ولا بأس بذلك. ما عليك سوى أن تتأكد من أنك لا تتناول شيئاً من المحتمل أن يكون خطيراً، واستمر في السعي وراء هذه المكاسب.